خبر وتعليق كيف يمكن لجماعة إسلامية أن تكون طرفا في صراع قذر على المصالح؟
الخبر:
قالت المؤسسات الإسلامية أنها تقف إلى جانب الحكومة!
عقد العديد من ممثلي المؤسسات غير الحكومية الإسلامية وقادة الرأي مؤتمرًا صحافيًا مشتركًا حول آخر التطورات على الساحة. وقد انضم إلى الاجتماع الذي أقيم في مركز علي أميري الثقافي الكاتب والصحفي عبد الرحمن ديليباك، ومدير وقف İHH للمساعدات الإنسانية بولينت يلديرم، والمدير العام لأوزغور – دار رضوان كايا، ومدير وقف الثقافة والتعليم للأبحاث جواد أوزكايا، ورئيس المجلس الاستشاري للمنصة العائمة في الأناضول رمضان كايان. حيث أعرب ممثلو المؤسسات غير الحكومية الإسلامية وقادة الرأي عن وقوفهم إلى جانب الحكومة في الصراع الدائر بينها وبين الجماعة. وفي المؤتمر الصحفي المشترك الذي عقدوه قاموا بتوجيه دعوة إلى فتح الله غولان للعودة إلى البلاد.
التعليق:
كما هو معروف فقد كانت هناك تطورات مهمة تتعلق بالسياسة الداخلية في تركيا في الشهر الماضي. إن السياسات الأمريكية التي قدمت الدعم لحزب العدالة والتنمية في انتخابات 2001 العامة قد بنت جدرانًا سميكة بين الحكومة وجماعة فتح الله غولان (حركة الخدمة) التي عملت إلى جانب حزب العدالة والتنمية لترسيخ السياسات الأمريكية في تركيا. إن حزب العدالة والتنمية وحركة فتح الله غولان اللتين لم تتفقا ودخلتا في صراع على بعض المصالح المتعلقة في السياسة الداخلية خلال السنتين ونصف الماضية، قد وصلتا في الشهر الماضي إلى مرحلة لا عودة منها للصراع بحيث تحول إلى تصفية حساب وعداء. فقد قام فتح الله غولان بتوجيه اتهامات خطيرة جدا ضد حزب العدالة والتنمية ورئيس الوزراء، وفتح تحقيقات فساد داخل الشرطة والقضاء أدت إلى اعتقال العديد من الأشخاص بمن فيهم بعض أبناء الوزراء. ولكن هدف الجماعة الأصلي كان التمكن من فتح تحقيق حول رئيس الوزراء. وقد رد رئيس الوزراء أردوغان بالمقابل باتخاذ قرارات هامة ضد فتح الله غولان وحركة الخدمة، بحيث حول العاملين في الشرطة والقضاء من الموالين لحركة فتح الله غولان إلى وظائف غير مؤثرة. كما ادعى في الوقت نفسه أن تكون عمليات مكافحة الفساد التي قامت بها الجماعة على علاقة مع قوى أجنبية (مثل إسرائيل – الموساد – الولايات المتحدة – أوروبا)، وأن حركة فتح الله غولان بمثابة أذناب للقوى الأجنبية.
ففي صراع المصالح والتبجح هذا قد انقسم المجتمع إلى قسمين تقريبا. وقد اختار البعض أن يكونوا أنصارًا لحزب العدالة والتنمية. أما البعض الآخر فقد رأى أن حركة الخدمة هي المحقة. وبهذا الشأن ظهرت المؤسسات غير الحكومية والجماعة الإسلامية في تركيا في موقف الداعم لحزب العدالة والتنمية. وبينما أعربت عن وقوفها إلى جانب حزب العدالة والتنمية بهذا الشأن إلا أنها أعلنت بصراحة وقوفها إلى جانب الإرادة الوطنية والقيم الديمقراطية. إن جلّ المؤسسات غير الحكومية هذه عُرفت سابقا بالحركات الأصولية. إن هذه الحركات التي كانت سابقا قبل 15 سنة تقريبا تنظر إلى الديمقراطية على أنها نظام كفر والتي كانت تصف العلمانية بالإلحاد، أصبحت حاليا تدعم حزب العدالة والتنمية الذي يعد حزبًا ديمقراطيا يخدم السياسات الأمريكية في تركيا ويدعم الاستعمار في الشرق الأوسط. والأكثر من ذلك فإنهم على الرغم من مشاهدتهم للصراع الساخن بين حركة فتح الله غولان وحزب العدالة والتنمية اللذين كانا قد أقاما صداقة مصطنعة من أجل المصالح السياسية ومن ثم تحولا إلى عدوّان عند تضارب مصالحهما، إلا أنهم (أي تلك المؤسسات) يعملون الآن لكي يصبحوا شركاء في تجمع المصالح ذاته والاستفادة في المستقبل من الإمكانيات والفرص السياسية لحكومة حزب العدالة والتنمية. ولكن أليس ما كان ينبغي أن يقوموا به هو دعوة كل من حزب العدالة والتنمية وحركة فتح الله غولان إلى الصواب، والعمل على إقامة صداقة مبنية على الحق بينهما؟
إن هذه المؤسسات غير الحكومية تدرك جيدا أن الولايات المتحدة استغلت كلاً من حزب العدالة والتنمية وحركة فتح الله غولان لتسهيل عملياتها الاستعمارية، وإبعاد المسلمين عن الإسلام الصحيح ودفعهم لتبني مفهوم إسلامي على النمط الغربي. هو حزب وفر لهم الفرص من الذين يتحينون الفرص فعلا، يعني أن الولايات المتحدة استغلتهم لمصالحها الشخصية، والآن فإن الولايات المتحدة تقف بعيدا وتشاهد هذا الصراع الذي لا يليق بالمسلمين وتستمتع به.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
محمود كار