Take a fresh look at your lifestyle.

خبر وتعليق طقوس الحكم الجبري لا تزول إلا بالخلافة


الخبر:

تناقلت وسائل الإعلام أن الملك محمد السادس سيترأس حفل الولاء ثاني أيام عيد الفطر الموافق ليوم السبت 10/08/2013.


التعليق:

يقام حفل الولاء والبيعة عادة في 30 من يوليوز من كل سنة لتجديد الولاء والبيعة لملك المغرب، ويشارك في الحفل مستشارو الملك وكبار المسؤولين المدنيين والعسكريين والوزراء والولاة والعمال والمنتخبون وأعيان كافة جهات المملكة. ويتقدم الحضور بجلابيبهم البيض في مجموعات بين يدي الملك وهو على جواده يقدمون له طقوس الولاء بالركوع بين يديه، وخدم المخزن يرددون “الله يبارك في عمر سيدي”، فيباركهم الملك بأن ينقل أحد خدام المخزن دعوات الملك للراكعين من قبيل “الله يعينكم قال لكم سيدي” “الله يرضى عليكم قال لكم سيدي” “الله يصلحكم ويرضى عليكم قال لكم سيدي” “تلقون الخير قال لكم سيدي”. وقد صرح الملك محمد السادس لمجلة باري ماتش سنة 2004 بخصوص نظرته للبرتوكول الملكي والذي منه حفل الولاء قائلا: “لقد ولدت وترعرعت ضمن هذه التقاليد البرتوكولية، وهي تمثل جزءا لا يتجزأ من كياني، وخاصة من حياتي المهنية التي تظل هذه التقاليد مقرونة بها”.

إن طقوس حفل الولاء طقوس عبودية، وهي بدلالتها الرمزية تنسب السيادة والإمارة والنسب الشريف المقرون بالبركة للملك وتُقَدِّم “ممثلي الأمة” على أنهم عبيد رُكَّع لا يعصون سيدهم ما أمرهم حيث يختمون طقوس ركوعهم بقولهم “نعم سيدي”، هكذا يُقَسِّم القصر أهل المغرب إلى سادة أشراف وعبيد رُكَّع، وهكذا يصنع القصر هيبته!

إن مكان الركوع الصلاة ولا يكون إلا لله، وقد نهى عليه الصلاة والسلام عن الانحناء للتحية فَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: (قَالَ رَجُلٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، الرَّجُلُ مِنَّا يَلْقَى أَخَاهُ أَوْ صَدِيقَهُ أَيَنْحَنِي لَهُ ؟ قَالَ : لا)، وكانت البيعة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مصافحة وورد أن عبد الله بن عمر أداها لعبد الملك كتابة ولم يرد قط في كيفية أدائها أنها كانت بالركوع.

ومع سقوط هيبة أنظمة الاستبداد، وكسر حاجز الخوف مع ثورات الربيع العربي اشتدت أصوات المغاربة المنددة بطقوس العبودية هذه والمطالبة بإلغائها، لكن القصر ظل متمسكا بها معرضا عن هذه الدعوات قامعا لها. فهل يستمر الحال على ما هو عليه أم يخفف القصر من طقوس هذه السنة استرضاء للناس وتحسينا لصورة الملك والملكية التي اهتزت مع فضيحة العفو عن مغتصب 11 طفلا قاصرا محكوم بـ 30 سنة سجنا لم يقض منها سوى سنتين ونصف؟

الجواب سيكشف عنه حفل الولاء للثاني من شوال، والمخزن إما أن يمرر خطاب الاستبداد الذي يقول بلسان حاله: “يا قوم أليس لي ملك المغرب وهذه الرقاب تركع لي” فيزداد الناس حنقا على حنق، أو أن يخفف منها دون إلغائها لامتصاص غضب الناس عن قرار العفو الذي لم يمض عليه إلا أسبوع.

وكيفما كانت رسالة القصر فمما لا ينبغي الغفلة عنه أن طقوس حفل الولاء والبيعة ما هي إلا كيفية لأداء الولاء والبيعة، وأن المطالبة بإلغائها يجب أن لا ينسينا البيعة نفسها.

لقد أوجب الشرع تنصيب الإمام قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ) ولا يأمر الله بطاعة من لا وجود له، فدل على أن إيجاد ولي الأمر واجب. وبين الشرع طريقة تنصيب الإمام وهي البيعة وهي ثابتة من بيعة رسول الله صلى الله عليه وسلم كما جاء في حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه: “بَايَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ”، ومن أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم لنا ببيعة الإمام عن أَبي حَازِمٍ قَالَ قَاعَدْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ خَمْسَ سِنِينَ فَسَمِعْتُهُ يُحَدِّثُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (كَانَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ تَسُوسُهُمْ الْأَنْبِيَاءُ كُلَّمَا هَلَكَ نَبِيٌّ خَلَفَهُ نَبِيٌّ وَإِنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي وَسَيَكُونُ خُلَفَاءُ فَيَكْثُرُونَ قَالُوا فَمَا تَأْمُرُنَا قَالَ فُوا بِبَيْعَةِ الْأَوَّلِ فَالْأَوَّلِ). والبيعة الشرعية تكون على الحكم بكتاب الله وسنه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال تعالى: (وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللّهُ إِلَيْكَ) وخطاب الرسول خطاب لأمته ما لم يرد دليل يخصصه به، وهنا لم يرد دليل فيكون خطاباً للمسلمين بالحكم بما أنزل الله.

فالخلافة والإمامة وإمارة المؤمنين لا تنعقد إلا بوجهها الشرعي، وطريقة عقدها هي ببيعة الأمة عن رضا واختيار من يحكمها بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وتؤدى البيعة مصافحة أو كتابة أو بأي وسيلة من الوسائل التي تحقق المقصود وتكشف عن رأي الأمة كالتصويت الإلكتروني.

فلا تشغلنكم طقوس البيعة عن عقد البيعة، فلن يزول الاستبداد وطقوسه إلا بعقد بيعة شرعي.

 

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
محمد عبد الله