Take a fresh look at your lifestyle.

خبر وتعليق أمريكا تقوم بالاستغلال أولا ثم التصفية


الخبر:

هل تم اتخاذ قرار القضاء على غولان (جماعته) في مجلس الأمن القومي في عام 2004؟

في الاجتماع الذي عقده مجلس الأمن القومي، في شهر آب/أغسطس 2004، تم إعلام الحكومة بقرار “إعداد خطة عمل ضد الجماعة” يوصى به، بعنوان” التدابير التي يتعين اتخاذها ضد أنشطة جماعة فتح الله غولان”.

يقال في قرار مجلس الأمن القومي، أنه لمنع” نشاطات النوريين والنشاطات التابعة لمؤسسات جماعة فتح الله غولان”، “فإنه ينبغي القيام بتنظيمات قانونية تنزل عقوبات صارمة، كما ينبغي إعداد خطة عمل”. يوجد تحت قرار مجلس الأمن القومي بتاريخ 25 أغسطس 2004 توقيع الرئيس التركي في الفترة تلك أحمد نجدت سيزر، ورئيس الوزراء رجب طيب أردوغان، ورئيس الهيئة العامة لأركان حلمي أوزكوك، ووزير الخارجية عبد الله جول، بالإضافة إلى وجود تواقيع خمسة وزراء مختلفين. كما قام كل من إيتاش يالمان عضو مجلس الأمن القومي، وأوزدان أورنيك، وإبراهيم فيرتينا، وم. شانار أرويجور بالتوقيع على نفس الوثيقة.


http://www.taraf.com.tr/haber/gulen-i-bitirme-karari-2004-te-mgk-da-alindi.htm

 

التعليق:

في إرساء الديمقراطية في تركيا وفي الطريق إلى الانتقال إلى النفوذ الأمريكي قامت أمريكا باستغلال كلٍّ من جماعة غولان وحزب العدالة والتنمية وقامت بتصفية الموالين للإنجليز. والآن تقوم بالتصفية العميقة للجماعة بيد حزب العدالة والتنمية.

ومن المعروف أن هناك صراعًا قد اشتعل فتيله في الأسابيع الأخيرة في تركيا بين حزب العدالة والتنمية وبين جماعة غولان. وتم تصوير اشتعال الصراع للجمهور بأنه يعود لقرار رئيس الوزراء أردوغان بإغلاق مراكز التدريس التابعة للجماعة. في حين أفاد بعض المعلقين أن ذلك لم يكن السبب الرئيسي وراء هذا الصراع، بل السبب الحقيقي هو رفضها لمشاركتها في السلطة. فما هو السبب الرئيسي وراء الصراع الذي لا زال مستمرا بشكل واضح اليوم بينما لم يعش حزب العدالة والتنمية والجماعة أي صراع حتى الآن ولا بأي شأن، خلاف ذلك فهما تساندان بعضهما البعض؟ وما القصد من توقيع حزب العدالة والتنمية على القرار الذي تم اتخاذه في مجلس الأمن القومي حول القضاء على جماعة غولان ومنع نشاطاتها، ولكن مع عدم السعي لتنفيذه؟ بالإضافة إلى ذلك، فإن الأمر الأكثر أهمية هو: ما قصد حزب العدالة والتنمية من السعي اليوم لتنفيذ خطة القضاء على الجماعة؟

قبل القيام بجميع هذه الاستعراضات فإنه من الجيد أولا العودة إلى تاريخ تركيا السياسي بإيجاز: إن جمهورية تركيا هي دولة تم تأسيسها بدعم الإنجليز بعد هدم دولة الخلافة. وكان النفوذ السياسي الإنجليزي على مدى سنوات عديدة هو القوة المهيمنة في تركيا. ومع تمكن أمريكا من إحضار رجالها إلى الحكم في بعض الفترات أمثال (عدنان مندري، وتورغوت أوزال) إلا أن النظام حافظ على وجوده كنظام تهيمن عليه الذهنية الإنجليزية. إلى أن تمكن رجب طيب أردوغان من إظهار نفسه في السياسة كعمدة بلدية ثم خلال تلك الفترة تأسس حزب العدالة والتنمية وحتى ذلك الوقت لم تكن أمريكا قد بسطت نفوذها على السياسة في تركيا بشكل كامل. ولكن عقب تأسيس حزب العدالة والتنمية واستيلائه على السلطة وحده، بدأت أمريكا بترسيخ نفوذها السياسي في تركيا بطريقة مخططة.

ولما رأت أمريكا إمكانية التخلص سواء بانقلاب عسكري أو بخطط سياسية أخرى من الرجال الذين حملتهم إلى السلطة، فقد سعت هذه المرة ليس إلى الحصول على النفوذ من خلال رجل واحد بل ترسيخ نفوذها عبر تغيير وتحويل النظام وقد حققت مساعيها في ذلك حتى الآن. وبدأت بزيادة رجالها في السلطة بذريعة التحول إلى الديمقراطية والعمل لدخول تركيا الاتحاد الأوروبي، وقد أظهرت بكل وضوح عدم سماحها للتكتلات العميقة.

ففي البداية قام حزب العدالة والتنمية بتدمير بنية العصابات التي تستخدمها القوى العميقة ثم الزج بهم في السجون. لذلك فقد قام بالتخلص من تأثير هذه العصابات وزعمائها حتى لا يتعثر في طريقه بالحصى. ثم قام باتخاذ خطوات جديدة في إطار التكيف مع قوانين الاتحاد الأوروبي، مما ساعد على بدء المحادثات لأول مرة حول إدخال تركيا في الاتحاد الأوروبي. في جميع هذه العمليات كان حزب العدالة والتنمية وأردوغان بحاجة إلى دعم الموظفين المدربين والجمهور العام، فضلا عن الدعم الكبير من وسائل الإعلام. وقد قامت أمريكا بتوفير هذا الدعم كله بجماعة غولان، وضمنت بقاء حزب العدالة والتنمية في السلطة لسنوات عديدة.

خلال هذه العملية قامت بالكشف عن البنى العميقة الإنجليزية القومية في تركيا واحدة تلو الأخرى. وبينما كانت تقوم بذلك فقد تركت كلا من الشرطة والقضاء خلف دعم الجماعة. وكانت وسائل الإعلام وراء حزب العدالة والتنمية بطريقة لا تقبل الجدل بدعاية أمريكية مكثفة. ولكن بالطبع فإن الجماعة خلال هذه الفترة بدأت تصبح فعالة في كل من الحكم والأمن والقضاء. فلم تكن تركيا التي تعد نموذجا للشرق الأوسط تحرم من أي شيء، فبينما تعيش أمريكا وأوروبا في أزمة اقتصادية مرت تركيا من التأثر بتلك الأزمة. وبطبيعة الحال فقد استفادت الجماعة وبالحد الزائد من هذه الرفاهية الاقتصادية التي تم توفيرها لتركيا. مثل سائر القابضات والشركات المصلحية. مما أدى إلى نمو هذه الجماعة وتقدمها اقتصاديا وإنشائها بنيات داخل مؤسسات الدولة.

إن نمو الجماعة بهذا الشكل وإنشاءها الكثيف للبنيات الخاصة داخل مؤسسات الدولة يتعارض مع السياسة الأمريكية لتركيا. فأمريكا كانت تسعى إلى تأسيس نظام للتحكم بتركيا كيفما تشاء ولتحصل على نفوذ في تركيا لسنوات عديدة مهما حصل. فقامت بإعداد هذا النظام بالنموذج التركي وهي الآن تنضجه. ولكن الجماعة تتوجه إلى هيكلة تتعارض مع هذا النظام. فكيفما أن التحزبات العميقة من الموالين للإنجليز القوميين مثل الآرجنيكون كانوا يزعجون أمريكا ولا يقبلون وجود النفوذ الأمريكي، كذلك فإن أمريكا الآن لا تثق بالبنيات العميقة المعقدة للجماعة بالشكل نفسه.

ولهذا السبب، فإن الصراع المتواصل بين أردوغان وجماعة غولان ليس صراعًا على مراكز التدريس. وفي الوقت نفسه، فهو ليس صراعًا على تقاسم السلطة أيضا. لأن الجماعة ليس بإمكانها القيام بأي شيء بشأن الحكم دون حزب العدالة والتنمية وأردوغان. فهذا هو السبب الرئيسي للصراع ولتصفية الجماعة التي قد تحول دون ترسيخ أمريكا لنفوذها السياسي في تركيا بشكل كامل.

فإذا سُئِل عن أي هو الأهم بالنسبة لأمريكا، هل هو الجماعة، أم حزب العدالة والتنمية وأردوغان؟ فإن حزب العدالة والتنمية هو الأكثر أهمية بالنسبة لأمريكا في الوقت الحالي. حتى إنها لا يمكنها التخلي الآن عن حزب العدالة والتنمية. ولكن هذا لا يعني أنها لن تقوم بالتخلي عنهم غدا. فكيفما تتخلى الآن عن الجماعة فقد تتخلى غدا عن حزب العدالة والتنمية.

مع الأسف فإن هذا هو حال جماعات وزعماء المسلمين. فإن أمريكا تستغلهم أولا كيفما تشاء، ثم تقوم بتصفيتهم عندما تنفد صلاحيتهم.

 

 


كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
محمود كار