خبر وتعليق صراع مصالح من أجل نظام عفن
الخبر:
تناقلت وسائل الإعلام المختلفة خبر الاتفاق الروسي الأمريكي بشأن سوريا مؤخرا، في قمة مجموعة العشرين التي انعقدت في سان بطرسبرغ. وذكرت (الجزيرة نت)، الاثنين 9/9/2013م: “… المبادرة الأميركية، التي سينقلها المعلم بدوره للأسد، تتضمن ثلاث نقاط هي: تشكيل لجنة أمنية مشتركة بين النظام الحاكم في دمشق والمعارضة السورية من أجل إعادة النظر في المؤسسة الأمنية، وتخلي النظام عن الأسلحة الكيميائية التي يمتلكها، والتعهد بعدم نقلها إلى حزب الله اللبناني“.
التعليق:
إن المتابع للأحداث السياسية من أول يوم قامت فيه الثورة السورية ضد نظام بشار الأسد الظالم، يلحظ بوضوح كيف أن الكل انقسم إلى طرفين لا ثالث لهما، الأول: مع النظام، والثاني: يقف مع الثورة المباركة.
أما هؤلاء الذين اتخذوا من الثوار المخلصين أعداء، ومن النظام صديقا، فهم يكادون يكونون كل حكام العالم والرأسماليين، ولكن ما نراه وما نسمعه من فرقعات إعلامية قد توحي للجاهل بالسياسة أن هؤلاء -الحكام والرأسماليين- مختلفون ومتوزعون في كلا الطرفين، مع أن الواقع غير ذلك تماما، وهكذا أمور لا تأخذ بظاهرها.
فبالنظر إلى دول مثل الصين وروسيا وأوروبا وأمريكا – التي هي أكثر الأطراف وضوحا في مشهد الثورة السورية – نراها تصول وتجول وكأن الأمر أمرها، والشأن شأنها، والبلاد بلادها وأهل سوريا المستضعفين يهمّونها، لكن الأمر على عكس ما يظهر تماما، فكل هذه الدول لا تريد لهذا البلد خيراً، لا من قريب ولا من بعيد.
فالصين لولا تجارتها وسماعها لأمريكا بخصوص هذا الشأن، لما سمعنا منها تصريحا واحدا. وخير دليل على هذا، الثورات التي ظهرت في البلاد الأخرى، حيث لم نسمع من الصين صوتا بخصوصها.
أما روسيا فهي – ومنذ انهيار الاتحاد السوفيتي وروسيا الاتحادية – تسعى لقنص الفرص التي تخدم مصالحها، ولحماية كيانها إن كان الأمر يهددها، فسلوكها في النهاية لا يخرج عن كونه بحثا عن مصلحة ودرءا للخطر، وبالنسبة لسوريا فمصلحتها فيها لا تتعدى الوعود التي أعطتها أمريكا لها، والمنفعة التي أوهمتها أنها يمكن أن تجنيها إن سارت على خطة أمريكا في المنطقة، وأما الخطر فهو نجاح الثورة في سوريا، الذي يعني تهديدا مباشرا على مناطق نفوذها.
أما أوروبا فهي لا تختلف عن روسيا إلا في شيء واحد، وهو أنها تريد أن تزاحم أمريكا على نفوذها في سوريا.
وأما باقي الأنظمة بما فيها الأنظمة العربية، فالذي يدفعها للتدخل ودعم نظام سوريا الظالم هو الخوف الذي يتملكها من نتائج نجاح هذه الثورة المباركة.
وبعد هذا الاستقراء للواقع يتضح لنا مغزى هذا الاتفاق، وهو أن روسيا تحاول أن تكسب أكبر قدر من المصالح على حساب رغبة الطرف الآخر، وأمريكا تحاول الإبقاء على نفوذها في منطقة تعدها لها، وتخشى من خسارتها بنجاح هذه الثورة المباركة.
أما بخصوص البنود التي تناقلتها وسائل الإعلام، فهي لا تخرج عن كونها حلولا تطرحها أمريكا من أجل إنقاذ النظام الهالك وأركانه في المنطقة.
– فالبند الأول (تشكيل لجنة أمنية مشتركة بين النظام الحاكم والمعارضة السورية): ليس بجديد، بل هو طرح تريد أمريكا أن تفرضه على الثوار، لتجرّهم إلى مستنقع الحل السياسي المتمثل بجنيف2، من أجل سرقة الثورة والتحايل على المخلصين فيها، والاتفاق على وضع عميل آخر للنظام نفسه، يرضي أمريكا ويحافظ على الصبغة التي تريدها لسوريا.
– أما البند الثاني (تخلي النظام عن الأسلحة الكيماوية): فهذه الأسلحة هي نفسها التي أعطيت للنظام في الماضي وسُمح له بامتلاكها. وهذا البند ليس إلا ذرا للرماد في العيون، وإسكاتا للأصوات، بالتباهي بأن المذبحة التي قام بها النظام في غوطة دمشق قد آلمتهم كثيرا! وبأنهم قاموا بشيء بطولي بإجبار النظام على التخلي عن هذه الأسلحة!
– أما البند الثالث (تعهد النظام بعدم نقل الأسلحة إلى حزب الله اللبناني): فهو لا يخرج عن كونه طمأنة لكيان يهود.
لهذا، وجب علينا أن نكون حذرين من هؤلاء، فلا خيرَ يُرجى منهم، ولا شيء لديهم ليقوموا به سوى حياكة المؤامرات والمخططات ضد هذه الأمة وهذه الثورة في السر والعلانية، ولا يألون جهدا في تقويض هذه الثورة وسرقتها وتسييرها لتحافظ على مصالحهم، وللإبقاء على نظام رأسمالي عفن، لا يخرج منه إلا مقاييس وقناعات ومفاهيم على شاكلته.
ندعو الله بأن يتمخض عن هذه الثورة المباركة ميلاد الخلافة الإسلامية، التي تضع حدا للتدخل الأجنبي في بلاد المسلمين، وتعيد الأمور إلى ما يجب أن تكون عليه؛ بتطبيق شرع الله.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أبو يوسف