خبر وتعليق مسلمو أفريقيا الوسطى لا بواكي لهم
الخبر:
قالت صحيفة واشنطن بوست أن العشرات من المسلمين ساروا في شوارع بانجي أمس للمطالبة برحيل القوات الفرنسية، التي انتشرت في أفريقيا الوسطى الشهر لتهدئة القتال، ولكن بدلا من ذلك فقد اتهموا بالتحيز في الصراع الطائفي في البلاد. وتابعت الصحيفة أن المتظاهرين، جميعهم تقريبا من الذكور والشباب، وبدأت مظاهرتهم في حي الكيلومتر5، وكانت المظاهرات في العاصمة التي يسكنها المسلمون والتي كانت أيضا مسرحا للقتال والاشتباكات مع القوات الفرنسية. وأضافت أن ما حدث يعتبر نقطة تحول بالنسبة لأكثر من 1,600جندي فرنسي عندما أرسلوا لأفريقيا الوسطى، واستقبلهم الجمهور هناك بالهتافات ورسائل الترحيب وتحول ذلك إلى رفض وتظاهرات منددة ومطالبة بالطرد من أراضيهم.
وذكرت الصحيفة أن المسلمين في أفريقيا الوسطى اتهموا القوات الفرنسية بنزع السلاح من المقاتلين المسلمين وتجاهلوا الميليشيات المسيحية الذين تسللوا إلى المدينة، وقاموا بتنظيم الهجمات على المساجد والأحياء التي يعيش فيها المسلمون، متابعة أن الحشود أخذت في شق طريقها أسفل شوارع المدينة حاملين لافتات مكتوبا عليها “نحن نقول لا لفرنسا”، “هولاند كذاب”.
التعليق:
يعيش في أفريقيا الوسطى حوالي 5 مليون نسمة، 20% منهم مسلمون، وغالبا نسبتهم أكبر، كعادة الدول الاستعمارية ومن لف لفهم في عدم التصريح بأعداد المسلمين الحقيقية حيثما وجدوا هضمًا لحقوقهم وحطًّا من شأنهم حتى عدديا. يجاورها من جهة الشمال الشرقي السودان ومن الشرق ما يسمى بدويلة جنوب السودان ومن الشمال تشاد، وهذا جوار إسلامي خالص لو لم يفصل شمال السودان عن جنوبه عبر اتفاقية نيفاشا المشؤومة. لقد خرج المستعمر الفرنسي شكليا في عام 1960 ولكنه ما زال يسيطر على الأوضاع حتى الآن كما يبدو. فالمتتبع لسير الأحداث من بدايات تحرك ما يسمى بتجمع سيليكا المعارض القادم من الشمال المسلم يلاحظ مباركة المستعمر الفرنسي وأتباعه في الحكومة التشادية والتجمع الاقتصادي لوسط وغرب أفريقيا لتحركاته بل ومساندته معنويا وفعليا.
فقد صرح رئيس الوزراء الفرنسي في بدايات التمرد بأن ما يحدث شأن داخلي وفرنسا لن تتدخل. وكانت القوات التشادية المتواجدة في البلد والداعمة للرئيس السابق بوزيزيه تنسحب دون مقاومة أمام قوات حركة سيليكا وتسلمهم المدينة تلو الأخرى، فدخل المتمردون العاصمة في آذار/مارس 2013، وعزلوا الرئيس، وعينوا حكومة جديدة. وقد أدى الرئيس الجديد القسم بحضور ومباركة رئيسي تشاد والكونغو، وقام بنزع سلاح من أيّدوه وقاتلوا معه بالأمس وأعادهم لثكناتهم لم ينالوا شيئا! ثم طلب من فرنسا مساعدته لترتيب الأوضاع المضطربة وسمح بدخول عدد أكبر من القوات الفرنسية. أما الرئيس السابق فقد هرب أولا إلى الكونغو، والرئيس الفرنسي عالم بذلك كما صرح، ثم انتقل بعدها ليعيش في فرنسا! أما المسلمون هناك فقد بدأت عصابات النصارى المسنودة من الجيش الفرنسي الحاقد، المتعطش لدماء المسلمين تعمل فيهم القتل والتنكيل وتخرجهم من ديارهم.
فمن لأطفال ونساء وضعفاء أفريقيا الوسطى وقد باعد عمر البشير بينهم وبين إخوانهم في شمال السودان، وأسلم إخوانهم في جنوبه للنصارى وعباد الحجر والشجر؟ وهل ينتظرون النصرة من إدريس ديبي رئيس تشاد وهو يتآمر عليهم مع أسياده الفرنسيين؟ لقد أجرم البشير والحركة الإسلامية في السودان بحق مسلمي أفريقيا، القارة المسلمة، جرمًا كبيرًا بقطعهم للتواصل الطبيعي بين أفريقيا جنوب الصحراء والعالم الإسلامي في شمالها بإنشائهم لكيان دويلة جنوب السودان الفاقد لمقومات الدولة بالكلية. وما زال البشير وزمرته سادرين في غيِّهم بإصرارهم على مدِّ هذا الكيان بأسباب الحياة كلما أوشك على الانهيار، وكأني بهم يرددون قول فرعون ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد!
اللهم كن لمسلمي أفريقيا الوسطى عونًا وسندًا واحفظهم في أنفسهم وأموالهم وأولادهم ومكّن لعبادك الأتقياء الأنقياء من حملة راية العقاب في الأرض لينشروا العدل ويرفعوا الظلم في خلافة راشدة ثانية يرضى عنها ساكنو السماء والأرض.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أبو يحيى عمر بن علي