Take a fresh look at your lifestyle.

خبر وتعليق قضية الأخت هيلة القصير تكشف عوار وخبث النظام السعودي

الخبر:

تناول الإعلام البديل بكثافة وسمّى (هاش تاق) مليونية هيلة القصير، المشهورة بأم الرباب، وأقبل عليه المغرّدون لمناصرتها والمطالبة بالإفراج عنها. هيلة القصير داعية مشهورة من الجزيرة العربية، أم وأرملة تعيل ابنتها، وهي معتقلة منذ أكثر من ثلاث سنوات في الزنازين الانفرادية، ومحكوم عليها بخمس عشرة سنة بتهمة مساعدة الإرهابيين -كما يصفهم النظام السعودي- (وقد كانت الأخت تعيل أسرًا كاملة وتكفل اليتامى) ولم يتح لها أية فرصة للدفاع عن نفسها. وقد بدأت حملة المناصرة هذه بعد أن تواترت الأخبار عن تدهور صحة الأخت وتعرضها للإساءات خلال فترة اعتقالها، وقد ذكرت الأخت هيلة لأحد الشيوخ أنها لم تضع عنها حجابها منذ ثلاث سنوات بسبب كاميرات المراقبة.

التعليق:

إن ما يحدث لأختنا أم الرباب يذكرنا بحال الأخت الدكتورة عافية صديقي العالمة الباكستانية، المعتقلة في أمريكا لتنفيذ حكمٍ عليها بالسجن 86 عاماً، وهي أيضاً أم لثلاثة أطفال. لعل الشبه كبير بين الحالتين، مع فرق مركزي وظاهر وهو: أن السجان في الحالة الأولى كافر أظهر عداءه للمسلمين مراراً وتكراراً، أما السجان في الحالة الثانية فهم مسلمون، الأصل فيهم أن يدركوا مكانة المرأة وقيمة العرض في الإسلام. ما جرم هذه القانتة العفيفة الداعية لله (نحسبها كذلك والله حسيبها) لتتعرض لهذا الظلم والعدوان وتحرم من أداء مهمتها الأساسية كأم لطفلة يتيمة قُتل أبوها وزُجّ بأمها في غياهب السجون؟ منذ متى توضع الحرائر خلف القضبان؟ منذ متى يُعَدّ دعم المسلمين وكفالة اليتامى وفك الكُرب جرماً يعاقب صاحبه بالسجن الانفرادي لمدة خمسة عشر عاماً؟ ورغم اختلافنا في طريقة التغيير، من حيث التزامنا بطريقة الرسول عليه الصلاة والسلام في عدم القيام بأي أعمال مادية قبل إقامة الدولة الإسلامية، وما نراه من مخالفة حمل السلاح لطريقته عليه الصلاة والسلام في تغيير المجتمع، إلا أننا نستهجن هذا الاعتداء على المسلمات، ونستنكر الزجَّ بهنّ في السجون التي من المفترض أن تكون مخصصة لمن يعادي الله ورسوله وينشر الفساد في الأرض.

إن ما فعله النظام السعودي الذي يدَّعي زوراً تطبيق الشريعة مخالف للإسلام؛ فليس لسجن النساء مدة طويلة أصلٌ أو سندٌ شرعي، ولم تعهد الأمة الإسلامية أن تُنتزع امرأة من خِدرها لتحاكم بالسجن لعشرات السنين. ولعل طغاة السعودية لم يجدوا حاجة لإبراز شُبهة دليل، فالملك لا يراجَع في أمر! ومن يراجعه يلحق بالعلماء المسجونين، فهو ولي أمر فوق المحاسبة!! أما علماء البلاط فلحومهم سامة مسمومة، وهم موظفون عند سيدهم وولي أمرهم، يتبعونه ويسبّحون بحمده آناء الليل وأطراف النهار، ويسكتون على جرائمه وخيانته للأمة!! لقد أظهر هذا النظام كذبه وخِسّته حين جنّد إعلامه الرخيص لتشويه صورة الحرائر وتلفيق الأكاذيب لهن؛ كي لا يعترض الناس على اعتقال النساء والحكم عليهن بخمسة عشر عاماً مجاراة لأساليب الغرب في فزاعته المسماة “الحرب على الإرهاب”. إن النظام السعودي يتبع الغرب شبراً بشبر وذراعاً بذراع، حتى إنه شوه صورة الجهاد والمجاهدين خارج السعودية ووصفهم بكل ما هو مشين، وجّرم دعم المجاهدين وتجهيز الغازي. يحدث هذا بعد أن كانت السعودية الدولة الأولى الداعمة للجهاد بالمال والدعم المعنوي، وذللت السبل لكي تمكّن الشباب من السفر لأفغانستان وغيرها على امتداد الثمانينات من القرن المنصرم سيراً وراء المصالح الغربية والموازنات الإقليمية، لا حباً في ذروة سنام الإسلام!! كيف تفتح السعودية باب النقاش في أمر الجهاد وهي تعيش في تناقض دائم بين ادعاء تطبيق الإسلام ونصرة المسلمين ودعم علماء جندوا أنفسهم للسير على خطى السلف الصالح ومناصرة أهل السنة والدعوة للولاء والبراء من جهة، وكونها موالية للغرب الكافر، بل وترى فيه شريان الحياة وتستضيء بناره جهاراً نهاراً من جهة أخرى؟!

أين ذهبت أصوات مُدَّعِي تحرير المرأة في السعودية؟ وأين المنادِيات بفك القيود عن النساء وإتاحة كافة المجالات لهن، لماذا لا يناصرون المعتقلات؟ فهذه الدولة التي لا تعترف بهن ويهيمن عليها الفكر الذكوري والمواريث المناهضة للمرأة – حسب زعمهم – فقد أقرت بقوة المعتقلات ووضعتهن تحت القيد لأنهن يشكلن خطورة على البلاد. “قال مصدر مطلع لـ«الشرق الأوسط» إن هيلة القصير.. المعتقلة في السعودية امرأة خطيرة وشخصيتها قوية” (الشرق الأوسط 6 يونيو 2010)، فهل المرأة القوية هي ذات الرأي التي تتبع ما تراه على حق أم أن القوة بالتجرد من العفة والفطرة ومحاكاة كل شارد ووارد من صيحات!! ولو كان هدفهم هو تمكين المرأة وتقوية مكانتها، أوَلم يكن الأجدر بهن أن يتخذن المعتقلات كقدوة؟ فما هذا التناقض العجيب يا دعاة تحرير المرأة؟

إن هذه القضية وغيرها لتؤكد أن وحده هو الإسلام حين يطبق كاملاً غير منقوص يحفظ كرامة المرأة وحقوقها؛ فهي عرض يجب أن يصان. وإن المسلمين لن يقبلوا أن تتخطى أي دولة هذا الحاجز وأن تستباح الحرمات في سبيل حماية دولة واهية تهدد أمنَها وأمانَها أرملةٌ مريضة مستضعفة! لا بد من أن يلفظ أهل الجزيرة العربية هذه الدولة الظالمة التي تعتمد على منظومة أمنية مبنية على القواعد الأمريكية وملاحقة المسلمين وترويعهم. إن الناظر لحال أختنا الدكتورة عافية أو الأخت أمّ الرباب لا يرى فيهما رمزاً للمرأة المسلمة المستضعفة المبتلاة فقط، ولكن يرى فيهما تجسيداً للوهن وتدهور الحال وعجز الرجال عن الذود عن الأعراض وحماية المظلومين، كيف يهنأ لكم عيش يا رجال الأمة وحرائرها مكبلات بالقيود لا جرم لهن إلا أنْ قُلْنَ ربنا الله، أيُّ عارٍ وأيُّ شنارٍ يا أهل العزيمة والمنعة وشيوخ القبائل وقد قدر الله لنا أن نعيش في أيام تُقاد الحرائر للسجن الانفرادي والتحقيق معهن ثم يتتبعهن أنذال الأنظمة القمعية بكاميرات مراقبة على مدار الساعة؟ أنقبل هذا بعد أن كنا نجيش الجيوش لنصرة المسلمات في أصقاع الأرض؟

إن نصرة أختنا هيلة وأمثالها تكون بنصرة دين الله وتطبيق شريعته وإقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة فرض ربنا وبشرى الهادي الأمين عليه الصلاة والسلام، وقتها فقط نحاسب كل من تسول له نفسه أن يهين المسلمات كائناً من كان، ونعيد للمرأة المسلمة مكانتها وكرامتها. نسأل الله أن يعجل لنا بالفرج حتى تجد صيحات حرائرنا المعتصمَ الملبّيَ الذي يهبّ لنصرتهن ويقول: لبيك أختاه لا هنتِ وأنا حي أُرزَق.

[أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلاَ إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ].

 

 

 

كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أم يحيى بنت محمد