خبر وتعليق الحكّام يدحرجون قضية فلسطين في منحدر تنازلات لا ينتهي
الخبر:
تناقلت وكالات الأنباء خبر تعديل مبادرة السلام العربية كما أكّدت الإدارة الأمريكية (الجزيرة- حصاد اليوم 30/4/2013)، وذلك بعد اجتماع وفد الجامعة العربية مع وزير الخارجية الأميركي جون كيري بواشنطن الاثنين (29/4/2013)، ورحبت “إسرائيل” بالموقف الجديد للدول العربية، التي وافقت على تعديل حدود الرابع من حزيران عام 1967. وربطت وزيرة خارجية “إسرائيل” التسوية بالتطبيع (الجزيرة نت 30/4/2013). وفي طريق عودته من أمريكا، زار وزير الخارجية القطري مصر الثلاثاء 30/4/2013، بعدما ترأس وفد الجامعة العربية إلى أمريكا، وقد ضم الوفد وزراء خارجية مصر، والسعودية، والأردن، والمغرب، وفلسطين، والأمين العام للجامعة العربية (العربية نت 30/4/2013).
التعليق:
إن مبادرة السلام العربية التي قامت على التطبيع الكامل مع الاحتلال اليهودي هي مبادرة باطلة سياسيا وشرعيا قبل تقزيمها، إذ هي تضفي الشرعية على الاحتلال اليهودي فوق جل أرض فلسطين، وتمكّنه من مد جسور العبور إلى وجدان الأمة عبر التطبيع المشرّط عليه فيها. وتأتي هذه الموافقة على تعديل المبادرة لتضيف مزيدا من التخلي عن تراب فلسطين لليهود، ولتزيد من فظاعة الجريمة النكراء التي تمارسها الأنظمة العربية.
وإن هذا الدفع نحو مبادرة السلام ونحو تعديلها يكشف عن احتياج أمريكا إلى إطفاء حالة الصراع مع دولة اليهود، من أجل مواجهة “الحريق” الهائل الذي يجتاح نفوذها في الشام، ولأجل مواجهة النَّفَس الثوري فيها، وخصوصا أن الثوار يرسمون طريقهم للقدس بعد دمشق على خطى صلاح الدين الأيوبي، مما يستوجب أن تلتحم قضية فلسطين بثورة الشام، ويوجب على المسلمين التصدي للمؤامرات التي تحاك على الصعيدين.
ويفضح هذا الخبر الدور القطري المتآمر على قضية فلسطين، والسّاعي إلى تقزيمها بما يلبي متطلبات دولة اليهود، وهو بذلك يعري تصريحات بعض القادة الفلسطينيين من أن قطر تخدم قضية فلسطين، إذ ما انفكت قطر تمد جسور العلاقات الودية مع الاحتلال اليهودي وتسير في دفع مسيرة التنازلات بلا كلل.
وهو يكشف عن خذلان بقية حكام الدول العربية ومشاركتهم في هذه المؤامرة، لا فرق فيهم بين من تسلّط على الأمة من قبل الثورات ومن تسلق عليها من بعدها، إذ شاركت مصر-الثورة(!) في وفد الجامعة، وعاد الوزير القطري إليها ليحبك التنازلات الجديدة مع النظام المصري. وهو أيضا يكشف عن دور النظام السعودي المتمسح بالإسلام، وهو الذي كان قد بادر إلى عرض مبادرة السلام العربية على الجامعة العربية عام 2002، بعد مبادرة فهد للسلام عام 1982.
وإن ترحيب “إسرائيل” بالتعديل يؤكد أن تعنّت “نتنياهو” وحكومته قد أثمر دحرجة قضية فلسطين إلى مزيد من التنازلات، وهو ما يدفع اليهود إلى طلب المزيد طالما أن الحكام يرضخون في كل مرة، وطالما أن ثورات الربيع العربي قد أنتجت أنظمة عربية تجدد التزامات الأنظمة الهالكة بالسلام مع اليهود. وقد تمكّن اليهود من جعل التطبيع استحقاقا ملزما للأنظمة العربية، حتى دون شرطها السابق في الانسحاب إلى حدود الرابع من حزيران.
إن هؤلاء الحكام غير مؤتمنين على قضية فلسطين، وإن قيادة فلسطينية ترهن القضية بأيدي هؤلاء الحكام المتخاذلين هي شريكة لهم بالجرم، وخصوصا وهي تصدر شهادات حسن سلوك لهذه الأنظمة. لذلك آن الأوان لسحب البساط من تحت أرجل من يختطف قضية فلسطين، ووضعها على أجندة ثوار الشام لا على طاولة الحكام.
الدكتور ماهر الجعبري
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في فلسطين