خبر وتعليق شرف المرأة هو في أدنى أولويات النظام الرأسمالي
تعرض الفيسبوك لضغوط لنحو أسبوع من حملات تبث مواضيع تحمل في مضمونها الكره للنساء على صفحات الموقع والتي فيها يُمَجَّد العنف ضد المرأة ويُحط من قدرها. كما أنه قد انتشرت على موقع التواصل الاجتماعي نكات وطرائف تتمحور حول الاغتصاب وقد أثار ذلك الكثير من القلق.
لقد استغرق الأمر وقتا قام فيه عدد من المعلنين على صفحات الفيس بسحب إعلاناتهم وكذلك مارست العديد من المنظمات النسائية ضغوطات على إدارة الفيسبوك لتستجيب الإدارة وتتخذ إجراءات في نهاية الأمر. وادعى الفيسبوك أنهم احتاجوا للتفرقة ما بين ما هو (قاس وبلا مشاعر) وبين ما هو (مقيت) قبل أن تزيل هذه المضامين.
وقد تلكأت هذه الشركة العالمية في إزالة هكذا مواد مطروحة وفوق ذلك لا زالت تحاول الإبقاء على بعض هذه المواد الساخرة من النساء لكونها ليست (قاسية).
وقد أظهرت الشركة التي تتولى (شيرلي ساندبيرغ) منصب الرئيس التنفيذي للعمليات فيها والتي ظهرت على ملصق يمثل المرأة العصرية أظهرت أنه إن تعلق الأمر بالعمل فلا حلول وسط مثالية على الإطلاق. كما سعت لاستغلال المرأة والحط من قدرها ولكن بأسلوب (مرح) للحفاظ على استمرار العمل.
إن الرأسمالية تسمح للأجندة التجارية للشركات بإملاء أي أفكار وآراء ترغب بنشرها في المجتمع. والبوصلة الوحيدة التي توجه هذه الأجندات هي ليست البوصلة الأخلاقية، بل البوصلة المالية. لذلك فإن لدينا مجتمعا رأسماليا علمانيا يتحدث كثيرا عن قيمة المرأة ومساواة المرأة لكن الشركات التي تبيع كل شيء من الصابون للسيارات عبر استغالال جمال المرأة، إلى شركات كالفيسبوك التي تغض الطرف عن إهانة المرأة تبتلع ذاك الكلام كله. إن جعل المرأة سلعة لتلبية رغبات وأهواء الرجل يدخل في كثير من الصناعات من صناعة الترفيه إلى صناعة الجمال وطبعا صناعة البليون دولار الإباحية. وقد وصل هذا لدرجة أصبحت فيها هذه الصناعات الكبرى الرأسمالية هي التي تحدد وتصوغ الثقافة التي يحملها الناس في الشارع وكذا الاهتمامات التي تشغلهم وذلك على الرغم من كل حقوق المرأة وجماعات الضغط الموجودة في المجتمع والتي تقف ضد هذا الأمر، وقد أبدت النائبة في البرلمان البريطاني ديان أبوت قلقها من أجواء (الإفراط الإباحي) التي ينمو في ظلها الشباب في المملكة المتحدة كنتيجة لهذه الثقافة والتأثيرات التي ستحدثها فيهم.
وبالتالي فإن اتخاذ إجراءات أو عدم اتخاذها كما في الفيسبوك يعكس فقط وبشكل أوسع قيمة ووجهة النظر التي يحملها المجتمع الرأسمالي العلماني للمرأة بأنها مجرد أمر ثانوي أمام أولوية نجاح الأعمال وازدهارها.
إن الموقف تجاه المرأة في ظل نظام الخلافة الإسلامية بعيد كل البعد عن الواقع الحالي. إن وجهة النظر للمرأة في ظل الإسلام محددة وبوضوح في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: “الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَخَيْرُ مَتَاعِ الدُّنْيَا الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ”.
إن هذه النظرة الراقية للمرأة لا يمكن المساس بها ولا تغييرها تحت أي ظرف من الظروف كما يبين الحديث أن المرأة الفاضلة تفوق قيمتها قيمة كنوز العالم كلها مجتمعة.
لذلك فإن قواعد وأحكام النظام الاجتماعي في الإسلام والتي ستطبق فيما بعد، تسعى إلى ضمان وجهة النظر هذه محمية مؤيدة في المجتمع. ومن بين هذه الضمانات العقوبات التي تفرض على من قذف امرأة مسلمة ولو بالخطأ، فعلى ذلك عقوبات صارمة قاسية. وهذا كله جنبا إلى جنب مع قوانين تحظر استغلال المرأة في أي نوع صناعة، وكذلك رفع قيمة المرأة حقيقة في المجتمع لا بمجرد الأفكار والكلام. وبغض النظر إلى أي درجة كانت الأعمال التجارية كبيرة وإلى أي درجة تبلغ إيراداتها فإن الخلافة الإسلامية ستجعل شرف وكرامة المرأة في المقام الأول وعلى رأس قائمة أولوياتها.
((هَـؤُلاء وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ)) [النحل :89]
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
شوهانا خان / الممثلة الإعلامية للنساء في بريطانيا