خبر وتعليق شبح البلطجة والإفلاس مع بدء السنة المالية الجديدة في الولايات المتحدة (مترجم)
الخبر:
لا بد أن الرئيس أوباما يعد تنازليا الأيام القليلة المتبقية لنهاية شهر تشرين الأول/أكتوبر، فقد كان شهرا مضرا لهيبة الولايات المتحدة على الساحة العالمية. وقد تم يوم 28 تشرين الأول/أكتوبر، استدعاء سفير الولايات المتحدة لدى إسبانيا من قبل الحكومة الإسبانية للحصول على تفسير لما تم الكشف عنه في الصحيفتين الإسبانيتين، “ال موندو” و”ال باييس”، من أن وكالة الأمن القومي (NSA) قد جمعت بيانات عن 60 مليون محادثة هاتفية إسبانية. وكان رئيس الوزراء الإسباني، ماريانو راخوي، قد أدلى بتنبؤ غريب قبل ذلك بأسبوع واحد فقط، في مؤتمر عقد في بروكسل وقال بأن: “أنشطة التجسس ليست سليمة بين البلدان الشريكة والحليفة”. وكان ذلك، في إشارة منه إلى تسريب سابق عن قيام وكالة الأمن القومي بعمليات التجسس على بلدان أخرى في الاتحاد الأوروبي.
وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، أظهرت سلسلة من التسريبات من وسائل الإعلام الألمانية بقيادة صحيفة “دير شبيجل”، أن وكالة الأمن القومي قامت حتى بالتنصت على الهاتف المحمول للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، وأنها كانت تفعل ذلك منذ عام 2002. وقد أصبحت أنجيلا ميركل مستشارة في عام 2005، مما يعني أن وكالة الأمن القومي كانت تستهدف عددا كبيرا من السياسيين الألمان من ذوي النفوذ. وكدليل آخر على ضخامة عملية التجسس هو أنها كانت تدار من داخل السفارة الأمريكية في برلين، بدلا من محطة للقرصنة في نيويورك. وقد رفض البيت الأبيض إنكار كون هاتف المستشارة الألمانية قد تم التجسس عليه، مفضلا الإصرار على أنه حاليا لا يتم مراقبة هاتفها. أما بالنسبة للادعاء الذي ورد في صحيفة “بيلد ام سونتاج” الألمانية، من أن أوباما قد تم إبلاغه عن مراقبة هاتف أنجيلا ميركل في عام 2010، فقد أنكرت وكالة الأمن القومي ذلك.
التعليق:
تستند هذه الادعاءات، فضلا عن تلك التي سبقت حول التجسس على الفرنسيين وغيرهم من الشعوب، إلى التسريب الهائل للوثائق التي كشفها الضابط السابق في وزارة الدفاع الأمريكية، إدوارد سنودن. كما تكشف وثائق سنودن عن تكاليف عمليات الاستخبارات الأمريكية، والتي لديها حاليا “ميزانية سوداء” قدرها 52.6 مليار دولار. ومع ذلك، فقد تم تقليص هذه الميزانية بسبب الدين القومي للولايات المتحدة، الذي تجاوز السقف السابق البالغ 16.7 تريليون دولار فقط بعد الحصول على موافقة الكونغرس لرفع السقف والذي تأخر بسبب الخلافات الداخلية. وقد تركت الولايات المتحدة مكشوفة للمخاطر في بداية السنة المالية الجديدة في 1 تشرين الأول/أكتوبر، وكانت على بعد أيام فقط من كارثة تخلفها عن سداد ديونها. وقد أرسل عشرات الآلاف من الموظفين الحكوميين إلى منازلهم دون أجر، وتم تأجيل الخدمات عن الشعب الأمريكي لعدة أيام حتى تم التوصل إلى اتفاق. وقد ترتبت على الأزمة المالية هذه آثار مثيرة للسخرية حول فضيحة التجسس. فقد ذكرت تقارير صحيفة الجارديان أن الولايات المتحدة قد أرسلت اليوم أربعة ممثلين لجلسة حقوق الإنسان، ولكنهم تعرضوا للإدانة بسبب فشلهم في مناقشة تفاصيل عمليات التجسس الأمريكي باعتبار أن: “إيقاف تشغيل الدوائر الحكومية في تشرين الأول/أكتوبر منعهم من الإعداد الكافي”.
إن حقيقة أن الدولار الأمريكي هو عملة الاحتياط في العالم، وأن قوتها العسكرية يمكن أن تعوضها عن مشاكلها السياسية، يعني أنه لا زال بإمكانها أن تستأسد على أصدقائها وأعدائها على حد سواء. إلا أن هذا الاختلال الغريب لن يستطيع أن ينفعها إلى الأبد.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
عبد الله روبين