Take a fresh look at your lifestyle.

مع الحديث الشريف باب تحريم الظلم 3

 

نحييكم جميعا أيها الأحبة الكرام في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم “مع الحديث الشريف” ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

جاء في صحيح الإمام مسلم في شرح النووي “بتصرف” في ” باب تحريم الظلم”.

حدثنا قتيبة بن سعيد وعلي بن حجر قالا: حدثنا إسماعيل وهو ابن جعفر عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “أتدرون ما المفلس؟ قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، فقال: إن المفلس من أمتي يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي قد شتم هذا وقذف هذا وأكل مال هذا وسفك دم هذا وضرب هذا فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه، أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار”.

أيها الأحبة الكرام:

إن هذا الحديث فيه من الخوف ما يكفي للمسلم لأن يضبط سلوكه وفق أحكام الله عند التعامل مع الناس. فالويل كل الويل لمن لم يلتزم بهذا الحديث وإن صلى وصام، وإن زكّى وحج وقال لا إله إلا الله، فهذه العبادات وغيرها مما يتعلق بعلاقة الإنسان مع ربه، لا تكفي كي يأتي يوم القيامة نظيفا من الذنوب، فعلاقة الإنسان بغيره من الخلق مهمة أيضا كما ورد في الحديث.

أيها المسلمون:

 

لماذا لا يلتفت بعضنا إلى هذه العلاقة؟ لماذا الكثير منا أصبح مفلسا بحسب وصف الرسول- صلى الله عليه وسلم-؟ فضرب المسلم للمسلم واقع وحاصل، وسرقة المسلم للمسلم واقعة وحاصلة، والغش والكذب والخداع والخيانة والسلب والنهب والقتل فحدث ولا حرج، حتى أصبحت مجتمعاتنا بعيدة عن أخلاقيات الإسلام التي أرادها شرعنا الحنيف.

أيها المسلمون:

 

إذا كانت هذه حال المفلس كما وصفه الرسول – صلى الله عليه وسلم-، فما هي حال صنّاع الإفلاس يوم القيامة؟ ما هي حال من يصنعون أجواء الإفلاس ويبنون علاقات الناس على أساس الإفلاس؟

ماذا سيقولون وماذا سيفعلون؟ وكم عدد الناس الذين سيتوجهون إليهم يوم القيامة ليأخذوا من حسناتهم إن كان لهم حسنات؟ وكم سيطرحون عليهم من سيئاتهم؟ ماذا سيقولون لربهم يوم الفرقان وخصيمهم في ذلك اليوم طفل من أطفال الشام، يقول لربه: يا ربي سل هؤلاء الحكام المفلسين فيما قتلوني؟ لماذا قتلوني بسكوتهم عن قتلي؟ لماذا لم يحركوا جيوشهم لنصرتي؟ ماذا سيقولون لربهم يوم الفرقان وخصيمهم في ذلك اليوم حرة من أحرار الشام مغتصبة، تقول لربها: يا ربي، سل هؤلاء الحكام المفلسين فيما سكتوا عن نصرتي؟ وقد استنصرتهم وأنت القائل: ” وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ “.

أيها المسلمون:

 

إن هؤلاء الحكام المفلسين الذين اعتلوا صهوة الحكم في غفلة من الأمة، هم أكثر الناس إفلاسا يوم القيامة، فهم الذين صنعوا الإفلاس ومارسوه، وعندما قامت الأمة لتحاسبهم ازدادوا قتلا وقهرا للأمة، فازدادوا إفلاسا على إفلاسهم. فماذا سيقولون لربهم يوم القيامة؟ ويا ليت الأمر وقف عند هؤلاء، فعلماء السلاطين أيضا مفلسون، كيف لا وهم الذين وقفوا مع حكامهم على ظلمهم؟ فبرروا لهم الإفلاس ونصبوا عليه أدلة زورا وبهتانا وتحريفا، فكان دورهم كدور المدافع عن الشيطان، ونسوا المهمة التي أوكلها الله تعالى لهم، فازدادوا إفلاسا على إفلاس.

احبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

 

كتبه للإذاعة: أبو مريم