خبر وتعليق الضباب الدخاني يخنق سنغافورة وماليزيا
الخبر:
جلوبل فويسس أون لاين – منذ منتصف يونيو/حزيران وحتى اليوم، تتأثر معظم المناطق في إقليم رياو في إندونيسيا، والساحل الجنوبي الغربي لماليزيا وسنغافورة بسحب كثيفة من الضباب الدخاني الخطر الذي نشأ من الجزء الجنوبي من جزيرة سومطرة. مصدر الدخان هو أساساً 3,000 هكتار من أراضي الخث في بنغكاليس ريجنسي بمقاطعة رياو، التي أشعلت فيها النيران من قبل أطراف مجهولة في 9 يونيو 2013. ويلاحظ وجود حوالي 260 نقطة مشتعلة في إقليم رياو، ومعظم هذه النقاط في المناطق التي تملكها شركات مزارع زيت النخيل. يلقى باللوم عادة عند حدوث الضباب على أسلوب “القطع والحرق” لمسح الأراضي الزراعية الذي يقوم به المزارعون الصغار. إلا أن الانتشار الهائل غير المعتاد هذا العام للضباب الدخاني يشير إلى احتمال كبير بأن تكون شركات زراعية منحرفة هي المسؤولة عنها. في الواقع، فإن الحكومة الإندونيسية كانت قد أفرجت الأسبوع الماضي عن قائمة من 20 شركة محلية وأجنبية ينحى عليها باللائمة في الحريق. ليست هذه هي المرة الأولى التي تجتاح فيها مشكلة الضباب المنطقة. ففي عام 1997 تسبب حرق الأراضي المكشوفة في المنطقة نفسها إلى حدوث ضباب كثيف أسفر عن سقوط طائرة إيرباص تابعة لشركة جارودا إندونيسيا حيث قيل أن مدى الرؤية بلغ حوالي 600 متر فقط. شوهد الضباب أيضا في عام 2005، ومرة أخرى، كان ناجماً عن تطهير الأراضي في جزيرة سومطرة.
التعليق:
عند معالجة هذه المسألة، يجب أن ينظر إلى المشاكل في سياق أوسع – تلك التي تغطي الطبيعة البشرية وهيمنة الأفكار التي تبني عواطف الإنسان ورغباته التي لا يمكن السيطرة عليها. إذا حاولنا أن نفهم الدافع وراء حرق الأراضي، يمكننا أن نرى أن كلا الطرفين من الجناة يظهرون نفس الغريزة – غريزة البقاء على قيد الحياة. ومع ذلك، ما يميز بين المجموعتين من الجناة -المزارعون الصغار والتكتلات- هو الغرض من إشباع تلك الغريزة. فبالنسبة للمزارعين الصغار، فإنهم يحرقون الغابات لوعاء من الأرز، لكسب قوتهم، ولكن بالنسبة للتكتلات الرأسمالية، فإنها تحرق الغابات من أجل الربح دون اعتبار للعواقب. ومع ذلك، فإن هذا الاختلاف ليس مبرراً لصغار المزارعين لحرق الغابات لتغطية نفقاتهم. إنها مسؤولية السلطات هناك في ضمان تلبية الاحتياجات الأساسية لهؤلاء المزارعين. كما أنها مسؤولية السلطات عن فرض رقابة كافية على حرق الغابات من خلال التطبيق الصارم للقانون. ومن الواضح أن هذا لم يحدث، فأزمة الضباب الدخاني تتكرر مراراً. وبوضع المسألة في منظور أعمق، يمكننا أن نفهم أن المشكلة الحقيقية تكمن في السلوك الذي لا يرحم للشركات الرأسمالية في سعيها لتحقيق الرخاء المادي على حساب الآخرين، وبأي ثمن. وهذه الشركات لا تهتم لتحمل المسؤولية، ولا حتى من المنظور الأخلاقي لسلوكهم. يعاني العالم اليوم من هذه العقيدة الرأسمالية ويتم استغلاله بطريقة تتنافى مع أبسط القيم الإنسانية.
الإسلام لا يمنع الإنسان من التمتع بنعم الله عليه، ولا يمنعه من العمل، و الكسب والغنى. على العكس من ذلك، فإن الإسلام يجعل العمل لازماً لتقدم حياة الإنسان، ولقيامه بواجباته. ومع ذلك، فإن الإسلام لا يقبل تخمة بعض الناس بينما يعاني الآخرون. وكذلك لا يقبل الإسلام التهديدات والمضايقات والاضطرابات التي تصيب الأفراد والمجتمعات والأمم بشكل عام. في سياق ما يجري مناقشته، فإن أزمة الضباب الدخاني في جنوب شرق آسيا هي شكل من أشكال الاضطرابات البيئية وخطر على الأفراد والمجتمعات والأمم. فلو تم تطبيق شرع الله، لأمكن تجنب أزمات الضباب نهائياً. تحت سلطة الشريعة الإسلامية فإن القوانين المتعلقة بحرق الغابات، والتي من شأنها أن تسبب مشاكل لكثير من الأطراف، سيتم تنفيذها على سبيل القانون وعلى سبيل التقوى.
إن الحل الجذري لهذه المشاكل البيئية ومشاكل الإنسان ككل يكون بإزالة ورفض السبب الحقيقي، الذي تسبب في حدوث هذه المشاكل، أي من خلال رفض عالمي للعقيدة الرأسمالية غير الإنسانية، والتي ما زالت تسيطر على مصائر الأمم، واعتناق الإسلام كحل شامل لمشاكل العالم الذي سيضمن السعادة والطمأنينة للبشرية. إن الحلول السياسية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية وغيرها في الإسلام هي الحلول الوحيدة القادرة على إنقاذ العالم من الظلم والظلمات التي أوقعه فيها النظام الرأسمالي. والإسلام يخرج العباد من عبادة الإنسان إلى عبادة رب العباد. والإسلام يخرج الناس من ظلم العقائد ونظم الحياة المصنوعة من قبل البشر إلى عدل أحكام الله.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
الدكتور محمد / ماليزيا