خبر وتعليق إزاحة الستار عن المعايير المزدوجة في مجال حقوق المرأة “مترجم”
الخبر:
تخوض المملكة المتحدة حاليًا نقاشًا سياسيًا ساخنًا بدأه وزير وزارة الداخلية جيريمي براون الذي دعا الحكومة إلى النظر في حظر النقاب. فقد ذكر الوزير براون في السادس عشر من أيلول/سبتمبر أن “…هناك نقاشا حقيقيا حول ما إذا كان ينبغي أن تشعر الفتيات بالإكراه على ارتداء الحجاب”. وقد بدأ النقاش حول حظر النقاب بعد أن قامت كلية متروبوليتان في برمنغهام بإلغاء الحظر على النقاب والذي استمر سابقا لمدة ثمانية أعوام.
التعليق:
إن موقف النواب الليبراليين الديمقراطيين القوي المعادي للإسلام يتردد صداه عند زملائهم النواب المحافظين؛ فقد كتبت النائبة المحافظة الدكتورة سارة ولاستون، في صحيفة التلغراف أن الحجاب “مسيء جدا” ومن شأنه “جعل المرأة غير مرئية”. إن الافتراض الذي يتم تأكيده على نطاق واسع من أن النساء المسلمات بحاجة إلى الإنقاذ من إجبارهن على ممارسة تعاليم الإسلام، هو واحد من التكتيكات السياسية الرخيصة التي غالبًا ما تستخدم دوليًا من قبل السياسيين اليائسين من أجل خلق حالة هستيريا الخوف من الإسلام، ومن أجل صرف الجماهير داخليًا عن إخفاقاتهم السياسية أو لكسب أصوات رخيصة. إن الحقيقة هي أن النساء المسلمات يدركْنَ تمامًا أن الدول الغربية التي يعِشْنَ فيها تخصص مساعدات ضخمة من أجل إبعادهن عن وجهة النظر الإسلامية. ورغم ذلك فإن الإحصاءات تشير إلى أن النساء المسلمات الصغيرات سنًا والمتعلمات تعليمًا جيدًا هن اللاتي يُبصرْنَ ما وراء الغمامة السوداء للثقافة الليبرالية التي تغطي كل جزء من العالم، ويرفضْنَ الضغط الذي يمارسه المتطرفون لجعلهن متفقات مع وجهة نظر النجاح الذي تحركه أرباح الشركات والذي يورث المرأة التعاسة وانعدام الأمن. إن فكرة أن المسلمات يُجبرن على تغطية أجسادهن هي عكس الواقع تماما؛ بل إن المسلمات يُجبرن على قبول القيم الغربية عندما توضع المناقشات الخلافية بشأن حظر الحجاب، أو اللحوم الحلال أو أي شأن إسلامي آخر في مسار النقاشات النارية الساخنة. وهذا الاتجاه هو استمرار للتقليد الذي يتبعه المستشرقون، والذي يسيء تلقائيا إلى أي كيان سياسي غير أوروبي، بغية الارتقاء بمكانتهم المتدنية.
إن حقيقة أن النساء المسلمات في فرنسا، وتونس، وفي جميع أنحاء أوروبا، وأفريقيا وخارجها يفضلن السياسة الإسلامية على القيم العلمانية الليبرالية، يثبت حين نرى أن المسلمات يحملن قضاياهن إلى محاكم حقوق الإنسان الأوروبية والهيئات القانونية الأخرى، وكيف أنهن يعانين عواقب وخيمة، قد تؤدي بهن إلى الموت أحيانًا، من أجل الدفاع عن هويتهن الإسلامية.
إن ما حدث مؤخًرا في كلية متروبوليتان برمنغهام، عندما بدأت فتاة عمرها 17 عامًا احتجاجًا على الإنترنت ضد حظر النقاب، هو مثال على هذه النقطة. فقد ذكرت الفتاة في ذلك الوقت أن حظر الحجاب كان محرجًا، وقالت إنه “يزعجني ما يجري من التمييز ضدنا. لا أعتقد أن النقاب يمنعني من الدراسة أو التواصل مع أي شخص…”. وقد تم التوقيع على عريضة ضد الحظر على الإنترنت من قبل 9 آلاف شخص، خلال 48 ساعةً، مما يظهر التضامن والتعاطف الهائل لدى المسلمات للكفاح من أجل تحدي العواقب السلبية لكونهن نساء مسلمات يعشن في الديمقراطيات الليبرالية. حيث إن هذه الإحصاءات تعكس رسالة قوية بأن المرأة المسلمة ترفض الخضوع لإرادة التطرف العلماني مع قوانينه القمعية التي تجرّم، وتهمّش وتعاقب المسلمة التي تمارس حقها في حرية الإرادة عندما ترى أن لا أمل لها من تحقيق نجاح حقيقي في ظل ازدواجية المعايير والوعود الكاذبة للعلمانية الليبرالية والرأسمالية.
إن المرأة المسلمة عندما تواجه مثل هذه المناظرات، كحظر النقاب مثلا، فإن ذلك يذكرها بأن الإسلام وحده هو مبدأ الحياة الثابت والخالي من التناقضات في سياساته. بل هو النظام السياسي الذي يوفر للمرأة الأمن الاجتماعي والاقتصادي الذي لم يسبق له مثيل في تاريخ العالم. إنه النظام الذي لم تضطر النساء فيه إلى التخلي عن دورهن في الحياة العامة بسبب الضغط لإبراز المزيد من صفاتهن الجسدية. وتقدر قيمة المرأة في النظام الاجتماعي الإسلامي، لخصائصها الأنثوية المفطورة عليها، وهي كونها أمًا وزوجةً وابنة. ويتم تحديد نجاحها حسب أخلاقها وشخصيتها وليس بحسب معايير جراحي التجميل. وتشجع المرأة في النظام الإسلامي لملء عقلها وليس خزانة ملابسها، ولا تقاس سعادتها برضا الآخرين عنها ولكن برضا خالقها عز وجل. وبهذه الطريقة يمكننا أن نرى أن الخطر الحقيقي والعقبة أمام تقدم المرأة جذوره ليست في الإسلام، ولكن في الأنظمة السياسية الغربية التي تم فرضها على العالم. لذا فإن إزالة هذه المفاهيم الغريبة من بلداننا، وليس إزالة النقاب، هي التي يجب أن تكون النقطة المهمة للنقاش على الصعيد الدولي.
يقول الله سبحانه وتعالى:
(يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ) [الصف: 8]
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
عمرانة محمد
عضو المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير