خبر وتعليق وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُولَئِكَ هُوَ يَبُورُ
الخبر:
الرأي الكويتية (2\9\2013): “ذكرت مصادر مطلعة في واشنطن أن الرئيس الأميركي باراك أوباما اتخذ قراره المفاجئ بتأجيل الضربة العسكرية المزمعة ضد قوات الرئيس بشار الأسد لأسباب عدة، في الأساس منها رهانه على إمكانية إقناع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال قمة العشرين، بدفع الرئيس بشار الأسد إلى التنحي عن السلطة، خصوصا في ظل الحشد العسكري الأميركي في المتوسط.
وقالت المصادر نفسها لـ «الرأي» إن أوباما قال في اجتماعين عقدهما مع كبار مساعديه الجمعة والسبت، إنه يعتقد أن خطوته بطلب موافقة الكونغرس مسبقا على الضربة، من شأنها أن تحشد التأييد السياسي والشعبي الأميركي لها، وتعطيه المتسع من الوقت لإقناع عدد أكبر من الدول، أثناء مشاركته في قمة الدول العشرين المقرر عقدها في مدينة سان بطرسبرغ الروسية الخميس والجمعة، بتأييد الضربة.
وبما أن تقليد هذه القمم يقضي بأن يعقد رئيس الدولة المضيفة، أي فلاديمير بوتين، لقاءات ثنائية مع كل من الزعماء الضيوف، نقل مقربون من الرئيس الأميركي اعتقاده أن أي لقاء له مع بوتين قد يكون مختلفا في ظل الحشد العسكري الأميركي في البحر الأبيض المتوسط، وقد “ينجح في إقناع بوتين بضرورة تنحي الأسد فورا والمباشرة بالعملية السياسية الانتقالية”.
التعليق:
يدرك كل من يتتبع الأحداث الجارية في المنطقة أن أميركا لم تحركها الدماء أو الدمار الذي حلّ بسوريا سواء ما نتج عن استعمال السلاح الكيماوي أو ما نتج عن غيره من أسلحة فتاكة يستعملها جزار سوريا ضد الأبرياء والعزل، وإنما الذي تتحرك له أميركا هو تعرض مصالحها أو نفوذها في المنطقة للخطر، وأميركا ترى أنها بحاجة لعميل بديل عن عميلها بشار لكي تبقي على نفوذها في سوريا، ولكي تضمن أن سوريا لن تخرج من يدها إلا إلى يدها الأخرى، فلا بد من أن ينضج العميل البديل ويكون مستطيعا الإمساك بالأمور بعد مغادرة بشار للسلطة، وقد دفعت أميركا بالائتلاف للواجهة ليكون بديلا أو يبرز منه البديل للشعب السوري، ولكنها لم تفلح حتى هذه اللحظة، فقد تكشفت كل الوجوه المعروضة وسقطت كل الأقنعة المزيفة، فثورة الشام ثورة كاشفة فاضحة، كما أن موازين القوى على الأرض تجعل من الصعب فرض رأس لثورة الشام لا يكون من جنسها.
وعلى هذا فإن أي ضربة عسكرية ستوجهها أميركا لسوريا وستتعرض فيها لبعض مراكز النظام ولو شكلا، ستؤدي إلى زعزعة نظام الأسد، لأن حجم الانشقاقات قد زاد بمجرد الحديث عن الضربة، وهذا سيتيح الفرصة لتقدم الثوار المخلصين على الأرض، وهذا ما لا تريده أميركا، ولذلك سربت وسائل إعلام كثيرة خبرا مفاده نية أميركا تقصد ضرب الكتائب الإسلامية المقاتلة في سوريا خلال هذه الضربة، ويبدو أن هذا كله للمحافظة على موازين القوى ومنع الثوار المخلصين من التقدم، والدفع باتجاه تقدم الفصائل المرتبطة بسليم إدريس والائتلاف الخائن.
أما على صعيد السيطرة على نتائج الضربة إن وقعت فإن أميركا فيما يبدو تريد من روسيا ترتيب الانتقال السياسي في سوريا بسرعة، لتستفيد من وجودها العسكري، فتضرب كل القوى التي يمكن أن تعترض على نتائج مباحثات انتقال السلطة في سوريا، فتكون قد أمّنت لعميلها القادم الإمساك بزمام الأمور لأن عصاها مرفوعة في وجه كل من يمكن أن يقف في وجهه.
ويبدو أن إيران قد التقطت من أميركا هذه الرسالة فقد ذكرت وكالة أنباء “إرنا” الإيرانية، أن “وزير الخارجية محمد جواد ظريف أبلغ الأمم المتحدة باستعداد إيران للقيام بدور وساطة في الأزمة السورية”. ونقلت الوكالة عن ظريف قوله للأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون عبر الهاتف “لقد أعلنا استعدادنا لإيجاد حل سلمي كوسطاء في الأزمة السورية”. بحسب ما نقله موقع النشرة الإلكترونية اللبنانية. ولعل التصريحات التي نسبت لرافسنجاني من اتهامه نظام الأسد باستعمال الأسلحة الكيماوية، ثم تم نفي هذه التصريحات، يشير إلى أن أميركا تريد التعجل بعملية الانتقال السياسي في سوريا، والتخلص من الأسد قبل أن تفلت الأمور من يدها.
ومع مكر أميركا وعملائها فإننا واثقون بنصر الله سبحانه، ونقول للثوار المخلصين في أرض الشام ما قال ربنا سبحانه:
(مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُولَئِكَ هُوَ يَبُورُ) فاطر
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
عبد الله المحمود