Take a fresh look at your lifestyle.

خبر وتعليق مناقشة صعبة مع أخ من جماعة الإخوان المسلمين “مترجم”

الخبر:

أراد جمهور من مسلمي ديربي، وهي بلدة صغيرة في وسط إنجلترا، أن يطرح أسئلةً على لجنة حوارية بشأن الوضع في مصر وسوريا، وما هو موقف حزب التحرير بخصوص ثورة سوريا؟ وهل طلب النصرة فكرة واقعية؟ وما هي الدروس التي يمكن تعلمها من الإطاحة بالدكتور مرسي؟ وهل الديمقراطية هي الطريق إلى الأمام بعد الإطاحة بالدكتور مرسي؟ وهل فشل الإسلام السياسي في مصر؟ لذلك فقد وجهوا الدعوة لي، وللأخ يحيى نيسبت (معتنق للإسلام، والذي كان قد سجن ظلمًا في مصر خلال حكم مبارك بتهمة الانتماء إلى جماعة تدعو إلى الخلافة)، ولطبيب مصري من جماعة الإخوان المسلمين.

 

التعليق:

كنت أعرف أن مثل هذا الجمهور سوف يطرح أسئلة محددة وصريحة جدا لنا جميعا، بمن في ذلك أخونا من جماعة الإخوان المسلمين. والواقع فإن أول سؤال وجّه لأخينا من جماعة الإخوان المسلمين كان حول ما إذا كانت هناك إخفاقات وأخطاء أثناء حكم الدكتور مرسي، وما هي الدروس التي يمكن تعلمها؟

وقد اعترف الطبيب بأنه حدثت هناك بعض الأخطاء، ولكنه بعد ذلك أدلى أيضا بنقاط تتعلق بالمعارضة التي واجهها الدكتور مرسي، وطبيعة التخطيط الجيد للانقلاب الذي تم، وحقيقة أن كل شيء لا يمكن أن يتحول إسلاميًا بين عشية وضحاها. ونادى بالأخذ بنهج التدرج والذي هو نهج إخواننا في جماعة الإخوان المسلمين كما هو معروف، مستشهدا بقول نبينا عليه الصلاة والسلام فيما يتعلق بحلف الفضول وغيرها من المسائل. لم يكن هذا النهج والأدلة التي استشهد بها، جديدًا علينا، فقد واجهناها منهم على مر السنين الماضية. وبعد الاستشعار عن الجمهور في دربي، شعرت أن هناك تحديا بالنسبة لنا. فمن جهة، كيف نجعل الجمهور يقدّر أن حكومة الدكتور مرسي قد ارتكبت بعض الأخطاء من قبل، وأن علينا جميعا أن نتعلم من تلك الأخطاء ونحن نمضي قدمًا، وفي الوقت نفسه التأكد من أن لديهم وضوحًا تامّا من أن الانقلاب الذي قام به السيسي لا يمكن دعمه بأي شكل من الأشكال، وأن قتل المسلمين الذين عارضوا الانقلاب الذي تدعمه الولايات المتحدة هو خط أحمر وحرام شرعا، بغض النظر عن رأي أحدنا في النهج أو الأخطاء التي ارتكبتها حكومة الدكتور مرسي. مع الأخذ في الاعتبار أن جميع هذه النقاط يجب أن يشار إليها مع الاعتراف بأن الكثيرين في جماعة الإخوان المسلمين قد ضحوا بحياتهم واستشهدوا في رابعة العدوية ومدينة نصر.

ومع تدفق الأسئلة، كنا نحن الثلاثة في اللجنة متفقين على العديد من النقاط المتعلقة بمصر وسوريا. ولكن في ما يتعلق بالطريق قدمًا، فقد كان بيينا اختلاف كبير على الدعوة المستمرة إلى “الديمقراطية” في مصر من قِبَل بعض إخواننا في الإخوان المسلمين. وتساءل أحدهم في الغرفة عما إذا كانت الديمقراطية يمكن أن تكون وسيلة لإعادة الإسلام إلى واقع الحياة، فأجاب الأخ من جماعة الإخوان المسلمين بأن المهم هو معنى الأشياء، وأنه لا ينبغي علينا أن نقف عند مصطلحات الألفاظ. بينما قال الأخ يحيى، أنه علينا أن نتجنب مصطلح “الديمقراطية” لأنه غير دقيق ويتنافى مع الإسلام، واستخدامه لا يزيد سوى التشويش والخلط عند الناس.

هذا الذي حصل، جعلني أفكر في ما واجهناه في بلدان أخرى عندما يستخدم بعض المسلمين كلمة “الديمقراطية”. فيستخدم البعض كلمة “الديمقراطية”، ظانًّا أن ما تعنيه هو الحق في إجراء انتخابات لاختيار حاكم بدلا من الحاكم المفروض عليهم كمبارك، والقذافي، وآل سعود وغيرهم. بينما يعرف آخرون أن الواقع الحقيقي لكلمة “الديمقراطية” هو أكثر من مجرد إجراء انتخابات لانتخاب حاكم، بل يشمل كذلك وجود هيئة مثل البرلمان أو مجلس النواب الذي يشرّع القوانين والتي يتم من خلالها تسيير شؤون المجتمع.

إن مثل هذا التشريع يتعارض مع الشريعة الإسلامية، بمعنى أن الله سبحانه وتعالى هو المشرع، وأن المطلوب من الحاكم المسلم (الخليفة) هو تبني الأحكام الشرعية المستنبطة من الكتاب والسنة وما أرشدا إليه وتطبيقها في الدولة والمجتمع. انتهى بنا النقاش إلى استكشاف ما الذي يقصده الناس بالتحديد عندما يستخدمون كلمة “الديمقراطية”.

وفيما يتعلق بمصر، فقد أوضحت أنه مع كوني معارضًا لانقلاب السيسي، فإنني أعارض أيضًا الدعوة إلى عودة الدكتور مرسي لرئاسة النظام “الديمقراطي”. فبدلًا من الدعوة للديمقراطية، فإنه ينبغي علينا أن ندعو إلى نظام الخلافة الإسلامية، التي تجعل الحق للأمة في تعيين من يحكمها. إننا نحن الناشطين الإسلاميين، من أي حزب أو حركة كنّا، في حاجة الآن أكثر من أي وقت مضى، للدعوة إلى نظام الخلافة، وأن نشرح ذلك للأمة كي يدعموه بوعي وقناعة؛ حيث إنه النظام الذي كلفنا الله سبحانه وتعالى بتطبيقه، وأن هذا هو النظام الوحيد الذي يمكن أن يعالج جميع المشاكل التي يواجهها الناس في العالم الإسلامي. فعندما يفشل هذا الانقلاب الحالي، فإن الأمة تستطيع أن تعود مرةً أخرى إلى ما تعتقده وإلى نظام ربها سبحانه وتعالى.

إنه وإن كان لدينا في لجنة النقاش بعض نقاط الاختلاف، إلا أننا اتفقنا على نقاط كثيرة، لقد كانت هذه حقًا واحدةً من أكثر المناقشات المثمرة التي خضتها في الدعوة. لماذا؟ أعتقد أن واحدًا من العوامل الرئيسية هو أن اللجنة والجمهور اختلفوا في جو من الأخوة الإسلامية. فكانت أخلاق وآداب الطبيب من جماعة الإخوان المسلمين إسلامية للغاية، حتى على الرغم من أننا جادلنا وناقشنا، إلا أنني شعرت أن هذا كله قد تم بإخلاص، وبأحاسيس مرهفة، وبأسلوب منفتح يسعى إلى تحقيق الخير لأمتنا في سوريا ومصر.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجزي خيرًا منظمي هذا الحدث، والأخ الطبيب من جماعة الإخوان المسلمين وأخي يحيى نيسبت، نأمل وندعو أن تستمر مثل هذه التفاعلات الصريحة كوسيلة لرفع مستوى الوعي حول نظام الخلافة.

 

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
تاجي مصطفى
الممثل الإعلامي لحزب التحرير في بريطانيا