خبر وتعليق التمسك بالسلطة بأي ثمن هو عنوان السياسة في الديمقراطية
الخبر:
في 25 من تشرين الثاني/نوفمبر 2013م، أعلن رئيس لجنة الانتخابات في بنغلادش عن الجدول الزمني للانتخابات البرلمانية العاشرة، وقال بأنّ يوم الاقتراع سيكون في 5 من كانون الثاني/يناير 2014م. وأعلنت المعارضة التي يقودها حزب الشعب البنغالي – مباشرة بعد هذا الإعلان – عن موجة من المظاهرات والعصيان المدني تستمر 47 ساعة، تم تمديدها إلى 71 ساعة في وقت لاحق.
حزب الشعب يريد أن تُعقد الانتخابات العامة المقبلة في ظل حكومة غير حزبية، ورئيسة الوزراء (الشيخة حسينة) شكّلت مجلسَ وزراء للانتخابات، يتضمن شركاء الائتلاف الحاكم، وحزب رابطة عوامي الحاكم يقول بأن ليس هناك ما يمنع عقد الانتخابات المقررة، بينما المعارضة تقول بأنها ستقاوم الانتخابات من جانب واحد، وبأي ثمن.
التعليق:
يقتل المسلمون المسلمين أو يحرقونهم بالنار هذه الأيام في بنغلادش في وضح النهار، حتى أضحى الأمر ظاهرة عادية، علاوة على قيام غير المسلمين بذلك للحصول على مكتسبات سياسية. لقد تحولت السياسة في بنغلادش إلى “قتل الناس، ثم إلقاء اللوم على الغير”، فأحزاب المعارضة تحاول الحصول على تعاطف الناس بالادّعاء بأنّ أنصار الحزب الحاكم والشرطة بملابس مدنية هم من ألقوا قنابل بدائية على المارة الأبرياء، بينما تُلقي الحكومة اللومَ على أنصار المعارضة في حرق الناس أحياء بالقنابل الحارقة.
لقد قاد حزب الشعب تحالفاً من 18 حزباً في سلسلة من الإضرابات العامة استمرت من 60 إلى 84 ساعة، في الأسبوع الأخير من شهر تشرين الأول/أكتوبر الماضي، والأسبوع الأول والثاني من شهر تشرين الثاني/نوفمبر. وبعد “نجاح” أول جولة تدمير للبلاد، أعلن تحالف الـ18 حزباً عن جولة تدمير ثانية تستمر 72 ساعة، وتبدأ في 30 من تشرين الثاني/نوفمبر، متجاهلين مقتل ما يقرب المائة شخص في الشهر الماضي وحده، نتيجة العنف الذي تخلل هذه البرامج السياسية.
وفي الوقت الذي يُقتل فيه الناس، وتخرب الممتلكات، يجري تسوية مستقبل بنغلادش في واشنطن. فقبل بضعة أسابيع زار ستيف شابوت (رئيس اللجنة الفرعية) بنغلادش، وفي 20 من تشرين الثاني/نوفمبر، عُقدت جلسة استماع بشأن المأزق السياسي في بنغلادش، جمعت اللجنة الفرعية لآسيا والمحيط الهادئ في الكونغرس الأمريكي. وقد قال شهود في جلسة الاستماع أن الائتلاف الحاكم هو المسؤول عن الأزمة السياسية بإلغائه حكومة تصريف أعمال الانتخابات من خلال تعديل الدستور. وبالنسبة لمناقشة مستقبل البلاد، فقد اتُفق على أن يتجه الحزب الحاكم للانتخابات دون مشاركة أحزاب المعارضة، وكان الحل المقترح من قبل اللجنة هو تأجيل الانتخابات لمدة ثلاثة أشهر على الأقل، مع اختلاف على طريقة التأجيل. وفي اليوم نفسه، قالت نيويورك تايمز في افتتاحيتها: “… قد تواجه بنغلادش الضغوط، بما في ذلك فرض عقوبات عليها من المجتمع الدولي”. ومن المثير للاهتمام، أنّ خالدة ضياء (رئيسة حزب الشعب) كتبت مقالاً في صحيفة واشنطن تايمز، في 30 من كانون الثاني/يناير 2013م، حثّت فيه الولايات المتحدة على المساعدة، حيث قالت: “لقد حان الوقت لأن يعمل العالم، بقيادة أمريكا، لضمان حفظ الديمقراطية في بنغلادش… وأقترح أن تُفرض عقوبات على سفر حسينة، والوفد المرافق لها”.
إنّ كلاً من حزب الشعب البنغالي وحزب رابطة عوامي يصرّ على إثبات وقوف القوى الأجنبية في صفه. وقد حظيت جلسة الكونغرس الأمريكي، ومباحثات أوباما ومانموهان بشأن قرارات البرلمان الأوروبي فيما يتعلق بقضية الانتخابات البنغالية، بتغطية إعلامية مكثّفة، وأشغلت العديدَ من وسائل الإعلام الدولية. وعندما طفت مؤخراً خلافاتُ الولايات المتحدة والهند بشأن الانتخابات في بنغلادش على السطح، لم يتردد العديد ممن يسمون “ساسة” في الادّعاء بأنّ الولايات المتحدة ستحمي بنغلادش من أي عدوان هندي محتمل، وكأنهم يخيّرون الناس في السكين التي سيذبحون بها!
إنّ السياسة في بنغلادش الآن تدور حول زيارات “كبار الشخصيات الأجنبية”، فوزير الخارجية الهندي (سوجاتا سينغ)، والأمين المساعد للأمم المتحدة لشئون وسط آسيا (أوسكار فرنانديز تارانكو)، ووزير الخارجية البريطانية والكومنولث (سعيدة وارسي)، سيزورون بنغلادش بين 4 و12 من كانون الأول/ديسمبر، وتعتبر هذه الزيارات الجولة الأخيرة من “الوساطة” أو “التسوية التفاوضية” للنقل السلمي للسلطة. أما الرأي العام في بنغلادش فيتم توجيهه نحو الأمل في أن تَحُلَّ القوى الأجنبية الأزمةَ السياسية، فالناس يتوقعون أنّ مشكلة الانتخابات في بنغلادش ستُحل تلقائياً بمجرد أن تُحل الخلافات بين الولايات المتحدة والهند.
إنّ الديمقراطية الآن تحتضر على سرير الموت، ولكن سكرات موتها تجلب الهلاك والدمار للناس. ففي هذا النظام الديمقراطي، تُبرر عمليات القتل وتدمير الممتلكات بضرورتها للوصول إلى السلطة أو البقاء فيها، وفي هذا النظام تحاول الأحزاب السياسية إقناعَ القوى الأجنبية بالتدخل في شئون البلاد باسم إنقاذ الديمقراطية.
إنّ الانتخابات التي تجري كل خمس سنوات تتيح للقوى الأجنبية التحكمَ بأداء الأحزاب السياسية وولائها لها، في الوقت الذي تسعى فيه الأمة للتحرر من براثن القوى الأجنبية وعملائها، ولدفن الديمقراطية من أجل إعادة الحكم بالإسلام، ونشر الخير. فالحكم بالإسلام هو وحده ما سيحل النزاعات بين المسلمين ويوحد صفوفهم، ويزيل هيمنة الأجنبي في جميع مجالات الحياة، ويضمن رعاية شئون الأمة.
﴿… فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ [سورة الأنفال:1]
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
محمد حسن الريان
عضو في حزب التحرير / بنغلاديش