خبر وتعليق أردوغان أسد الخطابات ونعامة المواقف
الخبر:
نقلت جريدة الحياة في عددها الصادر يوم الاثنين 26 آب/أغسطس، مقالاً تحت عنوان: “أردوغان يؤكد وحدة مصيره مع «إخوان» مصر!”، أثار عدد من المسائل، تعليقاً على خطاب رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان المتمحور حول الأحداث المصرية. فقد راح أردوغان “يستجلب التاريخ وقصص الأنبياء في وصفه لما حدث في مصر، قائلاً إنه ينتظر ظهور«موسى» ليقضي على «فرعون» وأعوانه، واصفاً وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي بالفرعون الجديد”، مؤكدا دعمه الكبير لتنظيم «الإخوان المسلمين» في مصر”.
التعليق:
إن محاولة أردوغان توثيق الصلات بينه وبين الإخوان المسلمين أمر يمكن تفهمه، ولأسباب عدة نذكرها لاحقاً، ولكن ما لا يمكن للمرء أن يتفهمه، أن يرتقي بمرسي إلى منزلة الأنبياء ويشبهه بأنه “موسى” مصر الذي سيقضي على فرعونها! فإنه لأمر غريب عجيب! هذا الموقف يذكرنا بموقف مرشد الإخوان المسلمين محمد بديع الذي شبه منذ أسابيع عزل مرسي بهدم الكعبة!
بالعودة لموقف أردوغان من أحداث مصر، فإن أردوغان تكونت عنده قناعة تامة، بانقطاع شعرة معاوية بينه وبين الاتحاد الأوروبي، لذا كانت سياسته أن يدير بوجهه تلقاء الشرق الأوسط- بعد أن أدارت أوروبا له ظهرها- ليلعب دور “الزعيم المنتظر” و”فارس الإسلام”، فتتوجه الأمة بأنظارها إليه، وهي ترى فيه المنقذ من مشكلاتها وأزماتها المتتالية. وللعب هذا الدور، كان لا بد لتركيا أن تأتِي بقضية تؤلّف المسلمين حولها، وتكون نافذة العبور نحو الهيمنة على الشرق الأوسط، في ضوء اشتداد النزاع مع الجار الإيراني، الذي تمدد أخطبوطه بمؤازرة ومباركة من قبل أمريكا، في كلٍ من العراق وسوريا ولبنان وفلسطين. فكان “الإسلام المعتدل” هو “الترياق” لعطش الأمة للقائد المنقذ (بل هكذا خُيّل للبعض). وهنا كانت نقطة التلاقي بين تركيا والإخوان المسلمين، فكان طبيعياً هذا الدفاع عنهم وشرعية حكم مرسي ولأبعد الحدود.
لكن لا يظنّن ظان أن ما يجمع تركيا مع الأخوان هو الفكر والأيديولوجيا، بل الحقيقة أنها علاقة مصلحية براغماتية صرفة. فأردوغان يبدو مقتنعاً بأن انتهاء تجربة “الإسلام المعتدل” أو فشله على يد جماعة الإخوان في المنطقة، سينهي الدور الإقليمي لتركيا، الأمر الذي ظهر جلياً في ضوء تحركات متظاهري حديقة غيزي بارك في إسطنبول، والتي هزت كرسي حكم أردوغان، وذكرته أن مزاج الشارع التركي يمكن أن يتبدل في أي لحظة. وللتأكيد على أن العلاقة مع إخوان مصر والعالم الإسلامي علاقة براغماتية أكثر منها علاقة عقدية أو علاقة فكر سياسي، تتأكد من خلال تصريحاته المتعددة باستثارة المشاعر التاريخية لدى الناس، عبر إيقاظ أحلام عودة المارد العثماني ليكون قوياً ولاعباً أساسياً في المنطقة، وليس عودة الخلافة الإسلامية ولا بحال من الأحوال.
إن أردوغان أجاد التصريحات النارية الفارغة، من تخوين الأسد ووصفه له بـ “طاغية العصر” وتوعده إياه بعدم الإفلات من العقاب، وأنه سيرحل عاجلاً أو آجلاً، إلى وصفه الفريق عبد الفتاح السيسي بـ “الفرعون الجديد”، يبزر أردوغان بأنه “أسد الخطابات ونعامة المواقف”، في لحظات حرجة، الأمة فيها بأمس الحاجة لمن يمد لها طوق النجاة من مجازر مروعة شرق تركيا (سوريا) وجنوبها (مصر)، بينما جيش “أسد الخطابات ونعامة المواقف” لا يحرك ساكناً.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
خليل عبد الله/ عضو المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير