خبر وتعليق حزب النور ضمن جوقة المطبّلين للدستور
الخبر:
كشفت مصادر بحزب “النور”، الذراع السياسي للدعوة السلفية، أن الحزب حسم موقفه من الاستفتاء على الدستور، وهو الموافقة على التعديلات الدستورية التي قامت بها لجنة الـخمسين على دستور 2012 المعطل، والتصويت بـ”نعم” للدستور. وقالت المصادر لـ”اليوم السابع”، إن الدعوة السلفية وحزبها حسما موقفهما بنعم للدستور. [اليوم السابع: 4-12-2013م]
التعليق:
أن يتم وضع دستور للبلاد من لجنة أكبرهم فيها معاقرٌ للخمر، وأصغرهم مشهورٌ باسم “بانجو”، وأوسطهم مخرجٌ لأفلام ساقطة، يدعمه ممثل يطالب بأن يُكتب في الدستور أن هضبة الهرم مصرية لأن حضرته يسكن هناك، وآخر يطالب بأن لا يقال في الدستور أن دين الدولة الرسمي هو الإسلام لأنه خريج الأزهر ويعرف أن الدولة عبارة عن “مبانٍ وطرق”، ثم يطبل ويزمر لهذا الدستور المتهرئ مَنْ هم على شاكلة هؤلاء من العلمانيين وسدنة الانقلاب، فهذا كله أمر منطقي متوقع، مقبول مبرر من منظور هؤلاء، ولكن أن ينضم لجوقة المهللين هذه حزب النور السلفي، الذي سيعمل على حشد أبناء الدعوة السلفية للتصويت بنعم، فهذا هو غير المقبول وغير المبرر.
ورغم أن هذا الدستور المعدَّل لا يختلف عن سابقه الذي عُدِّل في كونه دستور كفر يؤسس لنظام كفر يخالف نظام الحكم في الإسلام – فهو كسابقه يجعل السيادة في الدولة للشعب، يحلل ويحرم ويحسن ويقبح كيفما يشاء، وينزع هذا الحق من الشارع الحكيم سبحانه وتعالى، وهو كسابقه ينطبق عليه حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي رواه عدي بن حاتم الطائي حيث قال: “أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وفي عنقي صليب من فضة، فقال: «يا عدي اطرح عنك هذا الوثن» وسمعته يقرأ في سورة براءة ﴿اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾، قال: «أما إنهم لم يكونوا يعبدونهم ولكنهم كانوا إذا أحلوا لهم شيئا استحلوه وإذا حرموا عليهم شيئا حرموه»” إلا أن المواد التي كان يفتخر بها حزب النور في دستور 2012 والتي أسماها “مواد الهوية” قد تم حذفها، بل إن مندوب الكنيسة شكر المفتي على تنازله عن تقييد المساواة بين الرجل والمرأة بأحكام الشريعة، وما زال هؤلاء يتحدثون عن “إنجازاتهم العظيمة”!!
لا نظن أن حزب النور قد حسم موقفه هذا انطلاقا من القاعدة الشرعية “الأصل في الأفعال التقيد بالحكم الشرعي”، حتى نناقشه في حكم الإسلام أنه لا يجوز الاستفتاء على الدستور ابتداء! فالدستور هو الأحكام العامة التي تبين شكل الدولة وأعمال كل سلطة فيها، والنظام الأساس الذي يُسَيِّر أعمال الناس كلها في جميع المجالات، من اقتصادية واجتماعية وسياسية وغيرها، وهذه كلها قوانين، أي أحكام تحدد أفعال الإنسان، وهذه يجب أخذها من النصوص الشرعية باستنباط صحيح حسب قوة الدليل، وليس حسب أغلبية آراء الناس، فلا يجوز التصويت على أحكام الشرع ابتداءً! قال تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ﴾ [الأحزاب، 36]، فيأثم من يدعو إلى التصويت ويأثم من يذهب ليصوت.
لقد غرق كثير من المسلمين – وللأسف – حتى قمة رأسهم في اللعبة الديمقراطية القذرة، يمارسونها بانتهازية تتضاءل أمامها انتهازية أعتى العلمانيين المكيافيليين، وهي خادعتهم؛ تحقق منهم ما تريد ثم ترمي بهم على قارعة الطريق كما فعلت مع (إخوانهم) الذين كانوا في الحكم، فاعتبروا يا أولي الأبصار!
إننا في حزب التحرير ندعو أهل مصر الكنانة لنبذ هذا الدستور الذي لن يقدم شيئاً ولكنه سيؤخر الكثير!! وندعو لرفضه ورفض التصويت عليه، وليدركْ أبناءُ الأمة جميعًا بما فيهم أبناء الدعوة السلفية أن الدستور الحق الذي يجب أن نستند إليه هو الدستور المستنبط كاملاً من كتاب الله وسنة رسوله وما أرشدا إليه من أدلة، دستور يؤسس لدولة الخلافة الإسلامية، الدولة التي ارتضاها لنا رب العالمين – لا هذا الدستور الملفق الهزلي الذي يكرِّس العلمانية العسكرية في أبشع صورها، ولا الدستور السابق عليه، فكلاهما يؤسسان لدولة علمانية كافرة تفصل الدين عن الحياة والدولة والمجتمع.
﴿وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [الأنعام، 153]
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
شريف زايد
رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية مصر