Take a fresh look at your lifestyle.

خبر وتعليق دستور تونس خيانة للثورة في ذكراها الثالثة


الخبر:

ذكر موقع “الحياة اللندنية” الجمعة ٣ يناير ٢٠١٤ خبرا جاء فيه: “بدأ المجلس الوطني التأسيسي المصادقة على دستور تونس الجديد الذي صاغه المجلس المنبثق عن انتخابات 23 تشرين الأول/اكتوبر2011.

ويفترض الانتهاء من المصادقة على الدستور قبل إحياء الذكرى الثالثة لـ”الثورة” التي أطاحت في 14 كانون الثاني/يناير 2011 بنظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي.

كما ذكر موقع”الشرق الأوسط” “وشهدت جلسة أمس نقاشا حول تسمية الدستور الجديد، وخضعت الفقرة الثالثة من مشروع الدستور لنقاشات حادة بشأن اعتماد عبارة «تأسيسا على تعاليم الإسلام»، واستبدلت بها في النهاية عبارة «تعبيرا عن تمسك شعبنا بتعاليم الإسلام». وحظيت الصيغة الثانية بموافقة 168 صوتا، فيما رفض الصيغة 11 نائبا، وامتنع سبعة نواب عن التصويت. ويعود الاختلاف حول هذه الفقرة من الدستور إلى خشية الأحزاب الليبرالية واليسارية من تمرير مشروع الدولة الدينية، والتراجع التدريجي عن مشروع الدولة المدنية”.

 

التعليق:

إن الإسلام باعتباره مبدأ للدولة والمجتمع والحياة جعل الدولة والحكم جزءاً منه، وأمر المسلمين بأن يقيموا الدولة والحكم، وأن يحكموا بأحكام الإسلام. وقد نزلت عشرات الآيات في القرآن الكريم في الحكم والسلطان تأمر المسلمين بالحكم بما أنزل الله. قال الله تعالى: ﴿فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ﴾، وقال: ﴿وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ﴾، وقال: ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ﴾، وقال: ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾، وقال: ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾، وقال: ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾، وقال: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ﴾، وقال: ﴿وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ﴾. وغيرها عشرات الآيات المتعلقة بالحكم من حيث هو حكم وسلطان، وهناك الآيات الكثيرة الدالة على تفصيلات حوادث الحكم. فهناك آيات التشريع الحربي، والتشريع السياسي، والتشريع الجنائي، والتشريع الاجتماعي، والتشريع في المعاملات وغير ذلك من التشريعات. قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةًَ﴾، وقال: ﴿فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ * وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ﴾، وقال: ﴿وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ﴾، وقال: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ﴾، وقال: ﴿وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾، وقال: ﴿وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ﴾، وقال: ﴿وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ﴾، وقال: ﴿فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآَتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ﴾، وقال: ﴿لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آَتَاهُ اللَّهُ﴾، وقال: ﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ﴾.

لذلك فإن دستورا لا ينص على أن المصدر الوحيد لتحديد شكل الدولة، وتشريع القوانين التي تضبط سلوك الناس، وتنظم علاقاتهم الداخلية والخارجية، هو الإسلام، بل إن دستورا يخشى واضعوه من مجرد الإتيان على ذكر الإسلام فيه، ولو بعبارات باهتة واهية لا تؤثر في الدستور ولا في القوانين المنبثقة عنه، وفوق ذلك فإن هذا الدستور الذي يصر الذين تولوا كِبَرَهُ على أن يجعلوا الدولة دولة مدنية ديمقراطية، تفصل الإسلام عن الحياة، وتنحيه جانبا عن الحكم.

إن دستورا هذه حاله لهو خيانة لثورة تونس في ذكراها الثالثة، وخيانة لأهلها الذين ضحوا بأموالهم وأنفسهم، من أجل الخلاص من حقبة بن علي العلمانية وظلمها، ليجدوا أنفسهم قد تخلصوا من بن علي، لكن بقيت العلمانية رابضة على صدورهم، بكفرها وظلمها، ونهبها لثرواتهم، وسلبها لمقدراتهم، وعجزها، بل وفقرها عن حل مشاكلهم.

ألم يأن لأهل تونس، أن يدركوا أن خلاصهم مما هم فيه من أزمات سياسية واقتصادية، ولما هم فيه من فقر وضنك حياة، ولما هم عليه من اكتواء بنار العلمانية والديمقراطية؛ لن يكون إلا بالإسلام، لن يكون إلا في ظل دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة.


﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ * وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾.

 

 


كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
محمد عبد الملك