Take a fresh look at your lifestyle.

خبر وتعليق أبشروا أيها المسلمون بنصر من الله وفتح قريب

 

الخبر:

في خطاب له منذ يومين صرح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن الخطر الذي تشكله ثورة الشام هو خطر قيام دولة الخلافة، وقد جاء تصريحه هذا في سياق الرد على الذين يفرّطون بنظام بشار أسد بذريعة أن الشعب السوري يطالب بالديمقراطية وأن دعم الثورة يعني دعم الديمقراطية.


التعليق:

لطالما قلنا إن الخلفية الحقيقية الأساسية للموقف المعادي الذي تتخذه روسيا من ثورة الشام إنما هو خوفها الفعلي من احتمال أن تسفر ثورة الشام عن قيام دولة إسلامية تنتصب نقطةَ ارتكاز لدولة كبرى ومحور استقطاب للمنطقة كلها من حولها. وفي هذه الحالة لن تكون روسيا ومجالها الحيوي القريب من قلب العالم الإسلامي، والذي يحوي عشرات الملايين من المسلمين، بمنأى عن تأثير هذا الحدث العظيم والمدوّي. بل إن من شأن قيام دولة الخلافة في المنطقة أن يزلزل أركان هذه الإمبراطورية التي لطالما خاضت حروبها الشرسة ضد دولة الخلافة، ولا سيما في قرونها الأخيرة خلال العهد العثماني، إذ لطالما وقفت دولة الخلافة العثمانية سدًّا منيعًا أمام هذه الإمبراطورية الطامعة ببلاد المسلمين. ومن قرأ التاريخ المعاصر يعرف أن الاتفاقية التي عرفت باتفاقية سايكس بيكو كانت روسيا ركنًا من أركانها قبل أن تنسحب من الحرب بسبب الكوارث التي حلت بها والثورة التي نشبت فيها خلال تلك الحرب. وقد كانت حصتها التي توافق الحلفاء على منحها إياها الأراضي الإسلامية المطلة على المضائق في كل من آسيا الصغرى والبلقان، بما فيها عاصمة الخلافة والعالم الإسلامي إسطنبول. فالعداوة بين روسيا ودولة الخلافة هي موروث تاريخي عمره مئات السنين، فضلا عما يشكله قيام دولة الخلافة الإسلامية اليوم من خطر هائل عليها، يتمثل في تطويقها واختراقها جغرافيًّا وديمغرافيًّا بسبب الامتداد الإسلامي حولها وداخل أراضيها.

والواقع أن هذا الخوف لا تنفرد به روسيا، وإنما تشاركها إياه سائر الدول الكبرى دونما أي شك.

أما أوروبا التي كانت ألدّ عدوّ للعالم الإسلامي طوال مئات السنين، فهي لم تنس – ولن تنسى يومًا – وصول جيوش الإسلام إلى عمق أراضيها، إلى تخوم فرنسا من جهة الغرب أيام الأمويين وإلى أسوار فيينا من جهة الشرق أيام العثمانيين. هذه القارة العجوز التي يخترقها الإسلام حاليًا، رغم غياب أي سلطان للمسلمين، بآلاف الناس الذين يعتنقون الإسلام سنويًّا، ومن خلال الفارق الهائل في نسبة الولادات بين مسلمي أوروبا وسائر سكانها، ترقب بهلع احتمال قيام دولة الخلافة في أقرب بلاد الدنيا إليها، إذ إن قيام هذه الدولة ورسوخها المرتقب وانتصابها نموذجًا حضاريًّا جديدًا سوف يعني حتمًا اندثار ممالك الرأسمالية فيها وتلاشي طريقة العيش الغربية عمومًا. فهي القارة العجوز بحضارتها المتعفّنة، وباقتصادها المترهل الذي لن يقوى على الصمود بعد أن تُنتزع عنه أجهزة الإنعاش التي تمده بأسباب الحياة من ثروات العالم الإسلامي.

وأما الولايات المتحدة التي اشرأبّت بعنقها من وراء المحيطات ومدت أذرعتها وأصابعها إلى العالم الإسلامي لتمتص دماءه وتنهش لحمه وتكسّر عظامه، فهي بدورها تعرف تمام المعرفة أن قطع دابر نفوذها من بلاد المسلمين سوف يعني إنهاء عصر تفوقها على العالم وتربّعها على عرش السيادة فيه، بل سوف يهدم بنيانها الاقتصادي الذي لم يستطع يومًا تخطي أزماته القاتلة إلا بضخّ ثروات العالم الإسلامي إلى مجامعه. ومنذ سنتين كتب ديناصور السياسة الخارجية الأميركية هنري كيسنجر أن السبب الحقيقي الكامن وراء الموقف الأميركي من طاغية الشام وثورتها هو الخوف من قيام دولة مركزية تستقطب المنطقة من حولها وتهدّد بتغيير الخريطة السياسية للمنطقة!

هل تَوافَقَ هؤلاء الأعداء على ديباجة واحدة يبررون بها أمام شعوبهم وأمام الأسرة الدولية تواطؤهم مع طاغية الشام ودجالي إيران؟! لا والله قد نطقوا بما يعتري نفوسهم من خوف من أعظم حضارات الدنيا وأمضاها في تاريخ البشرية. ثم يأتينا بعد ذلك كله من يقول لنا: إن المشهد السوري هو مشهد نزاع دولي؟! بل هو والله انبلاج لصورة الصراع الحقيقي الذي كان الصراع الأبرز في العالم منذ ما يزيد على أربعة عشر قرنًا من التاريخ.

أبشروا أيها المسلمون بنصر من الله وفتح قريب. لماذا؟! لأن الصراع بين المسلمين وأعدائهم عاد سيرته المجيدة: صراعًا بين أمة الحق وأمم الباطل، حيث تَرفع الأمة في أرض الشام لأول مرة منذ أجيال مضت راية الإسلام، وحيث يصرح أعداؤها أن حربهم هي حرب على الإسلام. والتاريخ يشهد أنه حين اتخذ الصراع هذه الصورة الجلية كانت الغلبة دائمًا لخير أمة أخرجت للناس.


((وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ * إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ * وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ))

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أحمد القصص
رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير في لبنان