Take a fresh look at your lifestyle.

خبر وتعليق ما الذي سيمنعُ أن يصبحَ الأطفالُ في سوريا جيلاً ضائعًا


الخبر:

في يوم 8 سبتمبر، نشرت وكالة أنباء “إن بي سي” مقالا بعنوان: “كل ما يمكنهم القيام به هو الصراخ” التي ناقشت إجهاد ما بعد الصدمة الشديدة التي تؤثر على أطفال سوريا بسبب ما عانوا خلال الحرب الوحشية التي شنها الطاغية بشار ضد المسلمين المخلصين في الشام.


التعليق:

مما لا شك فيه، أن أطفال سوريا هم أحد الضحايا الرئيسيين لهذه الحرب، بعد أن شهدوا وخاضوا تجربة أهوالها التي لا توصف ولا ينبغي أن يشهدها أو يعانيها أي طفل. وقتل الآلاف في الغوطة في المجزرة الأخيرة، وكان معظم الضحايا من النساء والأطفال. وقد تم تعذيب واغتصاب العديد منهم في حين شهد الآخرون القتل وسفك الدماء، وحتى شهد بعض الضحايا قتل آبائهم وأمهاتهم أمام أعينهم. وبالإضافة إلى ذلك، تلقت الجمعية الخيرية “سيف ذا شيلدرن فند” أو “صندوق إنقاذ الطفولة” تقارير عن أطفال يموتون على قارعة الطريق، أو اضطروا إلى لعق الرطوبة من العشب وأوراق الشجر في محاولة يائسة لمنع العطش في درجات الحرارة المرتفعة خلال “رحلات الموت” المحفوفة بالمخاطر واليائسة للفرار من القتال.

ومع ذلك، فإن الأطفال المصابين بصدمات نفسية في سوريا لا يحملون فقط الندوب الجسدية والنفسية للحرب، بل إنهم يواجهون بعد مرحلة أخرى من المشقة، والنضال، والقهر عند التماس اللجوء في البلدان المجاورة كما تناولته أيضا مقالة وكالة أنباء “إن بي سي” ومقطع نشرته قناة الجزيرة في 3 سبتمبر الذي ناقش الفقر والاستغلال وسوء المعاملة التي تواجه الأطفال اللاجئين السوريين في الدول المجاورة مثل لبنان أو الأردن. ووفقًا للأمم المتحدة، هناك مليون طفل لاجئ من سوريا، ثلاثة أرباعهم يقدرون بأنهم تحت 11 سنة. وقد يُتّم العديد منهم وتُركوا وحدهم ليكافحوا من أجل البقاء على قيد الحياة، أو وضعوا في مخيمات فقيرة مع نقص في الغذاء والرعاية الطبية، والمياه النظيفة، والصرف الصحي، والكهرباء مما أدى إلى انتشار الأمراض، وسوء التغذية المزمن، وحتى إلى الموت.

 

وقد اضطر الآلاف من الأطفال اللاجئين السوريين، وخصوصا الأيتام أن يعيلوا أنفسهم وعائلاتهم نتيجة للفقر المدقع في الدول المضيفة بسبب الحكومات والحكام الذين تخلوا عن مسؤولياتهم في رعايتهم وسد احتياجاتهم. ففي لبنان، التي لديها أكبر عدد من اللاجئين السوريين، يقدر أن خمسين ألفًا إلى سبعين ألف طفل يعملون في الشوارع، وذلك في أعمال البناء بشكل رئيسي، وفي المحلات التجارية، والزراعة، أو كخدم في المنازل. وهم يواجهون ظروف عمل يرثى لها، وساعات عمل طويلة، وتدنيًا في الأجور، إلى جانب مواجهة خطر العنف الجسدي أو الجنسي أو الاستغلال في الشوارع. وفي الأردن هناك حوالي ثلاثين ألف طفل سوري يعملون حاليا في البلاد. وعلاوة على ذلك، فإن الأطفال اللاجئين السوريين في لبنان لا يملكون أي شكل رسمي لتحديد الهوية، وبالتالي يعاملون على أنهم “غير أشخاص” من قبل الدولة ويمنعون من الحصول على أي نوع من التعليم الرسمي، بينما فقط نسبة صغيرة من الأطفال اللاجئين في بلدان أخرى يحصلون على التعليم. كل هذا دفع عددًا من وكالات الإغاثة للحديث عن نشوء “جيل ضائع” من الأطفال السوريين.

بالفعل، لقد دفع أبناء سوريا وعائلاتهم ثمنا باهظا في نضالهم النبيل من أجل إزالة الديكتاتورية العلمانية القمعية والنظام في أرضهم واستبدال الرعاية تحت حكم الإسلام الذي تطبقه دولة الخلافة به. والآن، مع تصعيد الحكومات الغربية خطابها للتدخل العسكري في سوريا، فإنه بصفتنا مسلمين يجب علينا رفض أي شكل من أشكال التدخل الغربي بشدة، ليس فقط لأن الله سبحانه وتعالى قد حرم ذلك بشكل جازم، ولكن لأن هذا التدخل له هدفان رئيسان: أولا، تثبيت نظام العميل المقبل في البلاد، الائتلاف الوطني السوري، الذي سينفذ النظام العلماني الغربي ويخدم مصالح الحكومات الغربية وليس مصالح الشعب، وثانيا، لمنع إقامة دولة الخلافة. هذا ليس تدخلاً عسكريًّا يدفعه قلق حقيقي من أجل أطفال سوريا، ففي النهاية فإن الولايات المتحدة هي النظام الذي يسعى لمواصلة سياسة هجمات الطائرات بدون طيار في أفغانستان وباكستان التي أودت بحياة المئات من الأطفال المسلمين. ولذلك فإن دعم التدخل العسكري الغربي هو خيانة للتضحيات الكبيرة التي قام بها المسلمون في سوريا في هذه الثورة من أجل الإسلام ويؤدي إلى تحقيق التبوء “بالجيل الضائع” من الأطفال السوريين الذين سيتم التخلي عنهم للعيش ما تبقى من طفولتهم، إن لم يكن حياتهم، في ظل هذه الظروف البائسة. وسيتم حرمانهم من الحق في العيش في ظل حماية القيادة الإسلامية ونظام الخلافة التي من شأنها أن ترعاهم وتسد احتياجاتهم، وتوفر التعليم الجيد كما أمر الله (سبحانه وتعالى) والتي ذكرها النبي (صلى الله عليه وسلم) عندما قال: “من ترك مالا فلورثته، ومن ترك كلا فإلينا”.

إن الدعوة يجب أن تكون للجيوش المسلمة فقط للتدخل العاجل في هذه الحرب لحماية دماء أمتهم وإعطاء النصرة لحزب التحرير لإقامة الخلافة؛ فهي وحدها ستنقذ أطفال سوريا وجميع المسلمين في العالم من المآسي التي يواجهونها.

ستكون هذه الدعوة واحدة من العديد من الرسائل التي سنوجهها في مسيرة كبيرة للأطفال والنساء والتي ستعقد في لندن يوم 22 سبتمبر وسيحضرها النساء من جميع أنحاء المملكة المتحدة. وقد تم تنظيمها من قبل النساء في حزب التحرير اللاتي يسعين لحشد النساء المسلمات من أجل الوقوف تضامنا ودعمًا للنضال الإسلامي لأخواتهن في سوريا اللاتي يضحين بحياتهن وحياة أطفالهن من أجل إقامة حكم الإسلام في أرضهن وهو وحده الذي يحمل الوعد بمستقبل أكثر إشراقا لأبناء هذه الأمة.

 

 

 

كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
د. نسرين نواز
عضو المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير