Take a fresh look at your lifestyle.

خبر وتعليق إطمئنَّ يا عصيد، لن نترك ديننا لنتبع تُرَّهات دينك الجديد


الخبر:

انتقد أحمد عصيد في كلمة له منشورة على موقع اليوتيوب الطريقة التي تقدم بها رسالة النبي محمد صلى الله عليه وسلم في المقررات الدراسية والتي هي رسالة تهديدية “أسلم تسلم”، قبل أن يضيف بأن الرسالة التي تدرس في المقررات الدراسية المغربية لتلاميذ في سن السادسة عشرة “هي في الحقيقة رسالة إرهابية” لأنها ترتبط بسياق كان “الدين فيه ينشر بالسيف والعنف” على حد تعبيره. واستنكر تدريسها على أنها من “القيم العليا للإسلام” وأنْ هكذا “النبي تكلم مع ملوك ذلك الزمان”. وكان عصيد يتحدث في ندوة حقوقية نظمتها “الجمعية المغربية لحقوق الإنسان”، على هامش انعقاد مؤتمرها العاشر الذي التأم ما بين 19 و21 أبريل بالرباط. وعزا عصيد في مداخلته، وجود مثل هذا التأويل في المقررات الدراسية إلى سيطرة إيديولوجية معينة على المنظومة التربوية المغربية.


التعليق:

إنه لمما يحز في القلوب ويبكي المقل دماً أن يتجرأ أمثال هذا العصيد على سيد الخلق، فيتفوه بمثل هذا الكلام، ويتهم تعاليم سيد البشرية بالإرهاب. ومما يحز في القلب أيضاً أنه لما قام يدفع عن نفسه التهمة، ويتبرأ مما قال (موقع هسبريس في 30/4/2013)، اعتذر بما هو أقبح من زلته، فقال، إن رسالة النبي (هكذا دون تعظيم) إذا وُضعت في سياق عصرها، فإنها لا تطرح أيَّ إشكال، لكن أن يقال نفس الكلام في زماننا هذا فإنه يعتبر إرهاباً، لأنه ينافي فكرة أن الإسلام دين التسامح والحوار والسلم، وأن أي اجتهاد شرعي يخالف منظومة حقوق الإنسان غير مقبول، وأنه ينبغي تشجيع العلماء السائرين في طريق التنوير والتجديد في الدين.

يقع هذا في دولة (الملك، أمير المومنين، حامي حمى الملة والدين) التي احتضنت مؤتمرا دوليا حول ازدراء الأديان بعد بث فيلم يتهجم على سيد الخلق عليه الصلاة والسلام بينما يهان رسول الله صلوات ربي عليه في عقر داره دون أن نرى أي استنكار، فماذا لو قيل ما قيل في حق من قال فيه الدستور (شخص الملك لا تنتهك حرمته، وللملك واجب التوقير والاحترام)؟ كما ويقع هذا في ولاية “حكومة الإسلاميين” التي نطق رئيسها على استحياء بصفته الحزبية في المؤتمر الوطني لشبيبة حزبه قائلا “إنه ليس من المعقول التعريض للرسول صلى الله عليه وسلم، لأنه سيد الخلق.. ولا نقبل بهذا” دون أن يتبع قوله بالفعل فيرينا دليل عدم قبوله. بينما وجدنا وزيره في العدل مصطفى الرميد يسارع لتحريك مسطرة المتابعة في حق الشيخ النهاري لما ذكر الأثر “اقتلوا من لا غيرة له” في رده على الغزيوي الذي دعى للحرية الجنسية واعتبر ذلك تحريضا على القتل. فهل بلغ الحال بتمسك حكومة الإسلاميين بالكرسي ودَفْعِها عن نفسها لتهمة التشدد أن تسكت عن وصم دعوة ورسالة رسول الله بالإرهاب؟

أما عن اتهام عصيد لنبي الهدى عليه أفضل الصلاة والتسليم فنبشره وحِلْفه بقول العزيز الجبار: ((وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)) وبقوله: ((إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُهِيناً)).

إن مشكلة عصيد وأضرابه ممن تربوا على موائد الغرب الفكرية، هي أنهم، وإن كانوا من بني جلدتنا ويتكلمون بلساننا، إلا أنهم يفكرون بعقلية غربية، وينظرون إلينا وإلى الأحكام الشرعية بنظارات غربية، فبدل أن يستشعروا عزة الإسلام وأهله في رسالة نبي الهدى إلى ملوك الأرض: “أسلم تسلم”، فيتيهوا فخراً بها، ويَحِنُّوا إلى ذلك العصر ويشتاقوا إليه، ويتمنوا لو أن الله يعيد الكرَّة إلينا من جديد فنعزَّ كما عزَّ أسلافنا، ونحمل رسالة الإسلام للعالمين رسالة هدى ونور كما حملوها، ونخاطب ملوك الأرض بمثل ما خاطب به رسول الله صلى الله عليه وسلم هرقل عظيم الروم «بسم الله الرحمن الرحيم من محمد بن عبد الله إلى هرقل عظيم الروم: سلام على من اتبع الهدى، أما بعد فإنى أدعوك بدعوة الإسلام أسلم تسلم يؤتك الله أجرك مرتين، فإن توليت فعليك إثم جميع الأريسيِين. (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ)»، بدل ذلك تمتلئ قلوبهم رعباً من تلك الجملة لأنهم يُحسُّون أنها قاصمة لمبادئ الغرب الفكرية ودوله الاستعمارية، لذلك يعتبرونها إرهاباً يجب التبرؤ منه والتعتيم عليه لكي لا ينشأ من أبنائنا جيلٌ يحمل مثل هذه الفكرة ويعمل على إعادة إيجادها في الواقع.

أما نحن فإنا نُشهد الله أنا نحب هذه الجملة ونفخر بها، ونُدرِّسها لأولادنا، بل نرضعها لهم مع حليب أمهاتهم، فينشؤوا أعزاء بدينهم، فخورين بتاريخهم المضيء.

وأما عن تبَرُّئِه فنقول، لقد أعلن عصيد ما أبطنه العلمانيون وهو مقياس تقرير ما “يُقبل” وما “يُرفض” من الأحكام الشرعية، بل ومن يجب أن “يُشجَّع” من العلماء والفقهاء، ومن يجب أن يُمنع ويضطهد. فبدل أن يكون القرآن الكريم والسنة النبوية المشرفة والقواعد الأصولية المعتبرة هي الضابط لاستنباط الأحكام الشرعية، أصبحت منظومة حقوق الإنسان والفكر الغربي عموماً هي الحارس الذي يجب أن يوضع على الأحكام الشرعية، وما سايرهما مقبولٌ وما خالفهما مرفوض. وأصبح الميثاق العالمي لحقوق الإنسان الموحى به من ((تشالز مالك وألكسندر بوغومولوف وبينغ تشنغ ورينيه كاسين وإليانور روزفلت وتشارلز ديوكس ووليام هودغسون وهيرنان سانتا كروز وجون هومفيري)) مُقَدَّماً على كلام رب العالمين الذي ((لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ )) [فصلت: 42] ومُقَدَّماً على كلام سيد الخلق عليه الصلاة والسلام الذي قال الحق سبحانه في شأنه (( بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى * وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى)) [سورة النجم: 1-4]. يجب بحسب دين العلمانية أن يخضع الشرع والوحي لأهواء مفكري الغرب ومنظريه، وأن يكون فكر روسو وسارتر وأمثالهما سقفاً محفوظاً لما أنزله الله من فوق سبع سماوات، فالعلمانية والديمقراطية ومنظومة حقوق الإنسان والقيم الكونية… هي الدين الجديد الذي لا يجوز الخروج عنه ومن تجرأ على ذلك، فوصمة الإرهاب مع كل ما يتبعها من قمع وقتل وتشريد جاهزة. ومن اعترض على دعاة الدين الجديد!! فإرهابي محرض على القتل والتكفير هروباً من المنازلة الفكرية واستدعاءً لقانون الإرهاب.

لقد عد العلمانيون الدستور المغربي الجديد، وإنْ رفضه بعضهم، خطوةً متقدمةً ومكْسبًا في طريق بناء الدولة الديمقراطية الحداثية، وما ذلك إلا لتصديره الذي نص على احترام حقوق الإنسان الكونية وعدم قابليتها للتجزيء وعلى سمو الاتفاقيات الدولية. لهذا فإن “العصائد” ستزداد وسنشهد جرأة على عقائد المسلمين وعلى رفض أحكام الإسلام باسم حرية التعبير واحترام حقوق الإنسان. وما على المسلمين إلا أن يعوا على دينهم ويخوضوا غمار الصراع الفكري ليبطلوا زيف العلمانية ويسمعوا “عصائدها” أن لن نتبع ترّهاتكم.

 

 

 

ناصر الدين / المغرب