بيان صحفي يذهب دستور ويأتي دستور – والإسلام هو الدستور الخالد
أعلنت الرئاسة المصرية أسماء أعضاء لجنة الخمسين الذين وقع عليهم الاختيار للاضطلاع بمهمة تعديل دستور 2012 المعطل منذ إطاحة الجيش بالرئيس محمد مرسي بعد احتجاجات شعبية. [BBCالأحد 1-9-2013م].
وتعليقاً على هذا نقول: يوم 3 يوليو عُطِّل دستور 2012 بشكل مؤقت، ومن ثم تم تشكيل لجنة من عشرة أعضاء لتعديل هذا الدستور، وبدورها قامت هذه اللجنة بإجراء تعديلات على 130 مادة من أصل 236، فقامت بإلغاء مجلس الشورى، وإلغاء نسبة العمال والفلاحين في أي انتخابات، وإلغاء العزل السياسي سواء لجماعة الإخوان أو الحزب الوطني، والتوصية بمنع تأسيس أحزاب على أساس ديني، وإلغاء المادة المفسرة للشريعة الإسلامية، وإلغاء الرقابة السابقة للمحكمة الدستورية على القوانين. ولقد خلت الديباجة الجديدة من أي إشارة لثورة 25 يناير، كما تم إحداث تغيير في المادة المتعلقة بالقوات المسلحة فحذفت جملة (محايدة لا تتدخل في الشأن السياسي) ووُضع بدلا منها عبارة مطاطة تقول (قواتنا المسلحة درع البلاد الواقي تحمي حدود الدولة وتذود عن أمنها القومي)، مع وضع عدة خطوط تحت عبارة “تذود عن أمنها القومي”، كذلك طال التغيير مؤسسة الشرطة على نحو لا يقل خطورة، فبعد أن كانت في ديباجة دستور 2012 (لا عدل بلا حماية، ولا حماية بغير مؤسسات أمنية تحترم كرامة الإنسان وسيادة القانون)، إذا بـ”كرامة الإنسان وسيادة القانون” تتبخر من الفقرة، وتصبح كالآتي (فلا عدل بلا حماية، ولا اقتصاد بدون أمن، ولا تنمية ولا استقرار مجتمعي في ظل انفلات أمني) حاذفة الإشارة في هذا الموضع الهام لاحترام كرامة الإنسان وسيادة القانون!!
ستُعرض تعديلات العشرة – المعينين- على لجنة الخمسين – المعينة – من قبل رئيس الجمهورية – المعين – لدراستها والتعديل عليها، ومن ثم الموافقة عليها وطرح المسودة النهائية على الاستفتاء الشعبي خلال ستين يوما، ولقد أعلنت رئاسة الجمهورية أسماء الأعضاء الخمسين، فكان ممثل “التيار الإسلامي” الدكتور الزرقا والدكتور الهلباوي، الأول ممثل حزب النور الذي شارك الانقلابيين انقلابهم، والثاني منشق عن جماعة الإخوان وناقم عليهم أشد النقمة.
ونحن لم نكن نرى في دستور 2012 أي خير، بل كنا نراه امتدادا لدستور 71، برغم أن الذي أشرف على وضعه جماعة الإخوان وما يسمى بالتيار الإسلامي، إلا أنه لم يكن يؤسس لدولة إسلامية رفع التيار الإسلامي حينها شعارها، بل كرس العلمانية بيد الإسلاميين أنفسهم، فأقروا بأن السيادة للشعب وليست للشرع، وأن مصر دولة نظامها جمهوري وليس الخلافة، وأقروا بالحريات الغربية وغيرها من القيم الغريبة عن الأمة وحضارتها، فإذا كان دستور 2012 الذي وضعه إسلاميون، بعيدًا كل البعد عن الإسلام، فما بالنا بدستور يشرف عليه العلمانيون أنفسهم ويشارك فيه “إسلاميان” كشاهدي زور؟! فمما لا شك فيه أن فساده وبطلانه سيكونان أشد وأنكى!
إننا لا نأسف على رمي دستور 2012 بعيداً…، كما لا يزعجنا كثيرا خروج دستور 2013 مهلهلا يكرِّس للانقلابيين انقلابَهم ويعيد للناس دستور 71 دون “رتوش إنسانية” أو تعديلات. ذلك لأننا نعلم أن للتغيير طريقاً واحداً، ولا يمكن أن يأتي التغيير من خلال وضع دستور مسطر على الورق لا يعبر عن الأمة، التي تشكل العقيدة الإسلامية حياتها وحضارتها وتطلعاتها الحقيقية، فالتغيير يأتي عن طريق إيجاد رأي عام منبثق عن وعي عام في الجماهير على الإسلام فكرة وطريقة، يتبلور في مطالبة عارمة منهم على تطبيقه في دولة الخلافة، لا يقبلون عنها بديلاً، وبالتوازي العمل على إيجاد تأييد قوي لهذه الدولة بين أهل القوة والنصرة في الجيش، حتى يقف الجيش في صف المطالبين بها ويحميهم، ويكون رأس الحربة لكنس النظام الفاسد الحالي وإقامة دولة الخلافة، بدل أن يكون أداة لقمع المسلمين وقتلهم وتكريس النظام العلماني الكافر.
هذا الدستور الذي يتم الإعداد له الآن لن يكون آخر المطاف، كما كان الحال مع سابقه، ولن يمنع المخلصين من السير في طريقهم التغييري الجذري الذي يعيد للأمة دولتها دولة الخلافة التي عاشت الأمة في ظلها قروناً طويلة، أمة واحدة من دون الناس، أمة مرهوبة الجانب لها كلمتها في المسرح الدولي، أمة تعيش الرخاء واقعاً حقيقيًا، وليس شعارا يُرفع ولا تناله أبدا، أمة ترعاها دولة رعاية بحق وليس دولة جباية، أمة تفهم معنى الحرية حقيقة، بأنه عدم الخضوع والعبودية لأحد من البشر، بل التوجه بالعبودية لله وحده، وهذه أعظم صفة لها! أمة تستمد دستورها وتشريعاتها وقوانينها من الكتاب والسنة وما أرشدا إليه حصرا، ويكون الإسلام المسيِّر لشئونها كلها.
سيكون مصير هذا الدستور كالذي قبله: فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ! وستعود الأمة لتقتعد مكانتها الحقيقية التي أرادها لها رب العالمين خير أمة أخرجت للناس، وستحكم من خلال دستور دولة الخلافة المستنبط من كتاب الله وسنة رسوله المصطفى صلى الله عليه وسلم.
((وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ))
شريف زايد
رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير ولاية مصر