خبر وتعليق ((أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ))
الخبر:
ذكرت صحيفة القدس العربي على موقعها الإلكتروني الخبر التالي: “أثارت فتوى، قتل المسلم المرتد” التي أصدرتها هيئة علماء المغرب نقاشا واسعا، بين مؤيد ومعارض يحذر من العودة إلى القرون الوسطى.
التعليق:
أما أن حكم المرتد عن الإسلام سواء كان رجلا أو امرأة حكمه القتل فهذا صحيح؛ وذلك لما رواه الإمام البخاري في صحيحه من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “من بدل دينه فاقتلوه”
وأيضاً فقد أخرج الدارقطني والبيهقي عن جابر: “أن أم مروان ارتدت فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بأن يعرض عليها الإسلام فإن تابت وإلا قتلت”
لكن السؤال الذي يفرض نفسه على هيئة علماء المغرب، هل غاب عنهم أن الشارع سبحانه وتعالى عندما فرض على المسلمين حكما، قد عين لهم كيفية تنفيذه، وهل غاب عنهم أن الجهة المخولة بتنفيذ هذا الحكم هي الدولة الإسلامية، وليس أي جهة أخرى سواء كانت دولة أم جماعة أم فردا.
إن دولة المغرب ليست هي الجهة المخولة شرعا بتطبيق حكم الردة، فشكل الدولة في المغرب ملكي وهذا مخالف لشكل الدولة في الإسلام، ونظام الحكم المطبق فيها هو علماني وهذا أيضا مخالف لنظام الحكم في الإسلام وهو “الخلافة”، فإن كانت هيئة علماء المغرب قد أطلقت هذه الفتيا لتنفذها المملكة المغربية، وهم يرون أن نظام الحكم والنظام الاقتصادي والنظام الاجتماعي وغيرها من أنظمة المجتمع، ليس لها علاقة في الإسلام لا من قريب ولا من بعيد، بل إن الإسلام أقصي عن واقع حياة الناس تماما، فتركوا كل ذلك وراء ظهورهم واهتموا بهذه الجزئية، فإني أخشى أن ينطبق عليهم قول الله سبحانه وتعالى: ((….أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاء مَن يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ)).
ومما يزيد الطين بلة أن تطلق مثل هذه الفتاوى ويطلق للناس جماعات وأفراد أخذ الأمر بأيديهم مما ينبئ بعموم الفوضى والفساد في البلاد، واستشراء القتل والذبح بين العباد.
أما إن كان إطلاق هذه الفتيا من قبل هيئة علماء المغرب لمجرد العلم وليس للعمل بها فتلك هي الطامة الكبرى، فأحكام الله لم تنزل للتحذلق بها في حلق العلم، وعبر وسائل الإعلام، وإنما للتقيد بها والعمل بموجبها وفق ما أمر الله سبحانه وتعالى؛ ولذلك كان على هيئة علماء المغرب أن تعمل مع العاملين المخلصين لإسقاط نظام الحكم في المغرب، وقلعه من جذوره، وإقامة الخلافة الراشدة على أنقاضه، الخلافة التي تضع أحكام الإسلام كلها موضع التطبيق والتنفيذ، ففي ذلك الرفعة والسؤدد، وفي ذلك العزة والمجد، والحياة الكريمة، وفي ذلك عز الدنيا والفلاح في الآخرة.
((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ * وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ))
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
أبو دجانة