Take a fresh look at your lifestyle.

خبر وتعليق الرأسمالية والمساواة بين الجنسين حرمت المرأة من أمومتها! (مترجم)

 

الخبر:

في السادس من حزيران/يونيو2013م، نشرت صحيفة الغارديان البريطانية مقالا تحت عنوان “صعود ‘الأمهات المعيلات’ هو أقل مكسب للمساواة مما يبدو”. وتحدث المقال حول الإحصاءات التي صدرت مؤخرا عن مركز بيو (PEW) للأبحاث بأن الأمهات يشكلن العائل الوحيد أو الأساسي لـ40 في المائة من الأسر التي لديها أطفال في الولايات المتحدة. في حين بلغ معدل العمالة للأمهات المتزوجات في الولايات المتحدة 65%.

 

 

التعليق:

منذ خمسين عاماً، ادعت الناشطة النسوية الأمريكية بيتي فريدان في كتابها المعروف، “الغموض الأنثوي” أنه إذا شرعت ربات البيوت الأمريكيات في وظائف مدى الحياة، فإنهن سيكن أكثر سعادة وأكثر صحة، ويكون زواجهن أفضل، وسينجح أطفالهن. وكانت الرسالة الكامنة، التي رددتها أصوات العديد من الحركات النسوية على مر السنين أن العمالة بدلاً من الأمومة هي التي يمكن أن تمنح المرأة قيمتها الحقيقية وتحقيق ذاتها والنجاح في الحياة. ومع ذلك، فإن مثل هذه التنبؤات لا يمكن أن تكون أبعد عن الحقيقة مما هي عليها.

من المهم أولاً أن نفهم أن الدافع لخروج المرأة من منزلها إلى العمل لم يكن في أصله ‘تحرير المرأة’، أو تحسين نوعية حياتها بل كانت رؤية الحكومات “الرأسمالية الغربية”، التي ولدت من أجل تأمين مكاسب اقتصادية. ويتجلى هذا البرنامج الرأسمالي الذي يسعى إلى زيادة عمالة الإناث، من أجل المصالح المالية بدلاً من تحسين أحوال المرأة في خطاب وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون التي قالت في كلمة ألقتها في مؤتمر عقد في بيرو في تشرين الأول/أكتوبر الماضي، بعنوان “القوة: المرأة كقاطرة للنمو والاندماج الاجتماعي” أن “القيود المفروضة على مشاركة النساء الاقتصادية تكلف النمو الاقتصادي والدخل في كل منطقة من مناطق العالم خسائر هائلة. فعلى سبيل المثال، في بلدان آسيا والمحيط الهادئ يضيع أكثر من 40 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي كل سنة”. استغل الرأسماليون لغة الحركة النسوية والمساواة، فضلا عن الترويج لسرد مثل ‘التمكين من خلال العمل’ من أجل منافع مالية صرفة. هذا السرد لم يكن سوى كذبة الرأسمالية والنسوية التي حرمت المرأة أمومتها، وسرقت الأطفال حقوقهم، وكانت ثمنا باهظا على رفاهية المرأة.

أولاً، السرد النسوي ‘المساواة بين الجنسين’، والذي ينادي بأن دور كل من الرجل والمرأة في الحياة ينبغي أن يكون هو نفسه، وأن قيمة المرأة تأتي من العمل والاستقلال المالي من الرجل، هذا السرد أنشأ مجتمعات في الغرب لم يعد للمرأة فيها خيار للعمل ولكنها مجبرة على العمل بسبب الضغوط الاجتماعية أو الاقتصادية. وقد أدى ذلك إلى تأخير أو تجنب كثير من النساء إنجاب الأطفال من أجل ممارسة مهنة ناجحة، أو حتى للحفاظ على وظيفة. هناك الآن نساء أكثر من أي وقت مضى يتعرضن لمخاطر حمل أعلى بسبب بدء الإنجاب في سن الأربعين أو أكثر، حيث تتجنب الكثيرات أخذ إجازات لإنجاب الأطفال خوفاً من انخفاض دخلهن أو فقدان وظائفهن. تأخير إنجاب الأطفال إلى هذا السن المتأخر غالباً ما يعني فقدان القدرة على إنجاب الأطفال نظراً لانخفاض الخصوبة، وزيادة حالات الإجهاض والمضاعفات المرتبطة بالحمل.

ثانيا، هذه الحملة التي دفعت الأمهات إلى الخروج للعمل لم تؤثر فقط على نوعية الزواج بسبب ضيق الوقت الذي يمضينه مع أزواجهن ولكن أدت أيضا إلى شعور الكثير من النساء بإحساس عميق بالذنب إزاء قلة الوقت الذي يقضينه مع أطفالهن. حسب استطلاع بيو، فإن حوالي ¾ من البالغين قالوا بأن الأعداد المتزايدة من النساء العاملات جعل من الصعب على الآباء والأمهات تربية الأطفال، وأن نصف العدد قالوا أن ذلك قد جعل تحقيق زواج ناجح أكثر صعوبة. في عام 2011، قامت اليونيسيف بنشر تقرير حذر فيه من أن الآباء البريطانيين يحاصرون أطفالهم في حلقة مفرغة من “النزعة الاستهلاكية القهرية” وذلك بإغراقهم بالألعاب وملابس المصممين بدلاً من قضاء وقت ممتع معهم، وألقى التقرير باللوم على تلك الظاهرة بالمساهمة في أعمال الشغب والنهب الواسع النطاق الذي اجتاح المملكة المتحدة في العام نفسه. وقد عزا آخرون أيضا عدم وجود الوقت المستغرق من قبل الأمهات العاملات في تنشئة أطفالهن إلى ظهور بعض السلوك المنحرف والمعادي للمجتمع بين الشباب الذي يعاني منه الكثير من المجتمعات الغربية.

ثالثاً، تسبب ضغوط العمل مع مسؤوليات الحياة المنزلية والعائلية إلى حدوث ارتفاع كبير في الاضطرابات النفسية والقلق والاكتئاب عند النساء. ووجد باحثون في دراسة تمت في 30 بلدا أوروبياً ، نشرت في عام 2011 من قبل الكلية الأوروبية “نيوروسيكوفارماكولوجي”، أن الاكتئاب بين النساء في أوروبا قد تضاعف خلال السنوات الأربعين الماضية بسبب ‘العبء الهائل’ للاضطرار إلى توفيق بين الواجبات العائلية مع متطلبات العمل.

وأخيراً، نتيجة للرأسمالية، والمساواة بين الجنسين التي دفعت المرأة إلى تبني دور الرجال وقبلت في الوقت نفسه للرجال بالتخلي عن دورهم في رعاية النساء، فإن كثيرا من الأمهات قد تركن بدون رعاية مالية، وتم التخلي عنهن ليدافعن عن أنفسهن وأسرهن حيث لا أحد يقوم بالنفقة عليهن – لا من قبل آباء أبنائهن ولا من الدولة. وينص مقال صحيفة الغارديان أعلاه بشكل صريح، “للأمهات العازبات على وجه الخصوص، فإن واقع حالة العائل الرئيسي لا يشعر بانتصار النسوية بقدر ما يشعر بالإنهاك، وعدم الرعاية.” وفي الحقيقة، لقد وضعت الرأسمالية المال فوق الأمومة، والمساواة بين الجنسين، التي جعلت رغبات الرجل ودوره كمعيار يتوقع للمرأة أن تطمح للوصول إليه.

على النقيض من ذلك، يسمح الإسلام للمرأة بالعمل وممارسة المهنة، ولا ينكر طموحاتها الاقتصادية، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم “إِنَّهُ قَدْ أُذِنَ لَكُنَّ أَنْ تَخْرُجْنَ لِحَاجَتِكُنَّ”. ومع ذلك فإنه لا يعرف التمكين على أساس التوظيف، ولا تُقدّر قيمة المرأة أو يوصف نجاحها وفقا لمقدار الضريبة التي تساهم بها في الاقتصاد. بدلاً من ذلك فإن المرأة الناجحة في الإسلام هي التي تملك أكثر قدر من التقوى والطاعة لخالقها. وبالإضافة إلى ذلك، فقد أعطى الإسلام المرأة دورا أساسيا في الحياة كزوجة وأم وهذا وفقا لطبيعتها بصفتها حاملة الأجيال في المجتمع، وليس في تناقض معها. إن الإسلام يثيب المرأة على هذا الموقف، ويعطي أهمية كبيرة بواجبها كمربية ومعلمة للأطفال وجيل المستقبل. وأخيراً، فإن الإسلام يوجب للمرأة الحماية لها ولأطفالها والإنفاق عليها من قبل أقاربها الذكور أو الدولة، لضمان كفالتها المالية دائماً وذلك لقول الله تعالى: ((الرِّجالُ قَوّامونَ عَلَى النِّساءِ بِما فَضَّلَ اللَّهُ بَعضَهُم عَلىٰ بَعضٍ وَبِما أَنفَقوا مِن أَموالِهِم)) [النساء:34].
كل هذا يضمن القيمة والسعادة الحقيقية، وتحقيق الذات، والتمكين للمرأة حيث إنها، والمجتمع على حد سواء، تحتضن وتحتفل بطبيعتها كامرأة بدلاً من الحرمان أو التهميش، أو الازدراء. هذا إلى جانب تأمين الحقوق والتنشئة الفعالة للأطفال، والتخفيف على المرأة من عبء الاضطرار إلى النضال من أجل كسب المعيشة أو خروجها للتسول في الشوارع.

 


كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي في حزب التحرير
الدكتورة نسرين نواز / عضو المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير