خبر وتعليق حقيقة العلاقة بين أمريكا وروسيا دوليا
الخبر:
ورد في صحيفة الشرق الأوسط في عددها (12775) بتاريخ 19 تشرين الثاني/نوفمبر 2013 تحت عنوان: “«جنيف 2» منتصف ديسمبر.. وروسيا تجتمع بوفد للنظام وآخر إيراني”، أن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، أعلن أمس، أن مؤتمر «جنيف 2» للسلام الخاص بسوريا سيعقد في منتصف ديسمبر (كانون الأول) المقبل. وجاء الإعلان بينما تشهد العاصمة الروسية موسكو تحركات دبلوماسية ربما تسعى من خلالها إلى تقريب وجهات النظر بين نظام الرئيس السوري بشار الأسد والمعارضة وإيران أيضا قبل لقاء ثنائي روسي – أميركي الاثنين المقبل في جنيف للتوصل إلى صورة حل بشأن الصراع في سوريا يمهد الطريق أمام مؤتمر «جنيف 2». واستضافت روسيا وفدين أحدهما يمثل النظام السوري والآخر إيراني في جولتي محادثات منفصلتين لمناقشة عقد المؤتمر الذي تطالب موسكو بأن يكون لطهران دور فيه.
التعليق:
منذ أن تربعت أمريكا على عرش الدولة الأولى عالميا وهي تتعامل مع الدول الكبرى من خلال مصالحها هي، فتتقارب مع دولة ما لتكون إلى جانبها ضد دولة أو دول أخرى كبرى تريد إضعافها أو حتى القضاء على مركزها الدولي، حتى إذا ما قضت حاجتها منها انقلبت عليها وتخلت عنها.
والتاريخ يرينا كيف أن العلاقة بين أمريكا والاتحاد السوفييتي (روسيا) تقلبت عدة مرات، فمن صراع بين معسكرين مبدئيين إلى وفاق بين دولتين ضد باقي الدول الكبرى، حتى إذا ما حققت ما تريد من هذا الوفاق وأخرجت بريطانيا وفرنسا وهولندا من مستعمراتها واحتوت الصين، تحول الوفاق إلى حرب باردة فأرهقت الاتحاد السوفييتي اقتصاديا وشنت عليه هجوما سياسيا وإيديولوجيا إلى أن انهارت الشيوعية وتفكك الاتحاد السوفييتي وعادت أمريكا قوة أولى وحيدة عالميا.
وفي السنوات الأخيرة عادت روسيا للظهور على الساحة الدولية، وأخذت تحاول أن يكون لها تأثيرٌ وثقلٌ في الشرق الأوسط، والذي نراه في هذه الأيام متمثلا في أعمالها مع كل من مصر وسوريا وإيران.
إن روسيا تنطلق من مصالحها الاقتصادية، أما سياسيا فهي تسير ضمن رضا أمريكا وحاجتها إليها، لذا فإن أمريكا وهي تحاول خداع الشعوب بأنها معهم في ثوراتهم ضد الظلم، بعد أن فشلت في الالتفاف على الثورة المباركة في سوريا وفشلت في إقناع أهلها بما صنعته من المجلس الوطني والائتلاف وهيئة التنسيق الوطنية، وبعد أن أدركت قرب سقوط عميلها المجرم بشار دون أن تكون قد أوجدت بديلا له، لذا فقد عادت تستغل روسيا سياسيا تحقيقا لمصالحها في المنطقة.
افتعلت أمريكا حيلة التفاوض مع روسيا المساندة لبشار بالسلاح فكانت تُظهر أحيانا اتفاقا معها ثم تعود لإظهار أنهما عادتا للاختلاف، كل ذلك من أجل إعطاء بشار مهلة للقتل والتركيع، كما استعانت بها في إيجاد مخرج لبشار بعد استعماله للسلاح الكيميائي ضد شعبه حين توسطت لإبرام اتفاق تُدمر سوريا بموجبه أسلحتها الكيماوية، وها هي الآن تستعين بها لجعل طرفي المعارضة الداخلية والخارجية والنظام يوافقان على الذهاب للمشاركة في مؤتمر جنيف 2 للوصول إلى تسوية سياسية بعد أن تأجل عدة مرات، وها هي تضغط على الائتلاف الوطني السوري المعارض لتلبية دعوة روسية للذهاب إلى موسكو لإجراء محادثات هناك تمهيدا للمؤتمر.
كما أن أمريكا تستعين بروسيا من أجل مصالحها في مصر فقد سمحت لها بإجراء زيارات على مستوى رفيع لإبرام اتفاقيات وصفقات أسلحة توفرها روسيا لمصر بحجة أن أمريكا قد سحبت دعمها لها احتجاجا على الإطاحة بالرئيس مرسي وقتل المحتجين، لتوهم المصريين أن هناك ضغوطات أمريكية وأن النظام يحاول الانعتاق من تبعيتها، مع أن المتتبع للسياسة يدرك أن العلاقة بينهما لا زالت قائمة ومميزة.
ولم يقف الأمر عند سوريا ومصر فقط وإنما نرى مساندتها لها في ملف إيران النووي، فأمريكا تُظهر مواجهة مصطنعة مع طهران بشأن برنامجها النووي، وتترك المجال لروسيا باللقاء معهم لتسوية المشكلة وإنهاء النزاع على حد زعم الرئيس الروسي بوتين.
إن الغرب الحاقد الظالم وعلى رأسه أمريكا، لن يوقفوا محاولاتهم للقضاء على أي توجه صحيح مخلص يسعى لإعادة المسلمين إلى قوتهم وعزتهم، إلى أن يُحقق الله وعده وبشرى رسوله بخلافة على منهاج النبوة.
﴿إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ﴾
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أختكم: راضية