خبر وتعليق اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ (TPPA) لن تقود الحكومة ماليزيا إلى الإفلاس!
الخبر:
موار: إن الحكومة لن تقايض كرامة ماليزيا، وتؤدي إلى إفلاسها فيما يتعلق بمفاوضات اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ (TPPA) التي عقدت في كوتا كينابالو الأسبوع الماضي.
وقال نائب وزير التجارة الدولية والصناعة “داتوك حميم ساموري”: “لن نبرم أي اتفاق دون النظر في آراء جميع الأطراف المعنية وضمان حقوق الشعب.”
وقال في حفل إفطار وتقديم الزكاة إلى 120 يتيماً في مسجد بيكان بوكيت جامبير في ليلة الجمعة والذي أقيم برعاية بنك “إس إم إي” في إطار مشروع “مسئولية الشركات الاجتماعية” :”أن أرباح البلد من التجارة الدولية قد بلغت 200 بليون روبية ماليزية سنوياً”. وأكد كذلك أنه لا يجب أن تكون المفاوضات مصدر قلق للناس وذلك لأنها لم تنته..
وأضاف: “باعتبارها دولة نامية وتعتمد على التجارة الدولية، لا يمكن لماليزيا أن تعزل نفسها ولكن يجب أن تشارك في هذه المفاوضات.”
وفي الوقت نفسه، وصف حميم الاعتراضات من المنظمات غير الحكومية في كوتا كينابالو وكوالالامبور على المفاوضات بأنها ذات دوافع سياسية. – برناما. [المصدر: ستار أون لاين]
التعليق:
خلال الأسابيع القليلة الماضية، واستباقا للجولات المقبلة من المحادثات في كوالالامبور حول اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ، تعالت أصوات معارضة في ماليزيا على هذا الاتفاق المبهم الذي أنجب من قبل الولايات المتحدة والذي سيتم الاتفاق عليه من قبل 10 بلدان أخرى في منطقة المحيط الهادئ، ربما بحلول نهاية هذا العام. ويتم الاحتفاظ بكثير من المفاوضات والوثائق المتعلقة بهذا الاتفاق في إطار من السرية، وعلى الرغم من ذلك فقد تسرب بعضها. إن المعلومات غير الكاملة حول الاتفاقية أدت بدورها إلى العديد من النظريات والحجج المؤيدة والمعارضة لتوقيع ماليزيا للاتفاقية. ويقال أن الزيارة المرتقبة لباراك أوباما إلى ماليزيا في طريقه إلى بروناي هي أيضا من أجل تحفيز رغبة الحكومة الماليزية لتوقيع الاتفاقية مبدئياً في أكتوبر من العام الجاري.
ومن الواضح أن الاتفاقية ليست فقط حول التجارة فقد أظهرت الفصول التي تسربت أنه سوف يتم إشراك قطاعات مختلفة مثل الخدمات العامة، والمشتريات الحكومية، والملكية الفكرية…إلخ. إن الموافقة على اتفاقية التجارة الحرة تعني أن على القوانين والسياسات المحلية أن تخضع لتغييرات جذرية والتي سوف تؤثر بالتأكيد على الاقتصاد المحلي والمجتمع ككل.
من الواضح من المناقشات التي عقبت حول الاتفاقية هي مظهر من مظاهر القلق العام إزاء الشرور المتأصلة في الرأسمالية. إن الرأسمالية تحتوي على بطارية من التسلح لضمان بقائها. وأحد أسلحتها للبقاء الأكثر فعالية هو الترويج للتجارة الحرة. في الأصل، فإن التجارة الحرة لها دلالة إيجابية ولكنها في الرأسمالية، تصبح الأسلوب الأكثر فعالية وكفاءة لضمان السيطرة والهيمنة من قبل الاقتصادات الرأسمالية الكبرى على البلدان الأضعف اقتصاديا. في كثير من الأحيان، يتم الحديث عن التجارة الحرة كمنصة حيث جميع الدول المشاركة تكون قادرة على التجارة بحرية، وتحرير سوق ضخمة حيث يمكن إجراء صفقات تجارية عادلة وبطريقة مربحة للغاية لتوفير مثل هذا المنبر لـ11 بلدا المشاركة. هل هذا صحيح حقا؟ هل صحيح أنه من خلال التوقيع على اتفاقية التجارة الحرة، سيكون البلد قادرا على جني الفوائد الموعودة؟ في الواقع ما وعد ليس أكثر من واجهة.
إن اتفاقيات التجارة الحرة ليست شراكة على قدم المساواة ولا تقف من أجل تحقيق مكاسب متبادلة. بل هو اتفاق ملزم من جانب واحد ويحمي مصلحة الشركات المستثمرة الأجنبية، وخاصة من الولايات المتحدة، وتمكينهم من تقويض الدول الضعيفة وتعزيز هيمنتها على هذه البلدان.
اتفاقيات التجارة الحرة في جميع أنحاء العالم تسرد الأساطير والفخاخ المخفية التي تقع البلدان الضعيفة اقتصاديا فيها في الكثير من الأحيان. كثيرا ما يتم عرض هذه الاتفاقات كحافز للتنمية والاستقرار الاقتصادي. ولكن، ما حدث ويحدث للاقتصاد العالمي خلال العقدين الماضيين أثبت بالتأكيد هذا الخطأ. باسم العولمة، نحن نرى الأزمة الاقتصادية المتكررة، ونحن نرى البلدان التي جردت عارية، وغير قادرة على حماية نفسها من موجات من الهجمات المالية الأجنبية، ونحن نرى الثروات التي سرقت من أمام أعيننا من قبل الشركات الكبيرة والمضاربين الدوليين عديمي الضمير.
هذه هي الرأسمالية. إنه النظام الذي يحيا على أعمدة مبنية على الحرية، حرية تملك ما تشاء، وحرية قول ما تشاء، وحرية الاعتقاد في ما تشاء مما يشعرك بالراحة وحرية التعبير عما تشاء. هذا هو النظام الذي لا يضمن أبدا سبل العيش الأساسية للفرد ونظام يتجلى بوضوح ظلمه بطرق لا يمكن إنكارها منذ إنشائه حتى اليوم. وإلى الآن، لا يزال الإنسان يتمسك بهذا النظام، رغم علمه جيدا أن هذا هو النظام الذي يجلب الكثير من البؤس واليأس له. بالنسبة لماليزيا، فإن توقيع الاتفاقية يعني انفتاح البلاد على الرأسماليين عديمي الضمير العازمين على اغتصاب ثروات البلاد. ولكن في الواقع، فقد وقعت ماليزيا وبلدان أخرى مسلمة بالفعل على هذا “الاتفاق”، بقصد أو بدون قصد، من خلال الموافقة على تطبيق الرأسمالية والعيش بها. ونتيجة ذلك، فإنه عندما ينظر إلى جانب معين من الرأسمالية على أنه غير عادل، يتم البحث عن حل في إطار منظومتها، فقط للعثور على مزيد من الظلم ومزيد من الحزن وهذا هو ما يتوقعه المرء في النظام الذي أنشئ من قبل البشر. وقد حبا الله سبحانه وتعالى الإنسان نظاما مثاليا، وهو النظام الذي يحل جميع مشاكل البشرية. الإنسان، والمسلمون على وجه الخصوص، ينبغي أن يعتبروا وأن يتعلموا من مظاهر الرأسمالية الكارثية والضارة. ونظرة إلى التاريخ تبين لنا أن نظام الإسلام المثالي قد طبق من قبل وفقط من خلال إعادة تطبيق هذا النظام تحت مظلة الخلافة يمكن حقاً أن يتحقق النمو والاستقرار والمساواة الدائمة.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
الدكتور محمد / ماليزيا