Take a fresh look at your lifestyle.

خبر وتعليق الدولة العميقة في مصر لم تغب يوما كي تعود!

الخبر:

نشرت صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية تقريرا بعنوان “الدولة العميقة تعود في مصر مرة أخرى”، كشفت فيه عن وجود سيناريو منذ عدة أشهر لعزل الرئيس المنتخب محمد مرسي خططت له المعارضة والجيش.

وأشارت الصحيفة في تقريرها إلى اجتماع كبار قادة الجيش المصري، بشكل منتظم مع قادة المعارضة، وقالت إن “رسالتهم كانت أن الجيش سيتدخل وسيعزل مرسي بشكل قسري إذا استطاعت المعارضة حشد عدد كافٍ من المتظاهرين في الشوارع”. وأضافت الصحيفة أن من بين من حضر الاجتماعات قياديي جبهة الإنقاذ محمد البرادعي وعمرو موسى وحمدين صباحي.

 

التعليق:

بعد تنحي مبارك عن الحكم نتيجة ثورة ٢٥ يناير، كان واضحا أن مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية والقضائية، بقيت بكافة هيئاتها وإداراتها وما يتبعها من مؤسسات إعلامية واقتصادية ووسط سياسي كما هي، ولم تشبها شائبة، أضف إلى ذلك سياستها الخارجية المرتبطة كليا بالسيد الأمريكي، معبرة عن تبعية بغيضة للبيت الأبيض منذ انقلاب العسكر عام ١٩٥٢، ناهيك عن الدستور المصري الذي يشكل العمود الفقري لنظام الحكم، حيث إنه لم يصبه من التغيير إلا رتوش تكاد لا تذكر، لذلك يمكن القطع بأن المنظومة السياسية والفكرية والاقتصادية والعسكرية والقانونية والإعلامية في مصر لم يصبها أي تغيير جراء الثورة، وإنما اقتصر التغيير على رأس النظام الحاكم وبعض من حاشيته.

لقد قدمت القوى الإسلامية (المعتدلة) تنازلاتها على مذبح الديمقراطية الأمريكية – سلعة الغرب الفاسدة، فاستبعدت شعاراتها التي طالما نادت بها كالإسلام هو الحل والقرآن دستورنا، وغيرها من الشعارات التي تبرأت منها قيادات العمل (الإسلامي المعتدل) فور وصولهم للمناصب الرئاسية والبرلمانية، لدرجة أنهم اعتبروا أن هذه الشعارات لم تكن سوى وسيلة استقطاب مرحلية خدمت أهدافهم في توسيع القاعدة الشعبية، ولم تكن يوما مشاريع حقيقية للتطبيق، وكانت هذه التنازلات مقابل السماح لهم بالمشاركة السياسية في الحكم، والوصول بهم ومعهم إلى سدة الحكم، ليتربع مرسي على عرش مصر، بالرغم من تقليص صلاحياته الرئاسية، وبذلك وصل (الإسلاميون المعتدلون) وبقي الإسلام العظيم خارج الحكم.

لهذا يمكن الجزم بأن الدولة العميقة التي تشير إليها الصحيفة، لم تغب يوما عن الصورة، بل كان حكم مرسي هو واجهة وهمية لهذه الدولة أملا في تحسين وجهها القبيح، من أجل إجهاض أي مطلب حقيقي بتغييرها من جذورها، إلا أن حكم (الإخوان) لم يف بالغرض، ولم يستطع تحقيق الاستقرار والرخاء للشعب المصري، لا سيما في ظل وجود قوى أخرى عارضت حكم الإخوان منذ البداية، ورأت في تسلقهم للسلطة التفافا على الثورة وتواطؤاً مع النظام السابق!!

إن الانقلاب على (شرعية الصندوق) تم بمباركة أمريكية، وهي إشارة تدلل على محاولة أمريكا استباق الأحداث والسير مع حركة الجماهير من أجل احتوائهم وركوب موجة حراكهم الثوري وتوجيهه الوجهة التي تخدم مصلحتها في الحفاظ على هيمنتها في مصر وبقاء عملائها يمسكون بمفاصل الحكم وقواه الحقيقية ولا سيما الجيش، وقطع الطريق أمام أي مشروع آخر قد يفقد أمريكا مصالحها في مصر، سواء أكان مشروعا حقيقيا لإيصال نظام الإسلام إلى الحكم، أم كان تدخلا دوليا أو إقليميا هدفه سحب البساط من تحت أقدام عملائها في مصر.

لا شك أن صنم أمريكا المسمى بالديمقراطية قد تأذى بسبب إقدام أمريكا على السعي للتخلي عن مرسي الذي جاءت به ديمقراطيتها، وهذا بحد ذاته يبين حالة التخبط الذي تعانيه السياسة الأمريكية في المنطقة في ظل الثورات وخوفها من تفلت الأمور من قبضتها، لا سيما مع ما تراه من صمود أسطوري لثورة الشام وتصميمها على الخروج بسوريا من دائرة التبعية والانعتاق من هيمنتها وتشييد دولة عظمى على أنقاض حكم عملائها.

إن أحداث مصر قد أثبتت عقم الديمقراطية وعقم شرعية الصندوق وعقم الحوار مع الأنظمة، وإن فكرة تغيير النظام من داخله ليست سوى فكرة عبثية تضليلية لا تغني ولا تسمن من جوع، وإن الحاجة لاستمالة أهل القوة لصالح الفكرة المراد تطبيقها هي أس من أسس التغيير الجذري التي تعلمناها من مدرسة محمد صلى الله عليه وسلم، فلا إسلام يطبق إلا بظل دولة الإسلام، ولا دولة إسلام تؤسس إلا بالطريقة المحمدية المباركة، التي تبناها أحباب محمد صلى الله عليه وسلم بقيادة العالم العامل عطاء بن خليل أبي الرشتة حفظه الله.

فيا جيش مصر العظيم، يا خير أجناد الأرض، ألم يأن لكم نصرة هذا الدين ومبايعة خليفة راشد يخرج أهل مصر والأمة الإسلامية جمعاء من ضنك الرأسمالية إلى عدل الإسلام وسعته، ويحرر الأرض ويحمي العرض ويوحد الأمة ويعيد لها مكانتها المرموقة بين الأمم، وتعود منارة هدى للعالمين!

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أبو باسل