Take a fresh look at your lifestyle.

النظام الرأسمالي نظام أزمات

 

لقد قيل قديماً في المثل :(أن الشدائد تكشف معدن الرجال، كما تكشف النار معادن الأرض) .. والحقيقة أن هذا المثل ينطبق على هذه النظم الرأسمالية السقيمة، فالأزمات تكشف زيف هذا النظام أمام أتباعه، كلما توسعت رأسياً وأفقياً في أرض الواقع..

فقد خرجت في أمريكا ودول أوروبا ألف مظاهرة في ألف مدينة في 15-10-2011 تطالب بإسقاط هذا النظام في مجال الاقتصاد، وهو أهم المجالات في النظام الرأسمالي، وسمي النظام به ..

حدث هذا بعد الأزمة المالية العالمية التي بدأت سنة 2008 وما زالت مستمرة حتى اليوم لم يتعاف العالم من شرورها وأسقامها …وسميت هذه المظاهرات (احتجاجات احتلوا، أو احتجاجات الغضبانين ) .. وكانت الجموع تهتف (احتلوا وول ستريت في نيويورك، وحي “سيتي” المالي في لندن، والبنك المركزي الأوروبي في فرانكفورت)… وهي أهم مراكز المال والأعمال في بلاد الغرب..

فهل هذه هي أول أزمة يمر بها العالم بسبب هذا النظام؟، وما هو السبب في مثل هذه الأزمات، وكيف تكون النجاة من شرورها وآثارها المدمرة على البشرية جميعاً؟!..

الحقيقة أن النظام الرأسمالي هو نظام الأزمات والتقلبات منذ نشأ هذا النظام؛ ابتداءً من أزمة الأجور وساعات العمل في أمريكا سنة 1886، مرورا بأزمة الكساد الكبير 1929 ثم أزمات الدولار المتكررة على مر السنين الماضية وأشهرها كان سنة 1971 عندما قام الرئيس الأمريكي نكسون بتعويم الدولار ورفع الغطاء الذهبي وسلة العملات عنه، ثم أزمة البورصات سنة 1998.. وانتهاءً بهذه الأزمة العالمية الحالية والتي تفرعت عنها عدة أزمات؛ في العقارات وفي البورصات وفي العملات، وأزمات في سياسات الدول مثل اليونان وقبرص وغيرها..

والحقيقة أن السبب الرئيس في هذه الأزمات هو: (القوانين السقيمة التي وضعتها عقول البشر الناقصة العاجزة المحتاجة، ومجافاتها للنظام الإلهي من علي حكيم) .. قال تعالى: (قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى)طه 124، وقال:( قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللّهُ بُنْيَانَهُم مِّنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِن فَوْقِهِمْ وَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ)النحل 26

ومن هذه القوانين التي تتسبب بشكل مباشر في مثل هذه الأزمات العالمية :-

1- النظام الربوي والبنوك؛ حيث تعطي للرأسماليين أسباب التحكم عن طريق الأموال، وبالتالي التسبب في الأزمات الخطيرة؛ كأزمة الرهن العقاري التي جرت وراءها أزمة عالمية، وكان أحد أبرز أسبابها البنوك والقروض والعجز عن السداد لأصحاب الشركات العقارية ..

2- النظام النقدي السقيم الذي يجعل من الدولار المتحكم بسياسات النقد العالمية، وبالتالي التسبب في ضياع مدخرات الناس، وضياع جهودهم في الأعمال نتيجة التذبذب المستمر بأسعاره ..

3- القوانين الخاصة بتوزيع الثروة بين الناس، حيث تجعل طبقة الرأسماليين هي المسيطرة على الثروات الرئيسة وبالتالي التحكم بالأسعار والأسواق ..

4- السياسات الاستعمارية السقيمة، حيث تلجأ الدول الكبرى إلى سياسات اقتصادية معينة عن طريق البنك الدولي، وصندوق النقد الدولي وبالتالي التسبب في أزمات لدى بعض الدول حتى تبقيها مربوطة بذيلها الاستعماري ..

والحقيقة أن هذا الأمر قد شهد به الأعداء أنفسهم من خبراء النظام الرأسمالي، كما ذكره الخبراء من المسلمين؛ حيث صرحوا أكثر من مرة في أكثر من مناسبة: أن سبب الأزمات الاقتصادية هي القوانين المبنية على النظام الرأسمالي..، فقد صرح الخبير الاقتصادي (سرجيو روسّي) فقال:( الأزمة الحالية لها أسباب هيكلية عميقة، بل أكاد أذهب إلى حد القول أنها أزمة ممنهجة، الرد عليها لا يكون إلا بتغيير النظام نفسه، ولابد من تغيير الأسس العميقة للنظام الرأسمالي، إذا أردنا أن نتجنب حدوث أزمة أخرى جديدة قريبا) ، وذكر الخبير الاقتصادي (موريس آليه )؛ والذي حصل على جائزة نوبل في الاقتصاد فقال:( إن النظام الاقتصادي الرأسمالي يقوم على بعض المفاهيم والقواعد التي هي أساس تدميره).

ويقول الدكتور (حسين شحاتة) ـ أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر، والخبير الاستشاري في المعاملات المالية والشرعية ـ:( أن علماء الاقتصاد الوضعي قد توقعوا انهيار النظام الاقتصادي الاشتراكي، لأنه يقوم على مفاهيم ومبادئ تتعارض مع فطرة الإنسان، وأحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية كما تنبأ العديد من رواد النظام الاقتصادي الرأسمالي بانهياره لأنه يقوم على مفاهيم ومبادئ تتعارض مع سنن الله سبحانه وتعالى ومع القيم والأخلاق، كما أنه يقوم على الإحتكار والفوائد الربوية، والتي يرونها أنها تقوم على عبادة المال، وسيطرة أصحاب القروض على المقترضين، وتسلب حرياتهم وأعمالهم، وتسبب آثارا اجتماعية واقتصادية خطيرة).

أما طريق الخلاص للبشرية من هذا الواقع الشرير وهذه الأزمات المتجددة والمتعددة، فهو فقط بتطبيق النظام الإلهي الصادر من حكيم خبير عليم؛ وهو( النظام الاقتصادي الإسلامي)، وهذا لا يكون إلا في ظل دولة الخلافة الراشدة ..

فنسأله تعالى أن يعجل في قيامها، وأن ينقذ البشرية جميعاً من شرور هذه الأزمات ….

آمين يا رب العالمين

 

 

حمد طبيب
بيت المقدس