خبر وتعليق هل حقاً يهم تصويت المرأة في الانتخابات البرلمانية في باكستان “مترجم”
الخبر:
نشرت صحيفة الجارديان البريطانية، قبيل الانتخابات البرلمانية في باكستان التي ستعقد في 11آيار/مايو 2013م، مقالا تحت عنوان “النساء في باكستان تواجهن معركة حق التصويت”، ناقشت فيه كيف تم تعميم رسائل في مناطق مختلفة من البلاد تحذر الرجال من عدم السماح لزوجاتهم وأخواتهم وبناتهم للخروج إلى مراكز الاقتراع. في الوقت نفسه تقريبا، أصدرت وكالة اسوشيتد برس مقالا حول قرية ماتيلا الصغيرة، التي قرر رجالها جنبا إلى جنب مع قرى أخرى مجاورة، عدم تصويت نسائهم في هذه الانتخابات البرلمانية.
التعليق:
كما هو متوقع، فقد كانت هناك موجة غضب عبَّر عنها البعض استجابة لهذه القصص، وركزت في المقام الأول على أن هذه الإجراءات التي حرمت المرأة حقها في المشاركة في العملية الانتخابية الديمقراطية كبحت صوت المرأة في الحياة السياسية. إلا أن الذي لم يتم طرحه أبدا من قبل وسائل الإعلام هو السؤال الذي يتعلق بالنفوذ السياسي الفعلي الذي تمارسه أصوات النساء في باكستان (بل وحتى رجالها) في هذه الانتخابات البرلمانية لخلق مستقبل أكثر إشراقا لهذا البلد.
فبغض النظر عن الأصوات التي يتم الإدلاء بها، في إطار النظام الديمقراطي الفاسد في باكستان، فإن سياسة الدولة لا تزال تهيمن عليها فئة من النخب السياسية والأسر الإقطاعية التي تستخدم الانتخابات لمجرد إضفاء الشرعية لاستمرار هذه السلالات السياسية. تلك النخب التي وضعت القوانين لخدمة مصالحها الذاتية واستخدمت مناصبها لجمع ثرواتها الشخصية من ثروة الشعب بدلا من النظر بصدق إلى احتياجات مواطنيها. وبغض النظر عن الحزب السياسي الذي سيكسب في هذه الانتخابات – سواء أكان ذلك حزب الشعب الباكستاني (PPP)، أم حزب الرابطة الإسلامية، أو حركة الإنصاف الباكستانية (PTI) – فإنه لن يقدم أي حلول حقيقية للكم الهائل من المشاكل السياسية والاقتصادية والتعليمية والاجتماعية والقانونية، والأمنية التي تواجهها المرأة في باكستان. على سبيل المثال، عرضت قناة الجزيرة خبرا في السابع من أيار/مايو ناقشت فيه كيف أنه على الرغم من حملة الوعود المنتظمة لتحسين الحالة التي يرثى لها من تعليم الفتيات في البلاد، فقد فشلت الأحزاب السياسية الرئيسية في باكستان في تحقيق تلك الوعود أو الإتيان بخطط واضحة لتنفيذها.
إنه ليس من المستغرب وجود هذا العجز في إيجاد حلول للمشاكل، فكل هذه الأطراف تحتضن النظام الديمقراطي المعيب والمفلس فكريا، حيث البشر، بدلا من خالق الكون هم من يضعون القوانين. وهو النظام الذي لديه إرث، ثبت في باكستان وعبر العالم، في كونه جاهلا عن كيفية حل مشاكل المرأة. هذا النظام الديمقراطي في باكستان هو الذي مكَن تركيز السلطة السياسية في أيدي الفاسدين والحكام غير الأكفاء وملاك الأراضي، الذين انتهجوا سياسة خطف واعتقال وسجن وتعذيب لأولئك الذين يعارضون الظلم والفساد، بمن فيهم أعضاء حزب التحرير المخلصون، وذلك تقليدا للديكتاتوريات جاعلين بذلك الحقوق السياسية للمرأة العادية في باكستان بلا معنى. هذا هو النظام الديمقراطي الذي نفَذ النظام الاقتصادي الربوي المولِّد للديون وغيرها من السياسات الرأسمالية عديمة الجدوى بما في ذلك الضرائب القاسية وخصخصة الموارد الحيوية للدولة. كل هذا قد عرَض النساء في باكستان لأسعار باهظة في المواد الغذائية والغاز وبقية السلع؛ وعرضهن لنقص الكهرباء؛ وتسبب في إنفاق المليارات على خدمة الديون بدلا من التعليم والرعاية الصحية. كما ركزت الثروة في أيدي قلة من الناس بينما تم إفقار الجماهير إلى المستوى الذي يجعل ما يقرب من نصف السكان يعيشون اليوم في الفقر (وفقا لتقرير التنمية البشرية لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي2013). تحت هذا النظام الديمقراطي استمر تعرض النساء في باكستان لمستويات غير مقبولة من التحرش الجنسي، والاغتصاب، والزواج القسري، والاعتداءات بالأحماض، وغيرها من الانتهاكات لكرامتهن وشرفهن.
ومن الواضح أنه في إطار النظام الديمقراطي في باكستان، فإن أصوات النساء (وفي الواقع حتى الرجال)، في هذه الانتخابات هي مجرد حبر على ورق، وسوف لن تترجم إلى إحداث تغيير إيجابي حقيقي داخل البلاد. في الواقع، فإن الدعوة لحقوق المرأة هذه كانت وستبقى مجرد أداة انتخابية من الأحزاب العلمانية في باكستان لتأمين السلطة. إن إحداث تغيير حقيقي لنساء باكستان ولكل المسلمات في جميع أنحاء العالم الإسلامي يتطلب منا كنساء مسلمات أن ننظر إلى أبعد من هكذا انتخابات زائفة، خارج إطار النظم الحالية في بلادنا الإسلامية. إنه يستلزم قيام دولة الخلافة، التي تبني قوانينها على أحكام الله (سبحانه وتعالى) وحده، الذي وضع برحمته وعلمه غير المحدود، منهجا شاملا في القرآن والسنة لكيفية تنظيم الدولة وحل مشكلات المرأة والرجل على حد سواء بطريقة تجلب الأمن والوئام والازدهار، والعدالة للجميع. ومن هذه الرؤية للخلافة يعمل حزب التحرير، ولكن ليس بسياسات ومقترحات غامضة بل بوضع حلول شاملة ومفصلة لمشاكل الأمة، مستندا في كل ذلك على الأدلة الشرعية. على سبيل المثال، فيما يتعلق بتعليم الفتيات، لم يكتف الحزب بجعل توفير مستوى جيد من التعليم للمرأة واجبا على الدولة، لكنه حدد أيضا سياسات مفصلة رامية لإقامة نظام تعليم من الدرجة الأولى لتحقيق ذلك، بما في ذلك كيفية ضمان التدريب الفعال للمعلمين والتمويل الكافي، وتسريع البحث العلمي والتكنولوجي والنهوض بهما. وكذلك ضمان وجود مناهج وطرق التدريس التي تغذي الشخصيات الإسلامية والمفكرين المستنيرين، والطلاب الذين يسعون وراء المعرفة من أجل الثواب والمساهمة بشكل فعال في المجتمع بدلا من مجرد تأمين فرص العمل وتحقيق مكاسب اقتصادية شخصية.
في حين أنه لا جدال في أن الإسلام أعطى المرأة الحق في اختيار الحاكم وممثليها في مجلس الأمة قبل 1400 سنة، فإنه أيضا مما لا لبس فيه أن الانخراط في العملية الديمقراطية من انتخاب النواب والحكام الذين يحكمون بقوانينهم الوضعية بدلا من تلك التي من الله (سبحانه وتعالى) هو محرم في الإسلام، لأنه سبحانه وتعالى يقول: ((إن ٱلحكم إلا لله)) [يوسف: 40]. وعلاوة على ذلك، فإنه ينبغي لأولئك الذين يقدِّرون حقا صوت المرأة المسلمة ونشاطها السياسي، أن يوجهوهن، ليس إلى صناديق الاقتراع لانتخابات برلمانية عقيمة وإنما بدلا من ذلك إلى إحداث تغيير سياسي حقيقي من خلال العمل مع جهودها الكاملة لإقامة الخلافة.
د. نسرين نواز
عضو المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير