خبر وتعليق ثوب المهانة والقهر الذي أُلبسته المرأة في القِدَم يعود من جديد
أصبح المشدّ الفكتوري سيئ السمعة والذي انتشر في القرن التاسع عشر رمزا لحالة القهر والمهانة الذي وصلت إليها المرأة. فلأنها تريد أن تظهر بمظهر جذاب للرجال كان عليها أن تلبس ثوبا يعيد رفع أعضائها ويضيق على رئتيها إلى درجة أن الكثير من النساء أصبن بالإغماء نتيجة لارتدائه. لكن الصحة والعافية في العصر الفكتوري كانتا أمرا ثانويا أمام القالب الشكلي الذي لا بد أن تتناسب معه النساء حينها.
واليوم وفي القرن الواحد والعشرين سنعتقد قطعا أن هذا النوع من اللباس هو من نسج التاريخ والخيال لكن مع كل ذلك كان هنالك ارتفاعٌ ملحوظٌ في استخدام مشدّ ما بعد الولادة بين النساء اللاتي أنجبن طفلهن خاصة بعدما اعترفت الممثلة الأمريكية (جيسيكا ألبا) أنها تلبس واحدا بعد كل مرة أنجبت فيها كل طفل من طفليها وقالت: (إنه أمر وحشي لكن يستحق العناء الذي بذل لأجله).
وهناك العديد من الماركات التجارية التي تبيع مثل هذا المنتج فتهرع النساء للحصول على لباس التعذيب هذا بعد ساعات قليلة من عذاب الولادة. ومع أن الكثير من النساء يجادلن في أنه ساعد في انقباض عضلات معدتهن وأن له فوائد صحية إلا أنه لا دليل على ذلك كما صرح حديثا د. إدوارد ر. لاسكوسكي، المختص في الطب الرياضي، فقال أنه مجرد “ضغط مؤقت للدهون وإعادة توزيع لها حول البطن”.
إن حقيقة وجود مناقشة في عالم الجمال حول هذه المشدات وأنها خيار للعودة للشكل السابق الذي كانت عليه للمرأة والذي عُدّ استخدام مثيله لأكثر من قرن مضى أمرا مفروغا من كونه لباس قمع وقهر للمرأة يسلط الضوء على الفشل المطلق للنضال النسوي في الغرب. ذلك لأن الحركة النسوية قامت لتحطيم الأغلال والقوالب النمطية التي حطت من قيمة المرأة وقللت من شأنها فجعلت منها مجرد أشياء جميلة. ومع ذلك كله ها نحن نرى بعد قرن أو يزيد نقاشات تعتبر مقبولة بل يُشاد بها تتعلق بالتسبب بآلام مستمرة للمرأة للوصول إلى الجمال الذي يرضى عنه الرجل والمجتمع.
هذا كله لأن المرأة في ظل الحركات النسوية وعلى الرغم من أنها استيقظت في الغرب وبدأت القتال لنيل حقوقها لم تدرك أن النظام عندها لم يستيقظ بعد. ذلك النظام الذي بقي هو هو نظاما رأسماليا يضع دوما تحصيل المال على رأس أولوياته ولو على حساب صحة وعافية الناس.
ففي حين قاتلت المرأة لتكون كما الرجل لتعامل مثله وتدخل سوق العمل دعمت الرأسمالية هذا الأمر كونه يحقق لها ربحا ماديا. فعمل المرأة بالنسبة لهذا النظام سيزيد الإيرادات والدخل المحلي للبلاد. وفي حين قاتلت المرأة لتلبس كما تريد وتتصرف كما تريد دعمت الرأسمالية هذا الأمر بل ودعمت المرأة في المطالبة فيه لتستخدمها جنسيا في الإعلام والدعاية لتشجيع الرجال على الشراء. الأمر أبدا لم يكن دعما لنضال المرأة بل سعيا لتحقيق الإيرادات.
إنه هذا النظام الذي لم يأبه أبدا لحقوق المرأة ولم يملك يوما شيئا لراحتها ورفاهيتها، والذي يستمر الآن في تدمير حياة النساء. إنه النظام الذي لا يهتم للتقدم الذي أحرزته النساء سواء أكان قرنا أم يوما، فهو لا يهتم إلا بمدى شعور النساء بالسوء الشديد من شكل أجسادهن ليهرعن عندها لشراء المكياج والمشدات للشعور بحال أفضل. إنه بديمومة وجود صور النساء جميلات الجسد في الأماكن العامة ليبقى الرجال دائمي الاهتمام والشراء لكل ما يتعلق بذلك.
إنه لا بد للنساء أن يعلمن أن صراعهن لأجل الحقوق والقيم لن يصل لشيء في ظل نظام لا يأبه أبدا. إن كنّ يردن حقوقا وقيمة حقيقية ثابتة مجسدة عمليا وذات أولوية مهما حدث فالبديل الوحيد هو الإسلام.
إن حقوق أي مجموعة من البشر ذكورا أو إناثا مسلمين وغير مسلمين لن تتغير أبدا بتغير الفوائد المجنية أو الخسائر في ظل الإسلام والذي هو حكم الله تعالى الذي وضعه هو عز وجل وحدد أحكامه. والحاكم في الإسلام مسؤول أمام الله تعالى عن تنفيذ حكم الله كما يريد الله تعالى. وبهذا فالنظرة للمرأة تعرف دوما بالأحاديث كما هذا الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم:
“الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة” رواه مسلم.
والذي يؤكد أن قيمة المرأة في شخصيتها وفضائلها تبقى هي القيمة التي يراها بها المجتمع.
((وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَىٰ لِلْمُسْلِمِينَ)) [النحل:89]
شوهانا خان
الممثلة الإعلامية للنساء في بريطانيا