خبر وتعليق الطائفية سلاح المرحلة ضد المسلمين
الخبر:
لقد كثر الحديث في الآونة الأخيرة وبمختلف وسائل الإعلام عن الطائفية وخاصة ما يجري في العراق وفي سوريا وبعد أن أعلن حزب الله عن تدخله وبشكل سافر في الحرب في سوريا وانعكاس ذلك على الداخل اللبناني، فهنا سؤال يتبادر إلى الأذهان هل هذا الأمر عفوي وذاتي أم أن هنالك جهة وراءه تحركه وتذكي نار الفتنة؟ وللإجابة على هذا السؤال لا بد من الرجوع قليلا إلى الوراء لمعرفة جذور وتطورات الفكر الطائفي.
التعليق:
لقد امتد المشروع القومى لأكثر من خمسة عقود قبل أن يفقد زخمه وينطفئ بريقه بعد تلك الإخفاقات المتكررة في أيام السلم والحرب التي مرت على الأمة الإسلامية وقد شعرت الدول الغربية صاحبة المشروع القومي أن الأمة الإسلامية قد كفرت بأفكار القومية والوطنية وتململت من الظلم والقهر والتردي الذي عاشت فيه ردحاً من الزمن، تحت ذلك المشروع وقد اتجهت بكليتها نحو الإسلام كبديل للمشاريع الاستعمارية وقد أكدت كثير من مراكز البحوث هذه النظرة ونبهت إلى خطورتها وما الحراك الأخير الذي طفح في بعض البلدان الإسلامية العربية ما هو إلا رأس الجبل لذلك الحراك، الذي من المنتظر أن يعم الأمة الإسلامية جمعاء. لقد حاولت الدول الغربية إفشال ذلك الحراك خاصة وأنه لا يستند إلى فكر مبلور مما يجعل إمكانية احتوائه أو حرفه أمراً ممكناً إلا أن هذا الأمر أي الحراك لا يكفي فيه الاحتواء بل لا بد من إجهاضه كليا ومن هنا أتت فكرة استغلال الكيانات الموجودة في العالم الإسلامي سواءً كانت إثنية كما هو الحال في جنوب السودان ودارفور والأكراد في العراق والأمازيق في شمال غرب أفريقيا وغيرها أو استخدام فكرة الطائفية كما هو الحال في سوريا والعراق ولبنان ومصر واليمن وغيرها من البلدان التي توجد فيها طوائف وبما أن الطائفية أكثر خطراً وأكبر قدرة على التدمير فسوف نحاول أن نلقي عليها بعض الضوء عله يساعد على الوعي عليها.
إن المعنى الاصطلاحي للطائفية لا علاقة له بالمعنى اللغوي لهذه الكلمة وقد تعدد تعريف الطائفية ونختار منها (إن الطائفية هي انتماء فكري مبني على التعصب والانكفاء) إن وجود طوائف لا يشكل أي مشكلة في أي مجتمع من المجتمعات أي مجرد تكتل جماعة على أساس فكري ولكن هذا التكتل حين يتحول إلى شكل طائفي أي يدخله التعصب واحتكار الحقيقة ورمي الآخرين بالتيه والضلال يكون فيه القابلية أن ينحرف وهنا يأتي دور السياسيين الانتهازيين أو دور الدول الاستعمارية وتحول هذا الفكر إلى عمل مسلح فيعمل على تدمير كيان الأمة. كما حدث أيام الدولة العثمانية من تبني بريطانيا وفرنسا قضية الأرمن. إن الفكر الطائفي قد ظهر عند النصارى بأكثر من ثلاثة قرون من ظهوره عند المسلمين وقد نشبت على إثره حروب طاحنة بين هذه الطوائف أشهرها حرب الثلاثين عاما بين الكاثوليك والبروتستانت وراح ضحيتها الآلاف من الجانبين ودمرت أوروبا اقتصاديا واجتماعيا.
ومن أشهر الطوائف الإسلامية قديماً الخوارج: وتاريخهم معروف وأعمالهم مشهورة.
القرامطة: وهي حركة باطنية تنتسب إلى حمدان بن الأشعث استولت على الكوفة أيام المقتدر بالله، وهاجمت مكة عام 319هـ فتكت بالحجاج وهدمت زمزم وملأت المسجد بالقتلى ونزعت الكسوة من الكعبة واقتلعت الحجر الأسود. ومن الطوائف أيضا المتصوفة وهي إلى حد ما معروفة، وكذلك الطائفة الباطنية الإسماعيلية وغيرها كثير وقد عدّد بعض المؤرخين أكثر من (198) طائفة.
أما الطوائف في عصرنا الحاضر نذكر منها على سبيل المثال الشيعة الإثنى عشرية وأكثر وجودهم في إيران والعراق وأذربيجان والبحرين.
اليزيدية: تكاد تنحصر العراق ويوجد أقلية منهم في سوريا وإيران.
الدروز: تنحصر في بلاد الشام لبنان وسوريا وفلسطين والأردن.
الزيدية: يوجدون باليمن (تمكنوا من تأسيس دولة باليمن إلى أن قضت عليها الجمهورية اليمنية 1962م).
النصيرية العلوية: يوجدون حصرياً في سوريا وفي جبال النصيريين في اللاذقية. وقد أقامت لهم فرنسا دولة أطلقت عليها اسم دولة العلويين (1920 ـ 1936م) وتوجد أقليات منهم في لبنان وتركيا.
الإسماعيلية: فهي تنتشر في الهند وباكستان وأيضا في نجران جنوب السعودية وشمال اليمن وقرى في شرق القارة الأفريقية).
الإباضية: في أغلب مناطق عُمان (لوجود دولة الإباضية في عُمان قديماً).
هذه نبذة قصيرة عن بعض الطوائف في البلاد الإسلامية قديما وحديثا. إن خطر هذه الطوائف لا يظهر إلا عند حمل السلاح فحينئذ تشكل خطر على الدولة وعلى نسيجها الاجتماعي. ونذكر في التاريخ الحديث الحرب الأهلية في لبنان والتي استمرت من (1975م ـ 1990م) وكان القتل فيها على الهويّة.
فالحرب الطائفية حرب عمياء والحق فيها مع الطائفة والباطل مع غيرها وبهذا تستطيع أن تقضي على الأخضر واليابس. إن المتابع للأحداث في العالم الإسلامي يحس بأن الطائفية قد أطلت برأسها وقد امتدت على ساحات واسعة من العالم الإسلامي فها هي الحرب على سوريا قد تحولت إلى حرب طائفية خاصة بعد دخول حزب الله بشكل علني وصريح، وإعلان إيران أنها تساند النظام في سوريا وتمده بالسلاح والمال والرجال. أما في العراق فإن الحرب لم يبق إلا إعلانها، فعملياً هنالك اصطفاف طائفي حاد بين الشيعة والسنة. وفي البحرين والحراك البحريني الذي يستند بشكل أساسي على طائفة الشيعة والذين تدعمهم إيران، واليمن حيث يحمل الحوثيون الشيعة ضد الدولة والتي اشتكت مراراً وتكراراً بأن إيران تتدخل في شؤونها الداخلية بمد الحوثيين بالمال والسلاح.
نعم إن هذا الاصطفاف الطائفي الحاد يمكن أن يؤدي إلى صرف المسلمين عن إقامة الدولة الإسلامية. هذا المشروع الذي نحسب أن جميع عناصره قد اكتملت مما جعل الدول الغربية والشرقية منها تقف خلف هذا المشروع الطائفي فرأينا أمريكا قد قسمت العراق على هذا الأساس الطائفي وغذت الحرب الطائفية في العراق الذي عاش أهله آلاف السنين بجميع طوائفهم، وكذلك تحتضن قادة الأقباط وجعلت لهم كياناً في الخارج يدير الحراك الطائفي داخل مصر. وكما ذكرنا كيف أن فرنسا صنعت للعلويين دولة. وبريطانيا التي وطدت نفوذها في معظم مستعمراتها على هذه الفكرة. إن إفشال هذا المخطط يتم بالوعي عليه ومن ثم كشفه وتعريته وإظهار مخاطره إلى أن ينصرف الناس عنه وذلك بإدراك خطره على المسلمين في الدنيا، بأنه سوف يمزق كيانهم ويجعلهم شيعا يضرب بعضهم رقاب بعض، كما يكونون فريسة سهلة في أيدي عدوهم ينهب ثرواتهم ويتسلط على رقابهم، وخسران يوم القيامة والعياذ بالله. اللهم لا تفتنا في ديننا وكن عونا لنا وانصرنا على من عادانا آمين.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
المهندس حسب الله النور سليمان / ولاية السودان