Take a fresh look at your lifestyle.

مع الحديث الشريف تفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة

 

نحييكم جميعا أيها الأحبة المستمعون في كل مكان في حلقة جديدة من برنامجكم مع الحديث الشريف ونبدأ بخير تحية فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

عن أبي هريرة قال:

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: “افترقت اليهود على إحدى أو ثنتين وسبعين فرقةً وتفرّقت النّصارى على إحدى أو ثنتين وسبعين فرقةً وتفترق أمّتي على ثلاثٍ وسبعين فرقةً”

جاء في عون المعبود شرح سنن أبي داود:

افترقت اليهود إلخ:

هذا من معجزاته صلّى اللّه عليه وسلّم لأنّه أخبر عن غيبٍ وقع. قال العلقميّ: قال شيخنا: ألّف الإمام أبو منصور عبد القاهر بن طاهر التّميميّ في شرح هذا الحديث كتابًا قال فيه: قد علم أصحاب المقاولات أنّه صلّى اللّه عليه وسلّم لم يرد بالفرق المذمومة المختلفين في فروع الفقه من أبواب الحلال والحرام وإنّما قصد بالذّمّ من خالف أهل الحقّ في أصول التّوحيد، وفي تقدير الخير والشّرّ وفي شروط النّبوّة والرّسالة وفي موالاة الصّحابة وما جرى مجرى هذه الأبواب، لأنّ المختلفين فيها قد كفّر بعضهم بعضًا، بخلاف النّوع الأوّل فإنّهم اختلفوا فيه من غير تكفيرٍ ولا تفسيقٍ للمخالف فيه، فيرجع تأويل الحديث في افتراق الأمّة إلى هذا النّوع من الاختلاف، وقد حدث في آخر أيّام الصّحابة خلاف القدريّة من معبدٍ الجهنيّ وأتباعه، ثمّ حدث الخلاف بعد ذلك شيئًا فشيئًا إلى أن تكاملت الفرق الضّالّة اثنين وسبعين فرقة، والثّالثة والسّبعون هم أهل السّنّة والجماعة وهي الفرقة النّاجية. انتهى باختصارٍ يسير.

قد يفهم البعض هذا الحديث الشّريف على أنّه يذمّ وجود الأحزاب والتّكتّلات الإسلامية، فيبدأ إمّا بمحاربة الحزبيّة بناءً على فهمه أنّها تفرّق وحدة الأمة الإسلاميّة أو يبدأ بالبحث عن الفرقة النّاجية بين هذه الأحزاب والتكتلات.

والذي يجب أن يكون واضحاً هو أنّ هذا الحديث الشريف بعيدٌ كلّ البعد عن هذا الفهم. فالحديث الشّريف، وكما جاء في شرح الحديث أعلاه، يتحدّث عن الفرقة التي أساسها الاختلاف في العقيدة وأصول الدّين، والدّليل على ذلك أنّ أصول الدّين، كالإيمان بالرّسل والكتب، هي الأساس الذي كانت قد تفرّقت عليه اليهود والنّصارى، وهذا واضحٌ في آياتٍ عديدةٍ مثل:

قوله تعالى: {وما اختلف الّذين أوتوا الكتاب إلاّ من بعد ما جاءهم العلم بغياً بينهم}

وقوله تعالى: {وقالت اليهود ليست النّصارى على شيءٍ وقالت النّصارى ليست اليهود على شيءٍ وهم يتلون الكتاب كذلك قال الّذين لا يعلمون مثل قولهم فاللّه يحكم بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون}

وقال تعالى: {ولقد آتينا موسى الكتاب وقفّينا من بعده بالرّسل وآتينا عيسى ابن مريم البيّنات وأيّدناه بروح القدس أفكلّما جاءكم رسولٌ بما لا تهوى أنفسكم استكبرتم ففريقاً كذّبتم وفريقاً تقتلون}

أمّا الاختلاف في الفروع فهذا لا بأس به، فقد كان الاختلاف في الفروع موجوداً في عصر الصحابة وما بعد ذلك، والأمثلة كثيرةٌ على ذلك.

وعلى هذا، لا يعدّ وجود أحزابٍ وتكتّلاتٍ مثل حزب التحرير والإخوان المسلمين والتّبليغ والدّعوة وغيرهم من الثّلاث وسبعين فرقة، بل هم جميعاً بإذن الله من فرقة لا إله إلا الله محمدٌ رسول الله المرضيّ عنهم كونهم مسلمين.

أحبتنا الكرام وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر نترككم في رعاية الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.