خبر وتعليق الإصلاحات الديمقراطية تجرّ إلى الصمت الذليل
الخبر:
نقلت وكالة أناضول للأنباء في 21/09/2013 الخطاب الذي ألقاه رئيس الوزراء أردوغان في الاجتماع مع منظمات المجتمع المدني في ملاطية، حيث أدلى بالتصريح التالي حول حزمة الإصلاحات الديمقراطية:
“سنعلن حزمة الإصلاحات الديمقراطية الجديدة على الرأي العام يوم الاثنين 30 أيلول في أنقرة، ولو كان الأمر بأيدينا، لقمنا بهذه الإصلاحات منذ 11 عاماً. ولكنكم تعرفون ما عانيناه خلال الفترة السابقة، فلقد حققنا ما حققناه بصمودنا أمام العديد من العوائق؛ من دعاوى إغلاق الحزب وحتى تظاهرات الشارع. سنقوم الآن بإصلاحاتنا على شكل حزمة جديدة، نكفل فيها الكثير من الحقوق المهمة، كما سيتم طرح العديد من المواضيع على البرلمان التركي، لمناقشتها وإقرارها”.
التعليق:
على الرغم من تسمية إصلاحات القانون بـ”الحزمة القضائية” سابقا إلا أن إطلاق اسم حزمة الإصلاحات الديمقراطية الآن لا يعود لفرق في محتواها. على العكس من ذلك، بل لإزالة التهم التي تم إطلاقها كثيرا في الآونة الأخيرة ضد أردوغان عن كونه “دكتاتور”، ولكسر تأثير ذلك على الشعب. لذلك فهي مناورة شكلية.
إذا أردنا القيام بتقييم حول المحتوى في الوقت الراهن، فإن لم تكن بمعنى حزمة إلا أنه بإمكاننا القول إنها حزمة تم إعدادها مع الأخذ بعين الاعتبار الأحداث الجارية السرية وخطط الضغط على الحكومة عن طريق تحريض العلويين من قبل القوميين العلمانيين الكماليين ذوي التبعية الإنجليزية.
إن حزمة الإصلاحات الديمقراطية هذه التي يدعى أنها تحتوي إصلاحات ستلقى إعجاب ورضا الجميع، لا بد أنها ستعرّض للخطر الشعبَ التركي المسلم خاصة وجميع الشعوب المسلمة المخدوعة بالديمقراطية.
إن هذه ليست أولى المحاولات لنقل الديمقراطية لمستوى أرقى في تركيا. حيث إن العمل الأصلي الذي قامت به حكومة حزب العدالة والتنمية منذ توليها السلطة هو تمكين الديمقراطية ودمج المسلمين المشككين فيها. إلا أن الشعب التركي ذا المشاعر الإسلامية قد عايش تحولاً ذهنيًّا خطيرًا خصوصا في فترة حزب العدالة والتنمية.
إن جملة “نحن لا نتدخل في طريقة عيش أي شخص، ويعيش الجميع كما يحلو لهم” هي أكثر جملة قام أردوغان باستخدامها منذ توليه السلطة، وإن هذه الجملة هي الدافع التي تمحور التحول الذهني للشعب المسلم حوله.
بلا شك فإن مفهوم “نحن لا نتدخل في طريقة عيش أي شخص، ويعيش الجميع كما يحلو لهم” هو مفهوم يحول دون فرض الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بشكل واضح. فقد أصبحت المنكرات جزءًا طبيعيًّا من الحياة الديمقراطية، وبدأ التباهي بالصمت الذليل الذي يتمثل بالموقف الديمقراطي. وإن السلوك الذي ينبغي على الشخصية الإسلامية حمله من تقبيح ما قبحه الشرع وتغيير المنكر كل حسب وسعه قد أصبح يوصف بالسلوك الهامشي.
كما أصبح لكل عمل ثمن عند المسلمين مقابل الإصلاحات الديمقراطية؛
فمقابل قول كلمة الحق أصبح قبول الأقوال الباطلة أمرًا طبيعيًّا بل وتُحترم. ومقابل الذهاب إلى المدرسة بالخمار صار احترام الذهاب بالتنانير القصيرة. ومقابل ارتداء الخمار في الأماكن العامة أصبح احترام جميع أنواع الفحش.
والأمر الذي ينبغي ملاحظته هو أن هذه كلها تطبق على أناس دون غيرهم. فأولئك الذين لا يقبلون بالديمقراطية، هم مُعْفَوْنَ من هذه الحقوق التي تمنحها الديمقراطية. والمؤشر الأكثر وضوحاً لهذه الحقائق هو مقاضاة شباب حزب التحرير في تركيا.
ففي العادة ترى القوانين أيَّ فكر لا يدعو للعنف وأيَّ حزب يتشكل بناء على هذا الفكر هو حق ديمقراطي ولا توضع عليه أية عقوبة. إلا أن هذه القوانين نجدها غير سارية على حزب التحرير الذي كسب تأييد له لمواقفه ضد الديمقراطية. وعلى الرغم من عدم تبنّيه لأي عمل عنف حتى في اسمه إلا أن المئات من أعضاء حزب التحرير قد تلقوا عقوبات شديدة. فقد تم إنزال عقوبة السجن لمدة 7 سنوات و 6 أشهر للمهندس الميكانيكي بكر كرتولوش حيث تم اعتقاله والزجّ به في السجن. وقد عرضت صحيفة يني عقد الخبر التالي حول هذا الموضوع:
“تشهد تركيا كوميديا قضائية، على الرغم من الكتابات الرسمية لمديرية الأمن العام والمحاكم عن حزب التحرير أنه غير مسلح، إلا أنها تواصل صبَّ العقوبات على أولئك ذوي المشاعر الإسلامية. فقد أنزلت محكمة إزمير للعقوبات الشديدة رقم 8 عقوبة السجن لـ7 سنوات و6 أشهر على بكر كورتولوش الذي اشترك كمترجم في مؤتمر حزب التحرير الذي عقد بطريقة شرعية في لبنان”. (صحيفة يني عقد 16 سبتمبر 2013)
هذه هي قصة الإصلاحات الديمقراطية بشكل موجز ومعبّر. فإن كل خطوة يتم خطوها باسم الإصلاحات الديمقراطية ليست إلا لإبعاد المسلمين عن الشخصية الإسلامية ولجرّهم إلى صمت ذليل.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
سليمان أوغرلو – عالم اجتماع / كاتب
مدير مجلة التغيير الجذري