خبر وتعليق دمار الأمطار والسيول في السودان مسئولية من
الخبر:
نبهت ولاية الخرطوم وإدارة الدفاع المدني بالولاية بأن هناك معلومات تشير إلى هطول أمطار غزيرة بمنطقة البطانة يخشى أن تنتج عنها سيول. وطالبت مواطني المناطق التي ضربتها السيول بمنطقة شرق النيل توخي الحذر (شبكة شروق) 10/8/2013م. وقال والي ولاية الخرطوم إن الإحصائيات النهائية حتى الآن للمتضررين من انهيار منازلهم كلياً بفعل السيول التي اجتاحت الولاية أخيراً بلغت حوالي تسعة آلاف من المنازل بمحليات شرق النيل وبحري وكرري (المصدر السابق). كما تسببت الأمطار في انهيار 1300 منزل بولاية الجزيرة منها 600 انهارت كلياً. أما بمحلية أمبدة فقد لقي 10 أشخاص مصرعهم بدار السلام وانهار 428 منزلاً كليا وتضرر 2400 منزل جزئياً. وقد أوضح الأستاذ/ عثمان حمزة “المدير التنفيذي لمحلية أمبده” (لسونا)، إن الأمطار التي هطلت بالمحلية أدت إلى خسائر في الأرواح وانهيار عدد من المنازل (موقع النيل 1/8/2013م). وفي ذات السياق بلغت حجم الخسائر بولاية نهر النيل 1613 منزل انهارت كلياً، وثلاثة آلاف منزل انهياراً جزئياً (صحيفة آخر لحظة ) تحت عنوان (محلية شندي تكشف حجم الخسائر جراء السيول)، علاوة على أن جميع الشوارع الفرعية والساحات العامة تقريبا بولاية الخرطوم أصبحت ممتلئة بمياه الأمطار التي لم تجد لها اللهم إلا أن يأتيها فرج من السماء فيَمن الله عليها بيوم مشمس شديد الحر حتى تتبخر هذه المياه قبل أن يتوالد بها الذباب والبعوض فيصاب الناس بالإسهالات المعوية والملاريا.
التعليق:
نعم إن هذا الخراب في الممتلكات، والذي هو شقاء حياتهم والفقد الجلل في الأنفس ومع فداحته، نجد أن تعامل المسئولين في الدولة اتسم بكثير من الامتنان على الناس بالإنجازات التي قاموا بها كما سمعنا وشاهدنا وقرأنا في وسائل الإعلام المختلفة، وكذلك سمعنا كثيراً من التبريرات التي لا تبني بيتاً ولا تطعم جائعاً ولا تشفي مريضاً؛ ففي الوقت الذي يتحدثون فيه عن المجهودات التي قاموا بها نجد أن الواقع يكذب ذلك، وأقوال المتضررين عبر أجهزة الإعلام المختلفة لا تؤيد ما يقولون، وبالرجوع إلى ما بث عبر الفضائيات يمكن الوقوف على حقيقة ما جرى ويجري حتى كتابة هذه السطور. كما يحاول بعض المسئولين تبرير ما حدث بأن الناس هم الذين بنوا منازلهم في مجاري السيل، وكأن الذي يبني في مجري السيل ليس من مسؤولية الدولة. إن الذي حدث في السودان ويحدث في كثير من البلاد الإسلامية ناتج عن غياب فكرتين أساسيتين من عالمنا الإسلامي، فكرتين طالما حث الإسلام عليهما وحضّنا على التمسك بهما، “فكرة رعاية الشؤون عند الحكام، وفكرة المحاسبة عند الأمة”؛ فالحكم في الإسلام إنما هو أمانة، وهو خزي وندامة إلا من قام بحقه وقليل من هم. فسيدنا عمر رضي الله عنه وتصرفه في عام الرمادة والذي أشفق عليه كافة الصحابة حتى إنهم قالوا لو هلكت هذه الأمة فإن أول الهالكين خليفتها.
أما بعد غياب أفكار الإسلام عن الحياة العامة فقد أصبح الحكم من أجل إشباع شهوة السلطة، وتحقيق المصالح للحاكم ولحاشيته بعيداً عن الإحساس بالمسؤولية تجاه الناس، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول (والإمام الذي على الناس راع ومسئول عن رعيته)، والحديث الذي يقول فيه الرسول صلى الله عليه (ما من والٍ وهو غاش لهم إلا حرم الله عليه الجنة)، فحينما تغيب فكرة الرعاية من ذهن الحاكم ولا يجد من يحاسبه من أبناء المسلمين فحينئذ لا نتوقع منهم إلا ما نراه الآن، بالرغم من أن الله سبحانه وتعالى قد فرض علينا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقاباً من عنده)، وعشرات النصوص من الآيات والأحاديث التي تحضنا على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتحذرنا من ترك هذا الواجب، إلا أننا نجد كثيراً من أبناء الأمة الإسلامية يتقاعسون عن هذا الفرض مما جعلنا نهوي إلى هذا الدرك السحيق الذي نحن فيه. نسأل الله أن تكون هذه الانتفاضة الأخيرة التي اجتاحت البلاد الإسلامية مقدمة خير وبركة، وتخلصنا مما نحن فيه من وهن والله نعم المجيب.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
المهندس حسب الله النور / ولاية السودان