خبر وتعليق من أحمد جلبي إلى أحمد جربا ما الفرق بينهما
الخبر:
صرح أحمد الجربا رئيس الائتلاف الوطني السوري لصحيفة لوباريزيان الفرنسية في 29\8\2013 قائلا أنه “يتوجب على الغربيين أن يضربوا بشار أسد، وأن يحيلوه إلى محكمة الجنايات الدولية”. وأضاف: “لا نريد أن نتخلص من الأسد كي نجد أنفسنا مع القاعدة”. وادعى أن “هؤلاء المتطرفين يستعملهم النظام الذي يريد تخويف العالم”. وذلك في رد على سؤال الصحيفة المتعلق بالمقاتلين الإسلاميين. وفي تاريخ سابق طالب “الرئيس الأمريكي أوباما وغيره من قادة الغرب بتحمل المسؤولية والتدخل الحاسم لوقف مسلسل قتل السوريين بالأسلحة التقليدية والكيماوية”.
التعليق:
إن أحمد الجربا رئيس الائتلاف الوطني السوري يذكّرنا بأحمد جلبي رئيس حركة المؤتمر الوطني العراقي؛ إذ قام الأخير وطالب الرئيس الأمريكي السابق وقادة الغرب الآخرين بالتدخل في العراق وقدم لهم الإخباريات التي يطلقون عليها المعلومات لصرف النظر عن أعمال الجواسيس، وقد أقرت الإدارة الأمريكية على عهد بيل كلينتون 90 مليون دولار لتقدم للمعارضة العراقية وعلى رأسها حركة المؤتمر الوطني العراقي. وجاء الجلبي على ظهر الدبابات الأمريكية عند احتلال العراق عام 2003 فرحا بانتصار الأمريكان ومنتظرا تنصيبه من قبلهم رئيسا للجمهورية بديلا عن صدام مقابل خدماته التي قدمها لهم، ولكن أمريكا استغلته في بعض الوظائف لفترة ثم لفظته كما لفظت غيره من العملاء في كل مكان بعد أن يستنفدوا أدوارهم ومهماتهم الموكولة لهم لوقت قصير أو طويل. وهم يتوهمون أنهم باقون طيلة الحياة وكأن أمريكا لا تستطيع أن تستغني عن الواحد منهم لأنه فريد من نوعه ومتفانٍ في خدماته لها. وأحمد الجربا ينتظر أن تنصبه أمريكا رئيسا في سوريا بديلا عن عميلها الأسد مقابل خدماته لها وتقديمه المعلومات الجاسوسية عن الحركات الإسلامية، حيث أعلن رئيس الأركان الأمريكي مارتن ديمبسي في وقت سابق أنه يحصل على معلومات عن الحركات الإسلامية من قوى المعارضة أي من الائتلاف. ولكن ربما تستخدمه لفترة وتلفظه كما لفظت قرينه الجلبي، بل ليتذكر الجربا كم رئيسا بدلت أمريكا قبله خلال سنتين في ائتلافه الوطني من غليون إلى سيدا إلى الخطيب إلى صبرا مؤقتا.
وأحمد الجربا يعلن عداءه للحركات الإسلامية متفانيا في إرضاء أمريكا حتى ترضى عنه ولعلها تنصبه رئيسا، ويسوي بين الحركات الإسلامية وبين بشار أسد، بل إنه يفضل التعامل مع بشار أسد على التعامل مع تلك الحركات، إذ أعلن في 30\7\2013 أثناء زيارته لقطر استعداده للذهاب إلى جنيف والتفاوض مع نظام بشار أسد حسب الخطة الأمريكية. مع العلم أن الثورة في سوريا خرجت من المساجد وأعلنت إسلاميتها بأنها لله لله لا للمال ولا للجاه. فكل المدافعين عن أهلهم في سوريا والمتصدين لبطش وظلم النظام هم مسلمون شكلوا حركات إسلامية بأسماء قائدهم إلى الأبد محمد وصحبه، وهم الذين تعرضوا للقتل وللسجن والتعذيب طوال حكم حزب البعث وآل الأسد. وأما من يطلق عليهم ديمقراطيون وعلمانيون، أو بالأحرى عملاء الغرب فهم يعيشون في الفنادق ويتمولون بأموال دول الغرب وعملائه في الخليج ويتلهفون لتعيينهم في المناصب، وقد ظهر ذلك جليا في صراعهم على المناصب في ائتلافهم الوطني العلماني الديمقراطي، والحقيقة تثبت أن كل من يتبنى أفكار الغرب ومشاريعهم هو عميل للغرب عن علم أو عن غير علم لأنه يبدأ بالعمل على ترويج أفكارهم ومشاريعهم ويسير معهم في تنفيذها، فيصبح يستأنس بهم ويألفهم، ويصبح هواه يميل إليهم.
إن الطلب من أمريكا ومن دول الغرب للتدخل هو طلب مرفوض شرعا ومحرم قطعا لأنه يجعل للكافرين على المؤمنين سبيلا، وهو بمثابة انتحار سياسي وتهديد لمصير الأمة، فهو دعوة لأن تفرض هذه الدول سيطرتها على سوريا لأن الدول الغربية وعلى رأسها أمريكا لا تتدخل لله، فهذا أمر مفصول عن تفكيرها وعن سياستها ولا يجوز للدين أن يتدخل في السياسة حسب علمانيتها، فعندما طلب أحمد الجلبي وأمثاله تدخل أمريكا في العراق فرضت سيطرتها عليه ودمرته وفرقت أهله وأوجدت بينهم النزاعات الطائفية بدستورها المدني العلماني الديمقراطي.
إن السياسة لدى المسلمين تنطلق من زاوية العقيدة الإسلامية؛ فالإسلام يحرم موالاة الكفار والتحالف معهم وطلب تدخلهم في شؤون المسلمين. فقال تعالى: “يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم، إن الله لا يهدي القوم الظالمين”، فاعتبر الذين يتحالفون مع الكفار ظالمين وأنهم يصيرون جزءا منهم. وبين في الآية التي تلت أن الذين يتولونهم هم الذين في قلوبهم مرض قائلا: “فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة” أي يتحالفون مع الكفار لأنهم يريدون أن يتقوا مصائب وبلايا وأضراراً ألمّت بهم أو يخافون أن تلم بهم، فيلجؤون إلى الكفار مستعينين بهم ومتحالفين معهم، ولكن الله يتم الآية قائلا: “فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين”. أي أن الله سيأتي بالفتح للمؤمنين عندما يصبرون ويثبتون ويستعينون بالله وحده ولا يستعينون بالكافرين أعداء دين الله الإسلام، فعندئذ سيندم الذين في قلوبهم مرض، أي الذين في قلوبهم نفاق وعدم صدق إيمان سيندمون على فعلتهم بتحالفهم مع الكفار ودعوتهم لهم للتدخل في بلادهم وإقامة نظام كفر ديمقراطي علماني جمهوري، لأنهم خسروا الدنيا عندما جاء نصر الله للمؤمنين الصادقين فخسروا المناصب التي منّتهم بها أمريكا، وخسروا الآخرة حيث سينالهم عقاب الله على فعلتهم الشنيعة بموالاتهم للكفار.
وأهل سوريا المسلمون الثائرون ثبتوا أكثر من سنتين رغم إمكانياتهم المتواضعة أمام طاغية مجرم تدعمه روسيا وإيران وحزبها ومن شايعها علنا وتدعمه أمريكا سرا، وقد خذلهم كل الناس ولكن الله نصرهم بتثبيتهم وإحرازهم لمكاسب كثيرة على الأرض وما بقي إلا القليل بإذن الله حتى يأتيهم نصر الله كاملا إذا ما ثبتوا وصبروا. فهم قادرون على أن يثبتوا سنين أخرى حتى يأتيهم نصر الله، ولكن بعد ابتلاء عظيم كما ذكّر ربنا في آيات عديدة بأنه سيبتلي المؤمنين حتى يعلم المجاهدين والصابرين والناصرين لدينه حقا ويفضح المنافقين والذين في قلوبهم مرض والمرجفين الخائفين. ولا يدرك ذلك إلا المؤمنون المحتسبون لله الذين يتلون كتابه حق تلاوته فيدركون معانيه ويلتزمون بها قولا وفعلا فيتخذونها سياسة لهم.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أسعد منصور