Take a fresh look at your lifestyle.

مع الحديث الشريف باب فضيلة الإمام العادل وعقوبة الجائر والحث على الرفق بالرعية والنهي عن إدخال المشقة عليهم

نحييكُم جميعا أيها الأحبةُ في كلِ مكانٍ، في حَلْقَةٍ جديدةٍ من برنامجِكُم “مع الحديثِ الشريفِ” ونبدأُ بخيرِ تحيةٍ، فالسلامُ عليكُم ورحمةُ اللهِ وبركاتُه.

جاءَ في صحيحِ الإمامِ مسلمٍ في شرحِ النووي “بتصرفٍ” في ” بابِ فضيلةِ الإمامِ العادلِ وعقوبةِ الجائرِ والحثِّ على الرفقِ بالرعيةِ والنهيِ عن إدخالِ المشقةِ عليهِم”:

حدثنا أبو غسانَ الْمِسْمَعِيُّ وإسحقُ بنُ إبراهيمَ ومحمدُ بنُ المثنى قال إسحقُ: أخبرنا وقالَ الآخران حدثنا معاذُ بنُ هشامٍ حدثني أبي عن قتادةَ عن أبي المليحِ، أن عبيدَ اللهِ بنَ زيادٍ دخلَ على مَعْقِلٍ بنِ يَسارٍ في مرضِهِ فقالَ له مَعْقِلٌ: إني محدثُكَ بحديثٍ لولا أني في الموتِ لم أحدثْكَ به، سمعتُ رسولَ اللهِ صلى اللهٌ عليه وسلمَ يقولُ: “ما من أميرٍ يليْ أمرَ المسلمينَ ثم لا يَجْهَدُ لهم وينصحُ إلا لم يدخلْ معهُم الجنةَ”.

إن اللهَ تعالى وضعَ الحاكمَ في منصبِ التكليفِ لا التشريفِ، وحمّلَهُ مسؤوليةً كبيرةً لا تطاولَها مسؤوليةٌ، فهو مسئولٌ عن كل فردٍ من أفرادِ الرعيةِ، إن قصَّرَ في حقِهِ حُوسِبَ، وإن ظلَمَهُ اقتصَّ منه، بل هو مسؤولٌ عن البلادِ والعبادِ وعن الخيراتِ والأنعامِ والأموالِ وصناعةِ الأمجادِ، لذلكَ نفهمُ قولَ عمرَ رضي اللهُ عنه “لو أن دابةً عثرَت في أرضِ العراقِ، لخشيتُ أن يسألَنيَ اللهُ عنها يومَ القيامةِ، لماذا لمْ تسوِ لها الطريقَ يا عمرُ”، هذا نتاجُ الخوفِ من اللهِ الجبارِ، الخوفُ من السؤالِ عن دابةٍ.

أيها المسلمون: هل أصبحْتُم عندَ حكامِكُم أهونَ من الدابةِ التي رفقَ بها عمرُ؟ لماذا لا يُسألُ الحكامُ؟ لماذا لا تسوّوا لنا الطريقَ أيها الحكامُ؟ بل لماذا لم ترفعوا عنا ظلمَكُم وقهرَكُم لنا؟ بل لماذا لا تحكُموننا بكتابِ ربِنا، اترُكونا لأنفسِنا فنحنُ نريدُ أن نتعبدَ اللهَ تعالى ونحتَكِمَ لشرعِهِ، مَلَلْنا كفرَكُم وظلمَكُم وفسقَكُم، مَلَلْنا كذبَكُم وفجورَكُم والانبطاحَ أمامَ أعدائِنا الذينَ هم أولياؤكُم. يا حكامَ ما بعدَ الثورةِ، ألم يأتِكُم نبأُ مَنْ قَبْلَكُم من الحكامِ؟

يا صنائعَ الغربِ الكافرِ، الأمةُ تحركَت وهي الآنَ تقفُ على قدمٍ ونصفٍ، وما هيَ إلا أوقاتٌ قليلةٌ حتى تثبُتَ، وتستويَ أقدامُها على أرضٍ صُلبةٍ، لتحملَ سلاحَها بيدٍ وكتابَ ربِها باليدِ الأخرى، فلا تجعلوا من أنفسِكُم، ولا من غبائِكُم وعمالتِكُم مرمًى لسلاحِها، فالأمةُ قد عرفَتْ هدفَها وغايتَها، وأدركَت طريقتَها، وسارَت على نهجِ ربِها، تريدُ اقتلاعَ الكفرِ من أرضِها، وتحكيمَ شرعِ ربِها، من خلالِ دولةِ الخلافةِ الراشدةِ الثانيةِ على منهاجِ النبوةِ، التي وعدَ بها ربُ العزة،ِ وبشَّرَ بها رسولُهُ الكريمُ محمدٌ صلى اللهُ عليه وسلمَ، فاللهُمَ عجلْ لنا بها، واجعلْنا من العاملينَ المخلصينَ لإقامتِها، واجعلْنا من جنودِها ومن شهدائِها ورعاياها، لنعيشَ يوما في أكنافِها نتظللُ أفياءَها، اللهم آمين آمين.

 

احبتنا الكرامُ، وإلى حينِ أن نلقاكُم مع حديثٍ نبويٍ آخرٍ، نتركُكُم في رعايةِ اللهِ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

 

 

كتبه للإذاعة: أبو مريم