خبر وتعليق ليسَ كلُ ما يلمعُ ذهبا
الخبر:
تزعم دول الغرب وغيرها من العلمانيين وأنصار الديمقراطية، أن الديمقراطية هي الرائدة في إعطاء الشعوب الحق في اختيار حكامهم بأنفسهم، وكذلك الرائدة في منح المرأة حقوقها ومنها الحق في انتخاب الحاكم. وروجوا لهذه الفكرة بأساليب براقة بهرت أعين الشعوب المقهورة من سطوة الأنظمة الاستبدادية، فظنوا بريقها ذهبا خالصا.
التعليق:
إن هذا الزعم كذب وافتراء، ومحض تدليس وتضليل؛ ففي الوقت الذي عاش فيه الغرب عصورا من الظلام، حيث تجبُّر الملوك واستبدادُهم، واستعباد الناس وإذلالهم، وامتهان المرأة واحتقارها، ولم يكن للناس يدٌ لا طويلةً ولا قصيرةً في اختيار ملوكهم. كان الإسلام بالمقابل هو الذي يمنح المسلمين رجالا ونساء حق الانتخاب، وحق اختيار حكامهم.
فهذا رسول الله عليه الصلام والسلام في بيعة العقبة الثانية يطلب من الأنصار الذين جاؤوا لمبايعته أن ينتخبوا منهم اثني عشر رجلا ليكونوا وكلاءهم على هذه البيعة، وقد كان بينهم امرأتان، وها هو عليه الصلام والسلام بعد إقامته الدولة في المدينة يأخذ البيعة لنفسه على الحكم من الرجال والنساء، وها هو عبد الرحمن بن عوف بعد موت خليفة المسلمين عمر بن الخطاب رضي الله عنهما لم يترك في المدينة غاديا ولا عائدا رجلا كان أو امرأة حتى الفتيات في خدورهن إلا وخيّرهم بين عثمان وعليّ رضي الله عنهما أيهما ينتخبون خليفة للمسلمين.
والأحاديث الشريفة التي تبين أن السلطان للأمة، وأنها هي التي تملك حق اختيار الرجل الذي يحكمها، كثيرة أذكر منها:
روى مسلم أن النبي عليه الصلام والسلام قال: «… ومن بايع إماماً فأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه فليطعه إن استطاع، فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الآخر».
وفي البخاري عن عبادة بن الصامت قال: «بايعنا رسول الله عليه الصلام والسلام على السمع والطاعة في المنشط والمكره وأن لا ننازع الأمر أهله وأن نقوم أو نقول بالحق حيثما كنا لا نخاف في الله لومة لائم».
هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن ادعاء الغرب ومن حذا حذوهم بأن الديمقراطية هي الرائدة في إعطاء الشعوب حق اختيار حاكمهم، أو مجرد أنها أعطتهم هذا الحق، هو ادعاء باطل، وشواهد بطلانه في أميركا اللاتينية، وأفريقيا، وآسيا، والعالم الإسلامي، حيث تدخُّل الغرب وعملائه ووقوفُهم سدا منيعا أمام رغبة تلك الشعوب باختيار حاكمها بنفسها، بل وبفرض الحاكم عليهم قصرًا كثيرة ويصعب حصرها.
ولذلك يجب على شعوب العالم عامة، وأبناء الأمة الإسلامية خاصة أن يعرفوا هذه الحقائق كما يعرفون أسماءهم، ويدركوا أن بريق الديمقراطية ما هو إلا سراب زائف، وأن ليس كل ما يلمع ذهبا.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أبو دجانة