خبر وتعليق مشروعية التجسس على المواطنين في النظام الديمقراطي
الخبر:
في صباح يوم الأربعاء ٢٤/٠٤/٢٠١٣ أصدرت المحكمة الدستورية العليا في ألمانيا قرارا بمشروعية القانون المسمى ملف مكافحة الإرهاب وأقرته دستوريا، مع التحفظ على جزئية منه لتعارضها مع قانون حماية الحرية الشخصية. وقد عقدت المحكمة بناء على دعوى قضائية وشكوى رفعها أحد القضاة لدى أعلى محكمة في ألمانيا وهي المحكمة الدستورية يطلب إيقاف القانون لتعارضه كليا مع حقوق الإنسان والحرية الشخصية.
التعليق:
قانون ملف مكافحة الإرهاب صدر في ٢٢/١٢/٢٠٠٦ أي قبيل عطلة عيد الميلاد السنوية وإجازات البرلمان وانشغال الناس بالأعياد، مما يقلل من فرصة انتقاده أو تعطيله، وهو منذ بداية الحديث عنه كان محل انتقاد واسع من مؤسسات المجتمع المعنية بحقوق الإنسان وحماية المواطن والحفاظ على حرياته في الدولة الديمقراطية وشبهة التجسس على المواطنين بدون إثباتات وإنما بالشبهة استنادا إلى بينات مزعومة على رأسها المظهر الخارجي كإطلاق اللحية وارتداء السروال، أو أصل المشتبه وعرقه من مثل الأفغان أو الانتماء العقائدي أو الفكري، وهذه كلها مجتمعة تتحقق في المسلمين من أي عرق وجنس كانوا، فأصبحوا بالجملة مشتبهاً بهم أنهم إرهابيون وأن عليهم إثبات عكس ذلك. فالمسلم عندهم متهم حتى يثبت براءته وذلك بالتعاون معهم والتجسس على إخوانه.
والقانون هذا يعطي الحق لجهاز المخابرات وبالتعاون مع الشرطة وقوات حماية الحدود والجيش ووزارة الداخلية وإدارة الضرائب على الصعيدين الاتحادي والولايات يعطيه الحق ويلزم هذه الدوائر وغيرها من المؤسسات بحفظ أسماء كل من يشتبه بهم بالانتماء إلى حركات إرهابية أو مساندتها أو دعمها وكذلك كل من له صلة بهؤلاء المشتبه بهم من أقاربهم وزملائهم وجيرانهم، ويصرح القانون لهم بمتابعة تحركاتهم جميعهم في الزيارات والأسفار والاتصلات الأرضية والشبكية وحساباتهم البنكية والحركة المالية وغيرها من أجل الحصول على معلومات تفيد -على حد زعمهم- في محاربة الإرهاب، كما ينص القانون على حفظ هذه المعلومات في ملفات أمنية في أجهزة الحواسيب المتصلة في شبكة مكافحة الإرهاب -ومن هنا جاءت التسمية- وقد زاد عدد الأشخاص الملاحقين حتى الآن عن ١٧٠٠٠٠ شخص كما صرح بذلك أحد مسؤولي أجهزة المخابرات الألمانية مع العلم أن المشتبه بهم مباشرة لا يزيدون عن الأربعمائة شخص بتقديرهم. وقد أقرت المحكمة الدستورية هذه الملفات ومحتوياتها مع طلب مراجعة بعض مكوناتها من مثل أسماء أشخاص ليسوا على صلة مباشرة بالمشتبه بهم مثل زملائهم أو زبائنهم أو جيرانهم.
من المعلوم أن قوانين مكافحة الإرهاب بشكل عام صدرت بعد أحداث الحادي عشر من أيلول سبتمبر عام ٢٠٠١ في نيويورك والتي اتهم بها المسلمون عامة وحركة القاعدة خاصة. ومنذ ذلك التاريخ أصبح دم المسلم وعرضه وأهله وأقرباؤه وماله كل ذلك أصبح مستباحا بالشبهة أو حتى بشبهة القربة أو الجيرة أو الاتصال بمشبوهين أمنيا ولو بشكل عرضي وبدون خلفية أو دوافع سياسية ناهيك عن التواصل بمن اتهموهم مباشرة بالإرهاب.
هذه هي قوانينهم فيما يسمى بدولة القانون المدني التي يخالفون بها مبادئهم المبنية كذبا على أساس الحريات التي يجعلونها بهذه القوانين وأمثالها في مهب الريح بجرة قلم. أما عندما يدافع المسلم عن نفسه وعرضه ودينه أو يحافظ على مبدئه فإنه يتهم بالإرهاب والتطرف.
ليس بعيدا ذلك اليوم الذي سيجبرهم ليس على إعادة حساباتهم فحسب وإنما على الاعتذار عما بدر منهم ودفع تعويضات للمتضررين والجزية عن يد وهم صاغرون، ولو أن فيهم عقلاء لأدركوا قرب ذلك اليوم ولكن طبع الله على قلوبهم وعلى أفئدتهم غشاوة.
سيف الحق / أبو فراس