خبر وتعليق ليس هكذا تحل مشكلة التوظيف يا ملكة الأردن
الخبر:
ضمن أعمال المنتدى الاقتصادي العالمي حول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا 2013، قالت الملكة رانيا ملكة الأردن “إن الرؤية الجديدة للتوظيف في العالم العربي تتطلب نهضة إقليمية بإمكاننا القيام بها من خلال المزيد من الإبداع والانفتاح والمرونة والمزيد من الشراكات”، وأضافت: أن “التعليم رغم دوره المحوري إلا أنه لا يجد الاهتمام الكافي في العالم العربي” وتابعت: “يجب أن لا نضع المزيد من الأعذار، وعلينا العمل بشكل أفضل، فأطفالنا يستحقون ذلك وشبابنا يطالبون بذلك ومنطقتنا معتمدة على ذلك”. واختتمت الملكة رانيا العبد الله كلمتها بالقول: نتطلع إلى عالم عربي يقوم به الرياديون بالتعليم.. والمعلمون بالإبداع”.
التعليق:
إن العثور على وظيفة مناسبة في بلدان العالم العربي مهمة شاقة. وبحسب منظمة العمل العربية، فإن معدل البطالة في المنطقة ازداد بنسبة 2% خلال العامين الماضيين ليصل إلى 16%، وستواصل ارتفاعها في المستقبل القريب وستشكل نسبة 17% في عام 2014 أي 20 مليون شخص، وسيصل العدد في العام 2020 إلى نحو 100 مليون عاطل، وهي من أعلى معدلات البطالة في العالم. هذه الظاهرة وما يتبعها من آثار اقتصادية واجتماعية وسياسية ونفسية سواء على مستوى الأفراد أو الدولة تشكل هاجسا للكثير من الأفراد والجماعات.
إن هذه الظاهرة هي من إفرازات النظام الرأسمالي الفاشل والسياسات الاقتصادية التي تتبعها الحكومات والتي تؤدي إلى هدر الثروات خاصة الطبيعية منها والتي لو استثمرت بالشكل الصحيح لأصبح العالم الإسلامي هو المعالج لظاهرة البطالة في العالم والمستوعب الأكبر لليد العاملة فيه. ويضاف إلى ذلك تكدس الثروة في أيدي نفر تتحكم في اقتصاد هذه الدول مضافا إليه قلة رعاية الأنظمة للأفراد وهدر الأموال العامة بلا طائل، حيث تنفق أكثرها على الجانب الأمني والعسكري لحماية العروش وليس الحدود. وعلى النفقات الخاصة لتلك الحكومات الفاسدة وزبانيتها، ولا ننسى خصخصة المال العام مما يزيد الفجوة بين طبقات الناس بحيث يزداد الغني غنى ويزداد الفقير فقرا..
ومن الجدير ذكره أن حوالي 60% من العاطلين عن العمل هم من فئة الشباب الأقل من 25 سنة ومن الحاملين للشهادات العلمية حيث أصبحت مؤسسات التعليم والتدريب كمولد لهذه المشكلة هذا لعدم توافق تعليمها لما هو موجود في سوق العمل، وهذا صورة أخرى من صور انعدام الرعاية والتخطيط الصحيح. فإن ثلثي عدد السكان هم من الشباب فإن فقدوا البوصلة الصحيحة ضاع المجتمع.
وها هو النظام الأردني مثل كل الأنظمة الرأسمالية -متمثلا هنا بالملكة رانية- يستمر في دفن رأسه في الرمال متجاهلا الحق والحقيقة.. فهي تضع أسبابا وحلولا ترقيعية لا تغني ولا تسمن من جوع. حلولاً تكبل اقتصاد البلاد بمزيد من قيود الرأسمالية الجشعة والذي من صوره هذا المنتدى الاقتصادي العالمي الذي يربط هذه الحكومات أكثر بالغرب وبني يهود. تتكلم عن الإبداع والمرونة وهي تعلم أنهم يئدون الإبداع قبل أن يبصر النور بأسس التعليم العقيم والفساد المستشري والمحسوبية والواسطة، فكم من عالم ومبدع ومتفوق هجر البلاد إلى الغرب الذي يتلقفه ويرعاه منتفعا منه ومن إبداعه وتفوقه! تدعي أنهم يهتمون بالشباب وهم أبعد ما يكونون عن رعايتهم والأخذ بأيديهم.
وحتى في دول “الربيع العربي” خاصة تونس ومصر، انتظر الناس وخاصة الشباب تغييرا إلى الأفضل، ولكن ازدادت نسبة البطالة وقل التوظيف وازداد الوضع سوءا، حيث تغيرت الوجوه ولم تتغير الأنظمة، وبقي الفساد بكل أنواعه ووجوهه ومن ضمنه الفساد الاقتصادي، حيث ارتموا أكثر وأكثر في أحضان البنك الدولي ومديونياته، وقلت فرص العمل أكثر وارتفعت نسبة البطالة في مصر بعد الثورة إلى 12.7%، فما بني على باطل هو باطل، وما كان أساسه بعيدا عن شرع الله وأحكامه سيكون بناء واهيا كما جاء في كتابه العزيز: ((مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ مِن دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَآءَ كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا وَإنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنكَبُوتِ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ)).
فلا حل لكل المشاكل الاقتصادية ومن ضمنها البطالة وقلة التوظيف إلا بنظام رباني قائم على تشريع الله الذي خلق فسوى ودَّبر فأحكم التدبير، وليس على نظام بشري قائم على المنفعة والاستغلال. نظام مبني على ثلاثة قوائم: الملكية والتصرف في الملكية وتوزيع الثروة بين الناس بما يشبع الحاجات الأساسية للأفراد ويكفل لهم حياة كريمة هانئة. نظام فيه الحاكم هو الراعي وليس المتحكم في الثروات العامة ينفقها كيفما يشاء ووقتما يشاء وكأنها ملكه الخاص. وهذا لن يتحقق إلا بدولة الخلافة التي تنفذ شرع الله وأحكامه. ولعل هذا اليوم قريب بإذنه تعالى.
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أم صهيب الشامي