قتال نظام إيران وحزبه اللبناني أهل الشام تواطؤ مع أعداء الإسلام وحرب على مشروع الخلافة وتسعير للفتنة بين المسلمين
لقد فاجأت ثورة الشام العالم كله بانطلاقتها المباركة ومسيرتها الصامدة. وكانت الولايات المتحدة التي لطالما سخّرت نظام بشار لخدمتها من أكثر دول العالم تضرُّرًا وخسارة، فعملت على وأد الثورة في مهدها ولكنها بفضل الله فشلت. ولـمّا أقلقها احتمال سقوطٍ وشيكٍ لنظام بشار، وأرّقها مشهد رايات الإسلام وألويته تجتاح بلاد الشام، وأصابها الهلع وهي ترى انتشار مشروع الدولة الإسلامية، بل مشروع الخلافة، في الرأي العام وبين صفوف قادة الرأي والميدان في سوريا، ثم وجدت أن شرطيّها التركي أردوغان فشل في استيعاب الثورة ولجمها لجأت إلى ورقتها الفعالة الأخرى في المنطقة: نظام إيران، ذلك النظام الذي تدفعه عداوته لنهضة الأمة بمشروع الخلافة، إلى تسخير قوته في إيران والعراق ولبنان لخنق الثورة والقضاء عليها.
وحين نتكلم على عداوة هذا النظام لمشروع الخلافة وخوفه من ارتكازه في بلاد الشام فنحن نعي ونقصد ما نقول، فلقد سبق لهذا النظام أن أعرب منذ سنوات عن خوفه من مشروع الخلافة الذي يعمل له حزب التحرير في آسيا الوسطى. وأما في يومنا هذا فليس من قبيل المصادفة أن ينشر إعلام حزب إيران اللبناني مقالات تشن الحملة على مشروع الخلافة وتفضّل العلمانية عليها، (انظر المقال المنشور في جريدة الأخبار وموقع المنار التابعين لحزب إيران في 2013/07/23 تحت عنوان: “إحياء الخلافة الإسلامية مشروع وهمي سيدمر الأمة العربية”، والمقال المنشور في مجلة الوحدة الإسلامية التابعة له أيضاً في عددها الأخير تحت عنوان “الخلافة الإسلامية بين الواقع والخيال”.
كان حزب إيران أطلق المزاعم بأنه أرسل مقاتليه إلى سوريا لغاية حماية بعض “المقدسات” وحماية لبنانيين يسكنون داخل سوريا، ولكنه بعد انكشاف ضلوعه في هذه الحرب بشكل كامل عمد إلى تبرير هذا القتال بأنه قتال للتكفيريين، فالتحق بخطابه هذا بالخطاب الأميركي الذي لطالما سمّى حربه على الأمة الإسلامية حربًا على الإرهاب. كما اجتهد في إظهار صورة بعض الممارسات المنسوبة إلى بعض مقاتلي الثورة، فكرر الكلام على نابشي القبور وآكلي القلوب وما شاكل ذلك من الكلام المبتذل. بل حاول أن يقلب الصورة بالزعم أن ثورة الشام أثارت العداوة بين السنة والشيعة، مسلّطًا الضوء على فئات تقول بتكفير الشيعة.
والحقيقة التي لا مراء فيها أنهم يكذبون على بصيرة، وأنهم إنما اعتمدوا هذه المبررات ليستروا بها الدافع الحقيقي لموقفهم، ألا وهو تكريس هيمنتهم على المنطقة والحؤول دون قيام دولة الخلافة في الشام، مستعينين في ذلك كله بتأييد وليّتهم أميركا. فهم يعلمون أكثر من غيرهم أن جرائم نظام بشار وشبيحته لا يضاهيها إجرام في العالم، ويعلمون أنهم لا يقاتلون التكفيريين، وإنما يحاربون كل التيارات الإسلامية في سوريا دون استثناء، وأنهم اعتمدوا مصطلح التكفيريين للدلالة على كل من يرفع الراية الإسلامية في ثورة الشام. وهم يعلمون أن ظاهرة التكفير ضمن السنة والشيعة ليست بجديدة، فمنذ مئات السنين يُكفّر فريق من الشيعة السنة وتُكفّر فئة من السنة الشيعة، وأنه لا جديد في هذا الأمر، سوى أن إيران وجندها في العراق وحزبها في لبنان صبّوا الزيت على نار التكفير فاشتد أوارها وبعدت الشقة بين السنة والشيعة أكثر من أي وقت مضى. وقد بدأ تسعير نار الفتنة هذا مع مشاركة إيران في الغزو الأميركي للعراق سنة 2003 وبلغ أشده مع إرسال حزبها اللبناني المقاتلين إلى سوريا لقتل أهل الشام الثائرين.
أيها المسلمون في لبنان وسائر بلاد الشام:
لقد اتضحت الصورة جليّةً لكل من كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد، إنها هجمة واحدة تشنها أميركا وعملاؤها ونظام إيران وحزبه عن قوس واحدة. وإن حربهم التي أسموها حربًا على التكفيريين ما هي إلا حرب على الهوية الإسلامية المتصاعدة لثورة الشام والتي تؤذن بنهاية الهيمنة التي تقاسموها على المنطقة. فإن علمتم ذلك فامضوا قدمًا بمزيدِ عزمٍ وإصرار إلى استعادة سلطانكم من سُرّاقِه، وإلى إعادة سيادة الشرع على أرضكم ومجتمعكم، وأروا الله تعالى من أنفسكم ما يحب ويرضى.
أما أنتم أيها المسلمون الذين يحسبهم حزب إيران جمهورًا له، فإننا نتوجه إليكم بخطاب الناصح الحريص:
هذه أمتكم، وأهل الشام إخوانكم الذين لطالما وقفوا معكم في المحن، وليس إيواؤهم إياكم سنة 2006 يوم هجّركم طيران يهود من دياركم عنكم ببعيد. اليوم ثاروا على الطاغية العلماني الفاجر ونشدوا العيش في ظل إسلامهم وعزّ إيمانهم رافضين العبودية لآل أسد وزبانيتهم، أفيرضيكم أن يجنّد حزب إيران أبناءكم لقتال إخوانكم نصرةً للطاغية والبعث العلماني، وكل ذلك تحت شعار الحسين رضي الله عنه؟! فهل كان قتال الحسين رضي الله عنه في العراق نصرة للظالم الذي اغتصب سلطان المسلمين وحكم بغير ما أنزل الله وسام الرعية سوء العذاب؟! أم كان قتاله من أجل إعادة السلطان المغصوب للأمة صاحبة الحق فيه؟! فاحذروا أن تنساقوا بعيدًا وراء خطابات حزب إيران الظالمة. يريد نظام إيران التترّس بكم ويسعّر نار الفتنة بينكم وبين إخوانكم، فقولوا له ما تُرضون به ربكم وتحقنون به دماء أمتكم. وإن كنتم تحرصون على إخوانكم في حزب إيران فانصروهم النصرة التي أمركم بها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذ قال: “انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا نَنْصُرُهُ مَظْلُومًا فَكَيْفَ نَنْصُرُهُ ظَالِمًا قَالَ تَأْخُذُ فَوْقَ يَدَيْه”.
وفي الختام اعلموا أن دولة الخلافة التي نعمل لها ويقترب انبلاج فجرها يومًا بعد يوم هي الدولة الجامعة لجميع المسلمين ومن يعيش معهم، فهي لا تفرق بين رعاياها. ولا تلتفتوا إلى من يخوِّفكم إياها، ولا تصدقوا من يزعم أنها ستضطهد فريقًا من المسلمين أو تجعلهم مواطنين من الدرجة الثانية، فكل من شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله وأقر بأركان الإسلام والإيمان ولم ينقض إيمانه بكفر بيّن هو أخ لسائر المسلمين له ما لهم وعليه ما عليهم من الحقوق والواجبات. بل إن كل من حمل التابعية للدولة الإسلامية ولو لم يكن مسلماً هو من رعاياها، لا تمييز في رعاية الشؤون بينه وبين المسلمين. ففي دولة الخلافة عزكم وطمأنينتكم وإنصافكم ورفعتكم.
((وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ)).