Take a fresh look at your lifestyle.

مع الحديث الشريف باب الدين يسر وقول النبي صلى الله عليه وسلم أحب الدين إلى الله

نحييكم جميعا أيها في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم “مع الحديث الشريف” ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

جاء في فتح الباري شرح صحيح البخاري لابن حجر العسقلاني بتصرف في ” باب الدين يسر” وقول النبي صلى الله عليه وسلم: “أحب الدين إلى الله الحنيفية السمحة”.

حدثنا عبدُ السلام بنُ مُطَهِّرٍ قال: حدثنا عمرُ بنُ عليٍّ عن معنِ بنِ محمدٍ الغَفَارِيِّ عن سعيدِ بن أبي سعيدٍ الْمِقْبَرِيِّ، عن أبي هريرةَ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إن الدينَ يُسْرٌ ولن يُشَادَّ الدينَ أحدٌ إلا غلبه فسدّدوا وقاربوا وأبشروا واستعينوا بالغَدْوَةِ والرَّوْحَةِ وشيءٍ من الدُلْجَةِ”.

قوله: (باب الدين يسر) أي: دين الإسلام ذو يسر، أو سمى الدين يسرا مبالغة بالنسبة إلى الأديان قبله؛ لأن الله رفع عن هذه الأمة الإصر الذي كان على مَن قَبْلَهُم. ومن أوضح الأمثلة له أن توبة بعضٍ منهم كانت بقتل أنفسهم، وتوبة هذه الأمة بالإقلاع والعزم والندم.

قوله: (أحب الدين) أي: خصال الدين; لأن خصال الدين كلها محبوبة، لكن ما كان منها سمحا – أي سهلا – فهو أحب إلى الله.

قوله: (ولن يُشَادَّ الدينَ إلا غلبه) هكذا في روايتنا بإضمار الفاعل، وثبت في رواية ابن السَّكَنِ وفي بعض الروايات عن الأَصِيْلِيِّ بلفظ “ولن يشاد الدينَ أحدٌ إلا غلبه، والْمُشَادَّةُ بالتشديد المغالبة، يقال شادَّه يُشَادُّهُ مُشَادَّةً إذا قَاوَاهُ، والمعنى لا يتعمق أحد في الأعمال الدينية ويترك الرفقَ إلا عَجِزَ وانقطعَ فَيُغْلَب.

قوله: (فسددوا) أي: الزموا السداد وهو الصواب من غير إفراط ولا تفريط، قال أهل اللغة: السداد التوسط في العمل.

قوله: (وقاربوا) أي: إن لم تستطيعوا الأخذ بالأكمل فاعملوا بما يقرب منه.

 

قوله: (وأبشروا) أي: بالثواب على العمل الدائم وإن قل، والمراد تبشير من عجز عن العمل بالأكمل بأن العجز إذا لم يكن من صَنيعِهِ لا يستلزم نقص أجره، وأَبْهَمَ الْمُبَشَّرَ به تعظيما له وتفخيما.

قوله: (واستعينوا بالغدوة) أي: استعينوا على مداومة العبادة بإيقاعها في الأوقات المنشطة. والغدوة بالفتح سير أول النهار، والدلجة بضم أوله وفتحه وإسكان اللام سير آخر الليل، وقيل سير الليل كله.

يقول الرسول – صلى الله عليه وسلم: “إن هذا الدين يُسر، ولن يُشادَّ الدينَ أحدٌ إلا غلبه”، وهذا يعني أن الذي يريد أن يأخذ الدين بعقله ويتشدد بتطبيقه على نفسه، فقد يعجز ولا يصل إلى ما يريد، فلو قال أنا سأقوم الليل كله بشكل دائم، وسأصوم دون انقطاع، فإنه سيعجز وينتهي حيث بدأ. وأيضا لو ألزم نفسه أن يختم القرآن كل يوم أو كل يومين، فقد يعجز، كذلك لو حرّم على نفسه الشهوات المباحة يكون قد شدد على نفسه، وهذا من المُشادة التي في الحديث. وهنا يغلبه الدين وقد ينقلب على نفسه ويعود إلى الوراء، كما ورد في حديث الرسول – صلى الله عليه وسلم: “اكْلَفُوْا من العمل ما تُطيقون فإن الْمُنْبَتَّ لا أرضاً قَطَعَ، ولا ظَهْراً أبقى” أي الذي يسافر على البعير مسافة طويلة، ثم يواصل السير خمسة أيام أو أكثر، لا أراحَ بعيرَه ولا أراحَ نفسَه، فإنه قد ينقطع به بعيره وسط الطريق ويؤدي إلى موته.

أحبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.