خبر وتعليق قضية تجسس أم حربٌ نفسية
الخبر:
واشنطن، الولايات المتحدة الأمريكية (CNN): دخلت المطاردة الدولية الجارية للموظف السابق في جهاز الأمن القومي الأمريكي (إدوارد سنودن)، الذي قام بتسريب معلومات سرية عن برامج التنصت والرصد الإلكتروني التي تطبقها السلطات الأمريكية، منعطفاً جديداً الأحد، إذ أعلنت مجموعة “ويكيليكس” أن طائرته التي انطلقت من هونغ كونغ حطت في موسكو، بينما رفض مصدر أمريكي الادعاء بعدم تقديم طلب استرداد قانوني له. وكانت السلطات في هونغ كونغ قد قالت الأحد: “إنّ سنودن، الموظف السابق في جهاز الأمن القومي الأمريكي، غادر بمحض إرادته، وعبر وسيلة رسمية ومشروعة، إلى دولة أخرى”، وأضافت السلطات في هونغ كونغ أنّه: “نظراً لعدم تلقي الحكومة معلومات كافية للتعامل مع طلب إصدار مذكرة اعتقال مؤقتة، لم تكن هناك أي أسس قانونية تعيق سنودن من مغادرة هونغ كونغ… “.
التعليق:
1- إنّ النشاط التجسسي لجهاز الأمن القومي الأمريكي “NSA” تضمه أكثر من 100 مليون وثيقة كل عام، ويتم التخلص من 40 طناً يومياً، وعدد العاملين في هذا الجهاز يزيد عن 200.000 موظف، كما يخصص له 80% من الميزانية التي تخصصها الولايات المتحدة الأمريكية لمختلف أنشطتها الاستخبارية والتي تقدر بـ27 مليار دولار تقريباً، وبذلك يكون هذا الجهاز قد استحق أن يسمى بأخطر جهاز أمني في الولايات المتحدة و”أكثرها سرية”، حيث إنّ وظيفته تتمثل في التنصت على جميع المحادثات والمخابرات والاتصالات بين جميع الدول والمؤسسات، لذلك فإنّ الذي كشف عنه “إدوارد سنودن” هو بالتأكيد غيض من فيض نشاطات هذا الجهاز التجسسي.
2- معلوم أنّ تجسس الدول بعضها على البعض أمرٌ مشروع في العرف الدولي، لذلك تقوم جميع دول العالم باتخاذ الإجراءات اللازمة لصد مثل هذه الممارسات، باعتبار أنّها من مهام جهاز الدولة الاستخباري. ومعلوم أيضاً أنّ أجهزة الاستخبارات في العالم وخصوصاً الأمريكي منها لا ضوابط ولا أخلاق لها، فقد وصل بها الحال إلى استصدار قانون “المواطنة: patriot act” الذي يسمح لجهاز الأمن القومي بالتجسس على المواطنين الأمريكيين وغير الأمريكيين وتقديمهم للمحاكمات من دون الإفصاح عن دليل تورط المشتبه بهم بالإرهاب.
3- بالرغم من أنّه أصبح واضحاً للعيان أنّ التجسس على الشعوب والدول والأجهزة الحكومية من مهام الجهاز الاستخباري! وهو أحد أضخم الأجهزة الأمنية في الولايات المتحدة، ومن يعمل في هذا الجهاز يعلم مسبقاً كل مهامه، ويقوم الجهاز بتقييم الموظفين قبل توظيفهم في الجهاز، وبعد كل ذلك يتم تعيينهم في الجهاز، إضافة إلى أنّ الجهاز قادر على إسكات أي موظف فيه يحاول المساس به، فلماذا تعاملت أمريكا وآلتها الإعلامية مع قضية “إدوارد سنودن” وكأنها كشف عن مستور؟! إنّ الإجابة على هذا السؤال ميسورة، وهو أنّ حجم المعلومات التي يجمعها الجهاز من مكالمات هاتفية ورسائل الكترونية، لا يمكن لأيّ جهاز استخباراتي مهما كان حجمه وقدرته متابعتها أو الاطلاع عليها وتحليلها، لذلك يقوم الجهاز بحرب نفسية تقوم هي نفسها بهذه الأفلام الهوليودية لتوهم الناس بأنّ الجهاز يعد أنفاسهم، وبالتالي يحجمون عن القيام بأيّ نشاط مناهض للأنظمة القمعية التابعة للقوى العالمية المجرمة، ومن الجدير بالملاحظة أنّه لم يكد يصحو الناس من فلم “ويكيليكس” حتى خرجوا لهم “بفلم” آخر شبيه بالأول! وجدير بالذكر أيضاً أنّ الهند كشفت عن برنامج للتجسس على هواتف والرسائل البريدية للمواطنين، وأعلنت عن هذا البرنامج في وسائل الإعلام!
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أبو عَمْرٍو