خبر وتعليق إنهيار مبنى رنا بلازا يفضح فساد حكومة عوامي
الخبر:
انهار مبنى “رنا بلازا” ذي الثمانِية طوابق، الموجود في سافار -وهي منطقة بالقرب من مدينة دكا عاصمة بنغلاديش- في 24 من أبريل 2013م، يوم الأربعاء، وقد تم إنقاذ حوالي 2500 شخص كانوا على قيد الحياة، في حين تم انتشال أكثر من 500 جثة خلال عشرة أيام. وقال شهود عيان أنّه لا يزال هنالك عدد كبير من الجثث في المبنى المنهار. رحمة الله سبحانه وتعالى على جميع المسلمين الّذين لقوا حتفهم في انهيار المبنى، وندعو الله بالشفاء العاجل للمصابين.
التعليق:
أشارت وسائل الإعلام على الفور بأصابع الاتهام إلى صاحب المبنى “سهيل رنا”، الّذي تبين أنّه عضو بارز في هيئة المنتسبين لرابطة عوامي الحاكمة. إنّ النظام الرأسمالي نظامٌ لا يتحمل أحدٌ فيه المسئولية، ابتداءً من رئيس الوزراء إلى أدنى كادر في إدارته. ففي رد فعلها الأولي، نفت رئيسة الوزراء (الشيخة حسينة) بأن يكون صاحب المبنى “رنا” من حزبها، وكررت النفي ثانيةً بعد عشرة أيام، في مقابلة لها مع محطةCNN) ). بل وحاول وزير الداخلية تحميل حزب المعارضة المسئولية، ففي مقابلة له مع راديو بي بي سي، قال: “إنّ المبنى قد انهار بسبب الاهتزازات في بوابة المبنى، الّتي كان يقوم بها رجال حزب الشعب البنغالي بينما كانوا يحاولون فرض الإضراب على المصانع في ذلك اليوم”، إضافةً إلى اتهامه الجيش بعدم الكفاءة في عملية الإنقاذ!
وعند سماع خبر إصابة بعض العمال من جراء تصدّعات خطيرة حصلت في المبنى، قبل يوم من انهياره في 23 من أبريل -حيث نُشر الخبر في إحدى القنوات المحلية- قام الرئيس الإداري للمنطقة والشرطة الصناعية بزيارة المبنى، ولكنهم لم يأمروا بإخلائه، وكان ذلك بسبب ضغطٍ من مالك المبنى على ما يبدو، كما أجبر أصحاب تلك المصانع العمال على العمل في اليوم التالي، حيث كانت تعمل خمسة مصانع للملابس في المبنى وقت انهياره.
وضع القليل من وسائل الإعلام والسياسيين وصناع الرأي اللوم على صاحب المبنى وأصحاب المصانع، والأغلبية منهم وضعوا اللوم على النظام العام، فهو الفاسد حتى النخاع، وهو الّذي لم يعمل على منع حدوث مثل هذه المأساة، فسهيل رنا هو الّذي وضع يده على قطعة الأرض الّتي أقام عليها المبنى بشكل غير قانوني، من خلال الرشوة والنفوذ السياسي، واحتفظ بقطعة الأرض من خلال النظام القضائي الفاسد، وقامت بعد ذلك مختلف الدوائر الحكومية ذات التخصص بإعطاء الموافقة والإشراف على جميع أعمال البناء، ولم تُطالب بوقف تشييد المبنى، الّذي بُني على مدار خمس سنوات على أرضٍ رخوة لا تصلح للبناء، إضافة إلى سوء في التصميم وعدم صلاحية مواد البناء… إلخ.
هذه إحدى قصص الفساد والفاسدين في ظل حكومة عوامي وحزب الشعب البنغالي، فالنظام هو المتهم من البداية حتى النهاية. وهنالك الآلاف من أمثال “رنا” في هذا البلد مع الآلاف من المباني والشركات الّتي يستفيد منها السياسيون الفاسدون.
إنّ انهيار المبنى يذكرنا بقول الله سبحانه وتعالى، ((ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ)) [الروم:41].
إنّ هذا البلاء حاصل بسبب سكوت الأمة على أمثال هؤلاء الحكام الذين لا يتحملون المسؤولية، ولو حكمت الأمة بالنظام الّذي أنزله الله سبحانه وتعالى، لكان هناك حكام يحملون مسؤولية هذه الأمة على أكتافهم، كما قال نبينا محمد (صلى الله عليه وسلم): “كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ الْإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ…”، وقال: “مَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ شَيْئًا، فَاحْتَجَبَ عَنْ ضَعَفَةِ الْمُسْلِمِينَ، احْتَجَبَ اللَّهُ عَنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ”.
إنّ علينا مضاعفة جهودنا لإقامة الخلافة، وتنصيب الخليفة، وتطبيق النظام الّذي أنزله الله سبحانه وتعالى، الّذي يطبق الإسلام بصورة شاملة كاملة، وبهذا تزول معاناة الأمة من الفساد والقمع الّذي يعيشون فيه في الوقت الحالي.
محمد ريان حسن / ولاية بنغلاديش