Take a fresh look at your lifestyle.

خبر وتعليق أزمة اليونان… انتحار ومخدرات

 

الخبر:

نشرت البي بي سي تقريرا مصورا عن الانتحار ورد فيه:

في اليونان، أشارت آخر الإحصاءات إلى ارتفاع معدل حالات الانتحار بين المواطنين بسبب تفاقم الأزمة الاقتصادية.

ودفع هذا الأمر منظمات المجتمع المدني اليونانية إلى تبني حملة تهدف إلى التوعية والوقاية من الانتحار.

ومما ذكره التقرير أن حالات الانتحار ارتفعت خلال السنوات الأربع الفائتة، أي تزامنا مع الأزمة الاقتصادية الحادة في اليونان. ومن لم يلجأ للانتحار فإنه يدمن المخدرات.

 

 

التعليق:

هذا غيض من فيض علقم الرأسمالية ومآسيها على البشرية، وهذه هي نتيجة نظرتها الكارثية للإنسان ولاحتياجاته.
أطلقت حرية الاعتقاد فخرجوا علينا بعبّاد الشيطان… وازدراء الأديان والتعدي على مقدسات غيرهم كالإسلام…

وأطلقت الحرية الشخصية… فخرجوا علينا بالعري والبغاء والزنا وأبناء الزنا والشذوذ… فنزلوا بالبشر إلى درك الحيوانات…

أطلقت حرية الرأي… فأنتجوا مما أنتجوا الخبل والخرف ليسموه إبداعا وفنا، أفسدوا طريقة التفكير الصحيحة وسموها تحضرا وتقدما…

أطلقت حرية التملك…فنتج غنى فاحش لـ 1% من الناس، وفقرٌ وعوزٌ وجوعٌ لبقية البشر، علاوة على الاستعمار والاستعباد…

مبدأ يحمل الفشل في أحشائه… كلما ظهر فساده واتسع رتقه في ناحية عاجلوه بالترقيع ثم ترقيع الرقع… وهكذا حتى أضحيتَ لا ترى من ثوبه البشع غير رقعه الأبشع…

اقتصادهم الرأسمالي ضرب نفسه بنفسه، فكانت مظاهر قوته التي يقيسونه بها هي عينها أسباب فشله بل أسباب أزماته… زيادة الإنتاج… القيمة وجهاز الثمن… الندرة النسبية…الربا… الرهن العقاري… البورصات والمضاربات… الاقتصاد الوهمي… السندات… والقائمة تطول!!

وفوق ذلك فإن المدهش حقا هو أن من سببوا الأزمة وأوصلوا البلاد والعباد إلى حافة الهاوية هم مَن يتلقون المكافأة… كيف يعقل أن تزداد ثروات الأغنياء في بلد مثل أمريكا على سبيل المثال أكثر من 60% بعد الأزمة الاقتصادية الأخيرة؟ والذين لا يزيدون عن 5% من الشعب؟ بينما يرزح بقية الناس تحت وطأة الديون المتراكمة والحجوزات البنكية والبطالة وتدني مستوى المعيشة وسوء الرعاية…. والقائمة تطول أيضا!!

وقبل ذلك وفوق ذلك فإن مبدأًً يرى أن إشباع أكبر قدر من المتع الجسدية والمادية هو الطريق إلى السعادة والطمأنينة سيحمل في أحشائه الشقاء للبشر بلا ريب… فكيف يكون الحال في ظل البطالة والعوز والأزمات؟

عاطل عن العمل ربما يجد بالكاد ما يسد رمقه ورمق عياله في الوضع الأمثل ولكنه يريد المزيد ولا يجد… حكومة تمص دمه وتحاصره من كل جانب… دولة لا تفكر في تأمين الحاجات الأساسية للناس ـ فهذا يخالف المبدأ! ـ بل تضخ الأموال ليزداد الأثرياء ثراء، وتزيد أرصدة البنوك وشركات التأمين والعقار… أما ساكن العقار فهو الزبون الجيد إن كان يستطيع الدفع، والعبد اللئيم الذي لا يستحق الحياة إن لم يجد ما يدفعه…

فوق ذلك خواء روحي، انقطاع للصلة بالله… إنكار للبعث والنشور… بل ويضرب “رجال الدين” عنده أسوأ مثال للناس…

كل ذلك بل ربما بعضه يودي بالناس إلى التعاسة والشقاء فيبدأ البحث عن طريق سهل للخلاص… الانتحار أو الإدمان! الإجرام أو الجنون..!

لعل في ما نراه ونشاهده عبرة لنا نحن المسلمين كي ندرك عظم مبدأ الاسلام الذي ينبثق عنه نظام للحياة من لدن رب الأرض والسماء سبحانه… هذا المبدأ المعطَّل حاليا بسبب غياب دولته التي تكرم الإنسان، وتؤمن له حاجاته الأساسية وما فوقها، هذه الدولة هي خلاص البشرية من شظف العيش، وظلم الرأسمالية وقهرها.

عجل الله بقيامها ليرى الناس أجمعون ـ وليس المسلمون فقط ـ صورة حية للحياة الكريمة وللرعاية الحقّة للشؤون.


كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
المهندس حسام الدين مصطفى