خبر وتعليق تدخل الأمم المتحدة في شئون بنغلادش هو لخدمة المصالح الأمريكية
الخبر:
اتصل الأمين العام للأمم المتحدة (بان كي مون) برئيسة وزراء بنغلادش (الشيخة حسينة) وبزعيمة المعارضة (خالدة ضياء) في 23 من أغسطس/آب 2013م، وحثهما على إجراء محادثات للتوصل إلى حل سلمي للأزمة السياسية الجارية المتعلقة بالانتخابات العامة المقبلة، وصرح بأنّ الأمم المتحدة تريد أن ترى انتخابات حرة ونزيهة وذات مصداقية تشارك فيها جميع الأطراف، وأنّه يراقب عن كثب الوضع السياسي في بنغلادش. وفي اليوم التالي، وصف سفير الولايات المتحدة في بنغلادش (دان دبليو موزينا) المكالمة الهاتفية التي أجراها الأمين العام مع الأمم المتحدة بأنّها: “تطور إيجابي جداً”، وفيما يتعلق بالسياسة في البلاد، قال: “إنّها رسالة قوية جداً تؤكد على الحاجة إلى الحوار لإجراء انتخابات حرة ونزيهة وذات مصداقية”.
التعليق:
جاءت هذه التصريحات بعد يومين فقط من هجوم جزار الشام (بشار الأسد) بالكيماوي على المسلمين في سوريا. لقد كانت الأمم المتحدة ترقب الإبادة الجماعية في سوريا عن بعد بصمت لأكثر من عامين، ولم تفعل شيئاً إلا جمع اللاجئين من سوريا في قطعان في مخيمات، فإذا كانت الأمم المتحدة لم تفعل شيئاً من أجل حل أزمة سوريا التي تُزهق فيها الأرواح بشكل يومي، فلماذا تعرب الآن هي نفسها عن قلقها إزاء أزمة بنغلادش؟! ليس من الصعب الإجابة على هذا السؤال، فبالنظر إلى العامل المشترك الذي تريد الأمم المتحدة تحقيقه نجده تحقيق مصالح الولايات المتحدة فحسب، فالتقاعس عن نجدة سوريا والسماح لبشار بقتل المسلمين يخدم مصالح الولايات المتحدة، أما الآن والأمم المتحدة تعمل على تسهيل الطريق أمام دق الطبول وتدخل الولايات في سوريا وفي بنغلادش فذلك لأنّ تحقيق الاستقرار السياسي يخدم مصلحة الولايات المتحدة، وحرص السيد بان كي مون على الحوار والانتخابات الحرة النزيهة في بنغلادش فذلك لتكون قاعدة للولايات المتحدة لمراقبة المنطقة والهيمنة عليها وبالتالي تحقيق المصالح الاستراتيجية والاقتصادية فيها؛ وبالنسبة لمصر فإنّ السبب الذي جعل الأمم المتحدة تقف متفرجة تجاه تولي العسكر زمام الأمور والانقلاب على الرئيس مرسي الذي جاء من خلال ما يسمى بانتخابات حرة ونزيهة هو أيضاً لحماية المصالح الأمريكية، علاوة على أنّ الجيش المصري أعلن مسبقاً عن نيته الانقلاب إلا أنّ الأمم المتحدة لم تتخذ أيّة إجراءات لمنع ذلك مبكراً حرصاً على مصالح أمريكا.
إنّ الأمم المتحدة مجرد نادٍ من الإمبرياليين تحت قيادة الولايات المتحدة الأمريكية، أو بوصف آخر، مجرد أداة أمريكية لتحقيق الأهداف السياسية والاقتصادية والاستراتيجية للولايات المتحدة الأمريكية، فتقضي الولايات المتحدة مصالحها من خلال الأمم المتحدة إن شاءت وتتجاوزها متى شاءت بحسب ما يتناسب الموقف مع مصالحها، ولم لا تفعل ذلك، والأمم المتحدة تتحجر مكانها عندما تتجاوزها؟
لقد أصبح نفاق الأمم المتحدة شعاراً على جبينها، فهو واضح في قضية فلسطين على مدار 68 عاماً مضين، وواضح في البوسنة والعراق وأفغانستان، والأكثر وضوحاً هو في سوريا، حيث يُقتل مئات الآلاف من المسلمين، ويشرد الملايين منهم، والأمم المتحدة أشد سكوناً من الخشب المسندة.
الأصل في مسلمي بنغلادش أن يشعروا بالقلق إزاء تدخل الأمم المتحدة في الشئون السياسية للبلاد، فتدخلها نذير شؤم، ولا يبشر بخير لمستقبل هذه الأمة. أما غالبية السياسيين وما يسمى بالمجتمع المدني فقد رحبوا بمبادرة بان كي مون، فهل هم عميٌ عما قلناه أعلاه؟ بالطبع لا، وعلى العكس من ذلك، فهم أيضاً مثل الأمم المتحدة عبدة للغرب وخاصة أمريكا. هذه هي طبيعة النظام الديمقراطي في البلاد، نظام يفرخ العملاء السياسيين ويفرز سياسة الانقسام ويسمح بالتدخل الأجنبي، بل ويرحب به.
فقط الحكم بما أنزل الله في ظل دولة الخلافة وحده هو الذي يمنع أيّ تدخل أجنبي في شئوننا، فقد حرّم الإسلام ذلك بشكل قطعي، قال الحق سبحانه وتعالى: ((…وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا)). [سورة النساء:141]. وحرّم كذلك اتخاذ أعداء الله أصدقاء وحلفاء، فقد قال سبحانه وتعالى فيهم: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)). [سورة المائدة:51]. ولقد حذرنا الله تعالى منهم، حيث يقول: ((إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ)). [الممتحنة 2].
إنّ الحكم بالإسلام لا يمنع التدخل الأجنبي في شئوننا فقط بل ويقود الأمة الإسلامية إلى الانتصار على الإمبريالية وإحلال السلام والأمن في الأرض، من خلال توحيد الأمة ووضع السياسات القوية التي تحقق اقتصاد يعتمد على الذات وبناء جيش قوي، وغيرها من الأحكام من لدن حكيم خبير.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
محمد حسن الريان/ بنغلاديش