خبر وتعليق القانون الأفغاني للقضاء على العنف ضد المرأة
الخبر:
ذكرت “بي بي سي”، و “سي بي سي”، و”الجارديان البريطانية”، والعديد من وسائل الإعلام في جميع أنحاء العالم، في 18 أيار/مايو2013، أن النقاش في البرلمان الأفغاني بشأن قانون القضاء على العنف ضد المرأة (LEVAW) تم إيقافه من قبل بعض النواب الأفغان الذين قالوا بأن بعض أجزاء القانون تنتهك مبادئ الإسلام. دخل القانون حيز التنفيذ في عام 2009 بمرسوم من قبل الرئيس حامد كرزاي لكنه لم يصدّق من قبل البرلمان. طُرح هذا القانون الآن أمام البرلمان من قبل النائب الأفغانية والناشطة في حقوق المرأة فوزية كوفي التي ترغب في أن يثبّت القانون بتصويت برلماني خوفاً من أن يتم إلغاؤه من قبل أي رئيس جديد في المستقبل. يذكر أن القانون، يجرم زواج الأطفال والزواج القسري، والعنف المنزلي، و”البعاد” – الممارسة التقليدية المتمثلة في بيع وشراء النساء لتسوية المنازعات. وقد وصفت عدد من الناشطات في مجال حقوق المرأة وأصوات غربية وعلمانية أخرى فشل صدور القانون بمثابة ضربة ضد حماية وتقدم حقوق المرأة في البلاد.
التعليق:
قوانين مثل “القضاء على العنف ضد المرأة”، أو المعاهدات الدولية المتعلقة بالمرأة مثل اتفاقية “سيداو” CEDAW هي بمثابة ذئاب في ثياب الخراف، تسعى إلى استيراد مزيد من العلمانية الغربية والقيم الليبرالية إلى أفغانستان والبلاد الإسلامية الأخرى من خلال تغليف هذه المثل الفاسدة بشعارات جذابة ومخادعة مثل حقوق المرأة أو منع العنف أو سوء المعاملة للمرأة التي لا يستطيع أي شخص سليم التفكير – مسلما كان أم غيره أن يرفضها. عن طريق خلط مقاييس مثل تجريم الزواج القسري، والعنف المنزلي، و’البعاد’ – وهي أمور يمقتها الإسلام ويرفضها، مع المقاييس التي تتعارض مع الأحكام الاجتماعية الإسلامية مثل تجريم الزواج المبكر الذي أوصى به الإسلام، تحت عناوين مثيرة مثل “منع زواج الأطفال”، يسعى دعاة القيم الغربية المستوحاة من LEVAW وCEDAW لإخفاء قصدهم من تهميش الإسلام ووضع العقيدة الليبرالية العلمانية كأساس يتم من خلاله تعريف حقوق المرأة. والهدف في نهاية المطاف، كما هو الحال في الغرب، هو إعطاء المرأة والرجل ‘الحرية’ في لبس ما يريدون ومتابعة أي أسلوب حياة أو علاقة حميمة يشتهون، بغض النظر عن الفوضى التي ستنتج عنه في الأسرة والمجتمع. وعلاوة على ذلك، تعامل المعلقون العلمانيون الغربيون ووسائل الإعلام مع رفض بعض النواب لهذه القوانين بتلاعب. فاتهموا الإسلام زورا بقبول وتأييد الممارسات القمعية غير الإسلامية مثل الزواج القسري، والعنف ضد المرأة، وتجريدهن من التعليم أو الحياة العامة النشطة. إنها إعادة لفرض الخطاب الاستشراقي الغربي القديم والسرد الزائف بأن الشريعة تضطهد المرأة، والذي تم هندسته ويستمر الترويج له لإبعاد النساء المسلمات عن عقيدتهن وعن دعم الحكم الإسلامي في أراضيهن. كل ذلك لكي تساهم في الحفاظ على الأنظمة الموجودة في العالم الإسلامي لتستمر في تلبية مصالح القوى الغربية بدلا من تلبية مصالح الإسلام وشعوب المنطقة.
مثل هذه القوانين ذات التوجه العلماني والخطاب الغربي حول حقوق المرأة تقدم للمرأة المسلمة خيارا زائفا – إما أن تتبنى الطريقة العلمانية الليبرالية للحياة وقيمها ونظامها، إذا كانت تريد أن تكون خالية من العنف وكذلك الحصول على حقوقها التعليمية والاقتصادية والقانونية، والسياسية، أو الخضوع (حسب زعمهم) ل ‘نسخة متطرفة من الإسلام” التي من شأنها أن تعرضهم للعنف، وعزلهن عن المجتمع، وحرمانهن من جميع الحقوق. كلا الخيارين زائفان لسببين. أولا، قد تتمتع المرأة في الدول العلمانية الغربية بإمكانية الوصول إلى التعليم والرعاية الصحية، والتوظيف، والإدلاء بصوتها سياسيا، لكنها تتصارع أيضا مع مستويات هائلة من التمييز في الحياة العامة فضلا عن انتشار وباء العنف ضدها. في الولايات المتحدة، ثلاث نساء يُقتلن كل يوم على أيدي أزواجهن أو أصدقائهن، بينما تعاني ما يقرب من 20٪ من النساء من جرائم الاغتصاب أو محاولة الاغتصاب. في أوروبا، تواجه واحدة من كل أربع نساء العنف المنزلي، بينما في إنجلترا وويلز، واحدة من بين كل خمس نساء وقعن ضحايا للجريمة الجنسية. وثانيا، إن الحقيقة المعروفة جيدا أن الإسلام هو الذي كان رائداً في منح المرأة كافة حقوقها التعليمية والاقتصادية والسياسية، والقانونية منذ 1400 سنة وكذلك في حظر أي شكل من أشكال الاستغلال أو العنف ضدهن. تلك الحقوق التي تم تأمينها من خلال النظام الرباني الموجود في قوانين الشريعة الإسلامية المنفذة في إطار دولة الخلافة التي كانت بمثابة الوصي والحامي لنسائها لأكثر من 13 قرنا. إن ما تواجهه المرأة اليوم في أفغانستان، وباكستان، وبقية العالم الإسلامي من هضم للحقوق ليس هو بسبب الإسلام ولكن بسبب الأنظمة المفروضة من قبل الغرب التي هي من صنع الإنسان والحكام في أراضينا والتي حلت محل الخلافة. وقد أُجبرت المرأة تحت ظل هذه الأنظمة للنضال من أجل العدالة، أو الدخول في إجراءات قضائية مطولة ومكلفة لتأمين حقوقها التي غالباً ما تنتهي بالفشل بسبب عدم الكفاءة أو الفساد. ولذلك ليس من الممكن للمرأة أن تحصل على حقوقها إلا بتطبيق قوانين وأحكام الله سبحانه وتعالى بشكل تام وشامل تحت نظام الخلافة.
وبالتالي، فإن الدعاة لهذه القوانين العلمانية الليبرالية بحاجة إلى التساؤل بصدق وإخلاص عما حققه النظام العلماني الليبرالي، الذي هو من صنع الإنسان، للمرأة في الغرب والشرق، عندها سيأتون إلى إدراك أن تبني هذه القيم ليس هو الطريق لحماية المرأة من العنف أو انتهاك الحقوق. إضافة إلى ذلك، فإن أولئك النواب الأفغان الذين رفضواLEVAW على أساس أن بعض عناصره تناقض الإسلام، في حاجة أيضا إلى الاعتراف بأن النظام البرلماني الغربي القائم الذي يقوم بتشريع القوانين بدلا من الله (سبحانه وتعالى)، هو في حد ذاته واحد من أعظم الإنتهاكات ضد الإسلام لأنه يعطي السيادة للبشر بدلا من خالق الكون. هذا النظام الديمقراطي هو الذي يعطي أعضاء البرلمان الفرصة لمناقشة فرض القوانين التي تتعارض مع الشريعة الإسلامية. لذلك، إن كانوا مخلصين للإسلام، فإن عليهم أن يرفضوا هذا النظام البرلماني الديمقراطي جنبا إلى جنب مع كل قانون يتعارض مع الشريعة الإسلامية، ويتبنوا مكانه الخلافة التي وحدها سوف تنفذ جميع أحكام الله سبحانه وتعالى وتضمن حماية النساء في أفغانستان والعالم الإسلامي كله من العنف، وحصولهن على حقوقهن المضمونة كاملة تحت نظام الإسلام العادل. يقول الله سبحانه وتعالى: ((يأيہا ٱلناس ٱتقوا ربكم ٱلذى خلقكم من نفس وٲحدة وخلق منہا زوجها وبث منہما رجالا كثيرا ونساء وٱتقوا ٱلله ٱلذى تساءلون به وٱلأرحام إن ٱلله كان عليكم رقيبا)) [سورة النساء: 1].
أم مصعب
عضو المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير