خبر وتعليق الأردن بلد الأمن والأمان
الخبر:
عُثر على جثة فتاة عشرينية تدرس الشريعة في جامعة “آل البيت”، داخل مجمع الباصات في مدينة الزرقاء الأردنية صباح الثلاثاء 3/12/2013م، وقد تعرضت للطعن في مناطق متفرقة من جسدها وتوفيت على أثرها، ثم تابع القاتل على تقطيع وجهها لغايات إخفاء معالمها. [وكالات أنباء أردنية]
التعليق:
إن هذه الجريمة النكراء البشعة التي استفاق عليها أهل الأردن هزت الرأي العام وهزت نظامه ومؤسساته وأركانه، وأن ما يشاع أن الأردن بلد الأمن والأمان والذي غَرّرَ النظام الأردني به العالم العربي والعالم أجمع ما هو إلا أكذوبة، وإن الناظر إلى ما يمر به الأردن من جرائم قتل واغتصاب ونزاعات عشائرية وعنف جامعي وعنف أسري، والخلافات في المحاكم التي تمتد لعشرات السنوات، وانتشار الرذيلة والمخدرات، ليجد أنه نقيض لما يشاع بأنه بلد الأمن والأمان في المنطقة بل والعالم.
إن صورة وواقع الأمن والأمان الذي يروج له النظام الأردني وأنه ليس كغيره من الدول التي تنتشر فيها المظاهر المسلحة والسطو والعصابات والقتل والمخدرات والاغتصاب والحروب والنزاعات وعدم الأمن في المسكن، هذه الصورة تتوضح جلياً لدى الناس يوما بعد يوم بأنها أكذوبة.
إن الأمن والأمان في الإسلام مفهوم كبير عظيم يشمل جوانب الحياة ولا يتطرق لجانب مأمن الحماية فحسب، بل يشمل الجانب الاجتماعي والاقتصادي والعسكري والسياسي والنفسي والصحي والأخلاقي والتعليمي والغذائي…
ففي الجانب الاجتماعي حرم الإسلام قتل النفس واعتبرها كبيرة من الكبائر، قال تعالى: ﴿مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا﴾ [المائدة:32]، ورتب على قتل نفسٍ عمداً قصاصاً في الدنيا ووعيداً شديداً في الآخرة، فقال تعالى: ﴿وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا﴾ [النساء:93].
وشدد الرسول صلى الله عليه وسلم على عظم دم المسلم عندما خاطب الكعبة: «مَا أَطْيَبَكِ! وَأَطْيَبَ رِيحَكِ! مَا أَعْظَمَكِ وَأَعْظَمَ حُرْمَتَكِ! وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَحُرْمَةُ الْمُؤْمِنِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ حُرْمَةً مِنْكِ مَالِهِ وَدَمِهِ وَأَنْ نَظُنَّ بِهِ إِلا خَيْرًا».
وفي الجانب العسكري يتحقق الأمن والأمان بأن يكون المسلمون آمنين على أرواحهم وأموالهم وأعراضهم من أي معتدٍ، قائمين بما أوجبه الله عليهم من نشر رسالة الإسلام، قال تعالى: ﴿قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ﴾ [التوبة:29].
وفي الجانب الاقتصادي أوجب على المسلم أداء الحقوق: ﴿إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا﴾ [النساء:53]، وحذر من أكل أموال الناس بالباطل، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ﴾ [النساء:29]، وأكد على الصدقات والزكاة التي هي أمان للفقراء والمحتاجين كي لا يعتدوا على أموال الآخرين حتى يؤمّنوا حوائجهم قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ * لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ﴾ [المعارج:24-25]، وحرم المكاسب الخبيثة المحرمة التي لا تتفق مع الشرع ﴿يَمْحَقُ اللّهُ الْرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ﴾] البقرة:276]، وأكد الإسلام على عقوبة من يسرق أموال الناس قال تعالى: ﴿وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ [المائدة:38]، وحق المسلمين في أمن حقوقهم من المعتدي كائناً من كان، قال رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم: «وايم الله، لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها».
وفي الجانب السياسي من حق الرعية في أن يكونوا آمنين مطمئنين بأن يحكموا بشرع الله «كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْؤول عَنْ رَعِيَّتِهِ، الإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ»، وحقهم بل واجبهم في محاسبة الخليفة والحكام، قال رسول الله عليه الصلاة والسلام : «أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر».
وأكد الإسلام على مأمن المسلم في بدنه وعقله وتوفير الرعاية الصحية له والتطبيب، قال تعالى: ﴿إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ* إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ﴾ [المائدة:90-91].
وحث على مكارم الأخلاق والتحلي بالأخلاق الحميدة، سئل الرسول صلى الله عليه وسلم: أي المؤمنين أفضل إيمانا؟ قال صلى الله عليه وسلم: «إن من خياركم أحسنكم أخلاقًا»، وحرم الخلق الذميم، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ [الحجرات: 11].
وأن يأمن المسلمون وينعموا بالتعليم الذي ينفعهم؛ وذلك لإجماع الصحابة على إعطاء رزق المعلمين قدراً معيناً من بيت المال أجراً لهم، ولأن الرسول عليه الصلاة والسلام جعل فداء الأسير من الكفّار تعليم عشرة من أبناء المسلمين، وبدل فدائه من الغنائم، وهي ملك لجميع المسلمين.
وأكد الإسلام على توفير المأكل لكل الناس وإشباعهم فرداً فرداً، قال تعالى: ﴿كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا للهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ﴾ [البقرة: 172]، وحرم أن يبيت المسلم وجاره جائع، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أيما أهل عرصة أمسوا وفيهم جائع فقد برئت منهم ذمة الله ورسوله»، فكيف المسلمون التي مَنّ الله عليهم في بلادهم بالثروات والأراضي الخصبة وبطونهم خاوية!؟ قال أبو ذر الغفاري رضي الله عنه: “عجبت لامرئ لا يجد قوت يومه كيف لا يخرج على الناس شاهرا سيفه”.
إن الأمن والأمان نعمة عظيمة فعلاً وفق المفهوم الإسلامي وليس وفق مفهوم النظام الأردني وغيره من الأنظمة الوضعية، شامل لجوانب الحياة، جامع لرضا الله في الدنيا والآخرة.
والله نسأل أن يظلنا في دولة الخلافة الراشدة التي نأتَمِنُها على ديننا وأنفسنا وأهلينا وأموالنا وأعراضنا وأراضينا وأموالنا.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
عناد طهبوب