خبر وتعليق وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ
الخبر:
بي بي سي العربية – قال وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري،…. في مؤتمر صحفي عقب لقائه الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، في الضفة الغربية، أن (إسرائيل) ستفرج عن المزيد من السجناء الفلسطينيين في نهاية شهر ديسمبر/كانون الأول الجاري.
وقال: “ليس هناك أي تعديل في الآجال، وسيفرج عن الدفعة الثانية من السجناء في التاسع والعشرين من ديسمبر/كانون الأول”.
التعليق:
بعد أن كانت السلطة الفلسطينية في رام الله قد أكدت أنّ قرار الإفراج عن الدفعة الثالثة من الأسرى الفلسطينيين والذي كان من المفترض أن يتم في نهاية الشهر الحالي قد تأجل لمدة شهر بقرار أمريكي، وأكدت ذلك أيضا صحيفة معاريف بقولها أن وزير الخارجية الأمريكي جون كيري هو الذي قرّر إرجاء الإفراج عنهم. ها هو كيري يعود ويؤكد أن الإفراج عن السجناء سيكون “في التاسع والعشرين من ديسمبر/كانون الأول”.
إذن فقد بات واضحا لكل ذي عينين أن أمريكا هي التي تتصرف في شأن أهل فلسطين وتقرر مصائرهم وفق مصالحها أولا ثم مصلحة ربيبتها دولة يهود، وأن قيادات السلطة ووسطها السياسي قد باعوا دينهم من أجل رتب فخرية لا قيمة لها، ومناصب وهمية لا وزن لها، منحتهم إياها أمريكا لتشتري ذممهم، فتصول وتجول، وتخطط وتقرر، على هواها دون حسيب أو رقيب، ومن ثم تأمر رجالات السلطة فيأتمرون وينفذون.
إذا كانت هذه حال قيادات السلطة، وكما رأينا رأي العين، والشواهد كثيرة تكاد لا تحصى، أنهم أسلموا أمرهم لسيدتهم أمريكا، ولم يعد هناك طائل من نصحهم، فما بال أهل فلسطين يسكتون أو يرضون بأن تكون حلول مشاكلهم في يد أمريكا، وتكون مصائرهم في يدها، بل الأدهى والأمر أن هناك من لا يتصور حلا لقضية فلسطين، ولا لمشاكل أهل فلسطين بدون أمريكا، أو في معزل عن كيان يهود!.
يا أهل فلسطين: أليست هذه أمريكا عدوة الله ورسوله وعدوتكم التي قال الله سبحانه وتعالى فيها وفي يهود: ﴿وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ …. ﴾، ثم حذرنا سبحانه من اتباعهم في الآية نفسها فقال: ﴿…. قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ﴾، وحذرنا عز وجل في موضع آخر من القرآن الكريم فقال: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ… ﴾ ثم عقب في الآية نفسها متوعدا من يتولاهم منا فقال: ﴿…. وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾، وقال ﴿وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاء ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ﴾، ثم إن كل ما تنفقه أمريكا والغرب الكافر من أموال وجهود ليس الغاية منه مصلحتكم أو مصلحة قضيتكم أو مصلحة الإسلام، إنما ينفقونها ليصدوا عن سبيل الله، وهذه حقيقة قرآنية قطعية قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ اللَّهِ…. ﴾، وأكثر من ذلك فقد قطع القرآن الكريم أن أمريكا والغرب ويهود لا يرجون لكم ولو شيئا من شيء من الخير، قال تعالى: ﴿مَّا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلاَ الْمُشْرِكِينَ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْكُم مِّنْ خَيْرٍ مِّن رَّبِّكُمْ…. ﴾، وقال: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ يَشْتَرُونَ الضَّلاَلَةَ وَيُرِيدُونَ أَن تَضِلُّواْ السَّبِيلَ﴾.
فهل بعد كل هذه الحقائق القرآنية، بقي لأحد من أهل فلسطين، بل من المسلمين، أن يأمن جانب أمريكا ومكرها وخبثها، فضلا عن أن يرجو الخير منها، وينتظر حلولا لمشاكله وقضاياه من قبلها؟
كلا والله، بل إن خير الكلام كلام الله سبحانه وتعالى، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وهذه سنته عليه الصلاة والسلام بين أيديكم فعضوا عليها بالنواجذ، واهتدوا بها في حل كافة مشاكلكم، بإقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، ففيها عزكم ونهضتكم، وبها تقهرون عدوكم.
﴿وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ وَكَفَى بِاللَّهِ وَلِيًّا وَكَفَى بِاللَّهِ نَصِيرًا﴾
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
محمد عبد الملك