خبر وتعليق أمريكا دولةٌ مجرمةٌ لا يجوزُ الاتصالُ بها ولا التنسيقُ معها
الخبر:
نشر موقع حزب العدالة والتنمية الرسمي بتاريخ 12/07/2013، خبر اجتماع عبد الله بووانو، رئيس فريق العدالة والتنمية بمجلس النواب في 11/07/2013 مع وفدٍ عن سفارة الولايات المتحدة الأمريكية بالرباط برئاسة مستشار الشؤون السياسية بالسفارة الأمريكية بالرباط، ديفيد ج. جرين حلَّ ضيفاً على فريق المصباح بمجلس النواب. وأكد عبد الله بووانو، أن لحزب العدالة والتنمية أجهزته المسئولة على التداول في قضية السيناريوهات الممكنة ما بعد خروج حزب الاستقلال من الأغلبية الحكومية إذا ما تمت الموافقة على الاستقالات التي تقدم بها بعض وزراء الاستقلال إلى رئيس الحكومة. وأوضح بووانو، أن مثل هذه القرارات يحسم فيها المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية مرورا بالأمانة العامة للحزب. ولم يخف بووانو أن العدالة والتنمية مستعدٌّ لمواجهة كافة الاحتمالات.
وفي موضوع آخر، أبرز رئيس فريق العدالة والتنمية أن فريق العدالة والتنمية يرفض جميع أشكال الانقلاب على الشرعية التي تجري في مصر. من جانبه أكد مستشار الشؤون السياسية بالسفارة الأمريكية بالرباط، أن موقف الولايات المتحدة الأمريكية مما يجري بمصر موقف غير منحاز لطرف ضد آخر، مبرزاً أن بلده مع إنجاح العملية الديمقراطية.
التعليق:
بدون أي حياءٍ ولا خجلٍ، يعلن رئيس فريق العدالة والتنمية الحاكم، الإسلامي، أنه يجتمع مع مستشار الشئون السياسية بالسفارة الأمريكية، في مكتبه، في قلب مجلس النواب، للتباحث حول أوضاع المسلمين في مشرق العالم الإسلامي ومغربه.
نعم، نقول بلا حياءٍ ولا خجلٍ، لأن الكل يعلم مدى إجرام أمريكا بحق المسلمين بشكل مباشر في العراق وباكستان وأفغانستان واليمن والصومال، وبشكل غير مباشر في فلسطين وسوريا ومصر وبورما و… ومع ذلك كله لا يجد بووانو حرجاً في وصف الوفد الأمريكي بأنه “ضيف” ولقائه في قلب مجلس النواب!
ثم ما علاقة السفارة الأمريكية بشئوننا الداخلية؟ ولماذا يحشرون أنفسهم في أمورنا، اختلفنا أم لم نختلف، استقال بعض الوزراء أم لم يستقيلوا؟ كيف يقبل بووانو على نفسه أن يصبح مخبراً لدى الأمريكان، يخبرهم بما يجري على الساحة السياسية، وبآليات اتخاذ القرار لدى الحزب أو ما ينوي فعله.
أما عما يجري في مصر، فإن بووانو، رغم كونه رئيس الفريق البرلماني للحزب الحاكم، فإنه لم يجرؤ على القول إن الحكومة المغربية ترفض الانقلاب على الشرعية بل ولا حزب العدالة والتنمية، بل مجرد الفريق البرلماني للحزب… يبدو أن الأمر يتعلق بثلاثة كيانات مختلفة غير متناسقة! فبيان الخارجية مستحيٍ لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء، وفريق الحزب الحاكم رافض للانقلاب مناصر لمرسي، دون أن ننسى أن القصر بارك للعسكر فعلتهم.
إن المبتدئ في السياسة يعلم أن القرارات الكبيرة، بل وفي بعض الأحيان حتى الصغيرة، في بلادنا العربية والإسلامية، تطبخ في السفارات الأجنبية، وأن لا أحد يجرؤ على أخذ قرارٍ مصيري إن لم يتلقَّ الأمر، أو على الأقل الضوء الأخضر، من الأسياد في أمريكا وأوروبا، فهل يتصور أحدنا أن السيسي، قائد الجيش المصري، ورجل أمريكا القوي في مصر، أقدم على هذه الخطوة الخطيرة بعزل الرئيس، وتعطيل الدستور وحل مجلس الشورى…، قام بكل هذا دون تنسيقٍ مع الأمريكان؟ من يمكن أن يصدق هذا؟
لقد كان المفروض من بووانو أن يرفض الاجتماع بالوفد الأمريكي بوصفه يمثل دولةً مجرمةً تقطر أيديها من دماء المسلمين، وإن كان ليس من ذلك بدٌّ، فقد كان عليه، أن يُقرِّع الوفد الأمريكي على جرائم بلاده في العالم الإسلامي عامة وتواطئها على سفك الدماء الزكية في مشارق الأرض ومغاربها. أما بخصوص مصر، فقد كان على بووانو، إن كان فعلاً يرفض الانقلاب على الشرعية، أن يُنكر على أمريكا ما تحوكه في مصر، وأن يطلب منها أن ترفع يدها عن التدخل في شئون المسلمين والتوقف عن بذر الشقاق والفتنة بينهم. لكن بووانو بدل ذلك استقبل ضيوفه الأمريكان، ولم ينبس بما يمكن أن يُعكِّر مزاجهم عن جرائم أمريكا في العالم الإسلامي، وقَبِل أن يسمع منهم، بخصوص مصر، كلاماً فضفاضاً لا يقنع أحداً، بأن أمريكا غير منحازةٍ لطرفٍ ضد آخر، وأنها مع إنجاح العملية الديمقراطية.
إن السفارات هي أوكارٌ للتجسس تستعملها الدول الكبرى لجمع المعلومات السياسية والاقتصادية والعسكرية عن البلدان المقامة فيها، وقد فضحت وثائق ويكيليكس كيف تقوم السفارات الأمريكية عبر العالم بتتبع دقائق ما يجري ورفع التقارير إلى وزارة الخارجية، فكيف يرضى بووانو على نفسه أن يجتمع بوفدٍ عن السفارة الأمريكية وإمدادهم بما يبحثون عنه من معلومات؟ إن على السياسيين المخلصين أن يقطعوا أيَّ اتصالٍ مع السفارات الأجنبية ويرفضوا أي تعاونٍ معهم، ويجب أن يصبح العُرف أن التعامل مع السفارات والاتصال بهم وتبادل الآراء والمعلومات معهم، هو خيانةٌ صريحةٌ لله ولرسوله وللمؤمنين.
إن من الأخطاء القاتلة التي ارتكبها مرسي في مصر، أنه تحت ستار عدم استعداء العالم، ترك السفارات الأجنبية تسرح وتمرح في طول البلاد وعرضها، تتصل بالسياسيين والإعلاميين وقادة الجيش وحركات المجتمع المدني والتجمعات الشبابية، حتى استطاعت أن تُجيِّش عليه قطاعاً واسعاً من الشعب، فلما نضجت الأمور في نظرها، انقلبت عليه بحجة أن الشعب قد قال كلمته. أفيظن حزب العدالة والتنمية أن تنسيقه مع الأمريكان يجعله في مأمنٍ من غدرهم إن أرادوا أن ينقلبوا عليه؟
يا حزب العدالة والتنمية، يا أهل المغرب:
إن التغيير الحقيقي الذي تنشدونه وتتوقون إليه، وتُعوِّلون عليه ليرفعكم من حالة الضنك التي تعيشونها منذ عقود، لن يأتيكم باسترضاء المفسدين والإبقاء على مصالحهم، ولن يأتيكم بمداهنة أمريكا وفرنسا وبريطانيا وغيرها من الدول الطامعة وطمأنتها على مصالحها، ولن يأتيكم بالمواقف المتذبذبة المتأرجحة، ولكن سيأتيكم إذا توكلتم على ربكم واتخذتم مواقف حازمة في وجه كل من يتطاول على دينكم ومصالح بلدكم وأقوات عيالكم كائناً من كان.
إن التغيير الحقيقي يقتضي اقتلاع الفساد من جذوره، لا تهذيب فروعه فقط، وجذور الفساد هي:
• هذا النظام الرأسمالي الفاسد الذي ابتُلينا به منذ رضينا أن يُنحّى الشرع جانباً ونُساس بنظام وضعي ما أنزل الله به من سلطان.
• وما تفرع عن هذا النظام من نفوذ غربي مباشر ووسط سياسي فاسد ينهب خيراتنا ليضع في جيوب أسياده مقابل سلطة هزيلة أو فتات مال.
فإلى متى نستمر في إهدار جهودنا فيما لا ينتج، مع أن الطريق واضحٌ لكل ذي عينين؟
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
محمد عبد الله