خبر وتعليق لجان التغطية على جرائم بشار البشعة
الخبر:
نقلت الجزيرة يوم الثلاثاء 24/09/2013م خبرا عنوانه “مفتشو الأمم المتحدة يعودون غدا إلى سوريا من أجل إكمال التحقيق في استخدام الأسلحة الكيماوية”.
التعليق:
عجيب أمر لجان الأمم المتحدة هذه، ألم يملوا من التحقيق في أمور عديمة الفائدة؟!
ألم تمل اللجان بعد من الذهاب والإياب والبحث والتقصي في موضوع سخيف مثل موضوع استخدام النظام السوري أسلحة كيماوية في قتاله للعصابات الإرهابية والشعب المتمرد في سوريا؟
ثم لماذا التحقيق في هذه التفاهات؟ أليس من حق النظام السوري الحفاظ على استقراره وأمنه وخصوصا إذا كان بقاؤه وقوته عبارة عن أمر حيوي ومصيري لتوازن القوى في المنطقة ولحماية أمن “إسرائيل” ومصالح أمريكا في الشرق الأوسط؟
ألا يعمل النظام السوري لحماية مصالح أمريكا في المنطقة؟ أليس النظام السوري جزءًا من المحور الإيراني التركي العراقي مع حزب الله؟ أليس هذا المحور هو المحور الذي ترتكز أمريكا عليه في الإبقاء والحفاظ على مصالحها في الشرق الأوسط؟
ثم أليس المقصود والغاية من الأمم المتحدة بالنسبة لأمريكا هو أن تقوم الأمم المتحدة ومؤسساتها بالحفاظ والإبقاء على مصالح أمريكا في العالم والشرق الأوسط بشكل خاص؟
وبعيدا عن الهرطقات الإعلامية، أليس النظام الإيراني بمختلف حكوماته هو الذي مهد وسهل وعبد لأمريكا الطريق للقضاء على الشعوب المسلمة الإرهابية في المنطقة من أفغانستان إلى العراق فسوريا الآن؟
ثم أليس النظام العلوي الممانع في سوريا هو ذلك النظام الذي أمّن مصالح أمريكا في سوريا منذ مجيء الأسد الأب للحكم وحتى الآن؟
إن كانت الأجوبة على الأسئلة المطروحة كلها هي نعم، فلماذا ترهق الأمم المتحدة نفسها في إرسال اللجان وراء اللجان للتحقيق؟ تارة لجان للتحقيق في المذابح المرتكبة؟ وتارة لجان للتحقيق في استخدام الأسلحة الكيماوية في الغوطة؟ ولجان أخرى للتحقيق في ما إذا تم استخدام قوة مفرطة من قبل النظام في سوريا ضد الإرهابيين؟
قد يخرج المرء العاقل بمعادلة بسيطة وبجواب بسيط للغاية إن تحرى الصدق وتجرد للفهم والحقيقة، وهي أن هيئة الأمم المتحدة مقتنعة تماما بأن الشعب السوري هذا هو شعب مسلم، وبالتالي فيه قابلية للإرهاب، وعليه لا بد من الحيلولة دون هذا الشعب ومحاولته التخلص من نظامه الحليف لأمريكا والحامي لأمن “إسرائيل”.
وقد يخرج عاقل آخر بتساؤلات أخرى
أين كانت الأمم المتحدة من حرق روسيا للشيشان واستعبادها لدول الاتحاد السوفييتي السابق؟
ولماذا لا تحرك الأمم المتحدة ساكنا لوقف قتل المسلمين في ميانمار؟ ولماذا ولماذا؟
ولماذا لا تذهب لجان الأمم المتحدة للصين للتحقيق في انتهاك حقوق الإنسان ضد المسلمين من قبل الصين ومنذ عقود؟
الحقيقة هي أن الأسئلة كثيرة ومتعددة ومتنوعة وكلها تصب في نتيجة واحدة أضحت بعد ثورة سوريا حقيقة واضحة جلية للعيان كالشمس في رابعة النهار، وهي أن لجان الأمم المتحدة التي لا تنفك ترسل إلى سوريا ما هي إلا لجان لذر الرماد في العيون، وما هي إلا لجان تعمل لتغطية الجرائم البشعة والتمييز العلني الذي تقوم به الأمم المتحدة ومؤسساتها حين التعاطي مع قضايا العالم في شكل لا يخدم إلا أمريكا ودول مجلس الأمن الدائمة.
إن الأمم المتحدة ولجانها وهيئاتها ما هي إلا مؤسسة عالمية تمثل أداة فاعلة لحماية مصالح الدول الغربية التي أنشأتها وتتفاوت خدمة الأمم المتحدة لهذه الدولة الغربية أو تلك بمقدار نصيب الدولة وإسهامها في تمويل الأمم المتحدة، والحقيقة أن النصيب الأوفر في هذه الهيئة هو لأمريكا كونها ممولاً أساسيًّا لنفقاتها وتكاليفها.
لقد تعلمت أمريكا الدرس الأكبر في حياتها السياسية من حرب العراق، فلم تدعم النظام السوري بصورة مباشرة، بل أوكلت المهمة لروسيا، واستفادت أمريكا بذلك أمران: الأول أنها لن تقف متحدية للعالم أجمع في حرب غير إنسانية بشعة كتلك التي في سوريا، كما أن أمريكا لن تتحدى العالم سياسيا في مجلس الأمن مرة أخرى وأوكلت المهمتين في مجلس الأمن وفعليا لروسيا في سوريا، واكتفت أمريكا بهرطقات إعلامية ضد روسيا، واكتفت أمريكا أيضا بمنع تسليح الشعب السوري بحجة عدم السماح بتسليح الثورة في سوريا خوفا من أن يصل السلاح للإرهابيين على زعمها.
لقد اتفقت الدول الكبرى على تمزيق سوريا، والسبب في ذلك يعود إلى أن الثوار في سوريا لم يرضوا أن يخضعوا للمجالس التي أسستها أمريكا لهم، تلك المجالس والهيئات السياسية التي تريد أن تعيد الشعب السوري لأحضان أمريكا بعد القضاء على بشار؛ ولذلك فإن اللجان التي ترسل إلى سوريا هي لجان أمريكا التي لا ترى إلا ما تراه أمريكا، ولا تسمع إلا بأذن أمريكا، ولا تقول إلا بلسان أمريكا.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
د. فرج أبو مالك